كتب – روماني صبري 
 
وقعت الكاتبة المغربية "نعيمة البزاز" في نوبة اكتئاب شديدة منذ سنوات، وعلى إثر ذلك قررت الانتحار في 7 أغسطس 2020 ، لتودع الحياة وهي في عمر السادسة والأربعين، ليعرف الحزن العميق محبيها، حيث يعد موتها خسارة كبيرة للمجال الأدبي، كونها كاتبة محترفة،  كانت أصابت نجاحا كبيرا في كتابة الروايات والمقالات وإلقاء المحاضرات، تطرقت في أعمالها للكثير من المشاكل في الحياة، ففي رواية "الطريق إلى الشمال" تتحدث عن رجل عاطل عن العمل، مغربي الجنسية يقرر الهجرة إلى هولندا، ويسعى للتكيف مع ظروف الحياة في البلد الجديد، وفي "عشيقة الشيطان"، تترجم اكتشاف فتاة للعالم، حيث تخوض مغامرات جديدة إلى جانب "المحرمة" في المجتمعات المحافظة كما يسمونها، أما في "خدمة الشيطان"، فتتحدث عن مجتمع الجيل الثاني من المهاجرين المغاربة في هولندا وكيف يستحيل الصراع بين ثقافتين إلى عنف وكراهية، فيسكن الحزن والبؤس هؤلاء المهاجرين، وفي "المزيد من نساء فينكس"، تتناول العادات والخيانات والأكاذيب والزيف في منطقة فينكس التي عاشت فيها في هولندا.
ابنة مكناس  
في الثالث من مارس عام 1974 ولدت البزاز في مدينة مكناس بالمغرب، وعندما بلغت الرابعة من العمر ذهبت إلى هولندا مع عائلتها للحياة هناك، حصلت على شهادة النجاح في الثانوية، والتحقت  بالجامعة لكنها انسحبت في وقت ما لتبدأ مسيرتها المهنية في التأليف.
كروننبرج يقدم لها يد العون 
ذات يوما وهي تلقي محاضرة، التقت الكاتب إيفون كروننبرج الذي جعلها على اتصال مباشر بدور نشر محلية في هولندا، استطاعت البزاز، جراء ذلك من نشر كتابها الأول بعنوان الطريق إلى الشمال، طرح  هذا الكتاب عام 1995 وحصلت نعيمة بفضله على جائزة محلية في هولندا تمنح لمؤلفي أدب الأطفال أو الشباب الذين يركزون على أطفال الأقليات في هولندا. 
على قائمة الأكثر كتبا جدلا ومبيعا 
طرحت روايتها الثانية عام 2002 بعنوان عشيقة الشيطان، لتصبح بعدها من أكثر الكتب مبيعا ضمن قائمة الكتب التي صدرت في تلك السنة في هولندا، زادت شهرة هذه الرواية بعدما أثارت غضب عدد من المسيحيين والمسلمين لاسيما رجال الدين من الطرفين، كونها رواية شديدة الجراءة وتتناول العلاقات المحرمة، وذلك حينما قرأت البزاز فقرة منها خلال برنامج تلفزيوني شاركت فيه، شهد سبتمبر من عام 2006، طرح  كتابها الثالث والأكثر إثارة للجدل تحت عنوان المنبوذة، كونه يضج بانتقادات للعقائد الدينية.
القاتل الحقيقي 
ضجت حياتها بالتجارب والأزمات، كونها لم تعرف الخوف وكتبت ما يرضيها، حتى استقبلت تهديدات بالقتل عام 2006، جراء رواياتها الجريئة لاسيما "رجال الدين اللحايا" في هولندا، بعدها صامت عن الكتابة وعرفها الاكتئاب الشديد، فاختارت الوحدة مرغمة قرابة 4 سنوات، حتى أنهت حياتها بمحض إرادتها لتتخلص من أشد الحزن والاكتئاب اللذان ألما بها.
 
شخصية لطيفة وذكية ومجددة  
نعتها السياسية الهولندية من أصول مغربية، خديجة عريب، رئيسة البرلمان الهولندي قائلة :" إنسانة لطيفة وتمتلك ذكاء، سأفتقد هذه الجميلة جدا"، كما كتب أحمد مرقش، عمدة مدينة أرنهيم الهولندية، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": خبر رحيلها أزعجني كثيرا، يجتاحني عميق الحزن، لغياب  هذه  الرائعة والمبتكرة، وأشد تعاطفي عائلتها." 
 
شيخ يشمت في موتها 
شمت في موتها الشيخ عبد الله رشدي قائلا عبر حسابه الرسمي :" انتحرت الكاتبة الملحدة "البزاز" ، بعد أن ذاقت الحريات المزعومة ودافعت عن الأمور التي تعتقد أنها حقوق الإنسان، ليحاول إخفاء الشماتة بقوله :"  الإلحاد سرطان يضادُّ العقل..أحزن لمثل هذه المواقف وأتمنى الخير لكل ملحد وأشعر في قلبي باحتراق عليه..وأغلب مقابلاتي الخاصة أجعلها لهم رغبةً مني في التعاون معهم للوصول إلى الطريق الصحيح."