كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص 
شهد المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس اليوم الثلاثائ، ندوة الكترونية حول عراقة الحضور المسيحي في المشرق العربي وذلك بمشاركة كوكبة من المثقفين والمفكرين المسيحيين من عدد من الأقطار العربية وقد شارك سيادته في هذه الندوة من القدس موجها التحية لكل المشاركين وملتفتا بشكل خاص إلى لبنان الجريح في محنته ومتمنيا له بأن يخرج من أزمته منتصرا على أعداءه والمتآمرين عليه ، وجاء نص كلمته خلالها كالأتي : 
 
يسعدنا ان نخاطبكم من فلسطين الارض المقدسة وخاصة من مدينة القدس والتي تعتبر في الضمير المسيحي القبلة الاولى والوحيدة لانها حاضنة كنيسة القيامة والقبر المقدس وكلكم تعرفون مكانة القيامة في ايماننا وعقيدتنا وتاريخنا وتراثنا .
 
المسيحيون في فلسطين كما وفي هذا المشرق العربي هم ليسوا اقليات في اوطانهم ونحن نرفض رفضا قاطعا بأن يصفنا احد بأننا اقليات لاننا لسنا كذلك وان كنا قلة في عددنا بسبب ما ألم بنا من ظروف وتحديات واوضاع ادت الى تراجع اعداد المسيحيين في ارضنا المقدسة بشكل دراماتيكي .
 
نذكر من يحتاجون الى تذكير بأن المسيحية في بلادنا وفي مشرقنا هي ليست من مخلفات حملات الفرنجة الصليبية كما يصفها البعض بل هذه الحملات استهدفت المسيحيين اكثر من غيرهم ونحن لسنا من مخلفات اي نوع من الحملات التي المت ببلادنا ومشرقنا فنحن اصيلون في انتماءنا لهذه الارض المقدسة وفي انتماءنا لهذا المشرق .
 
نفتخر بمسيحيتنا ونحن لسنا كفارا او مشركين كما يصفنا بعض اولئك الذين لا يعرفون شيئا عن المسيحية سوى ما لُقن لهم ، بل نحن نؤمن بإله واحد خالق للسماء والارض والهنا هو اله المحبة والرحمة والتفاني في خدمة الانسان ، كما اننا نرفض اصرار البعض ممن ينتمون الى اجندات خارجية على وصفنا بأننا اهل ذمة فنحن لسنا اهل ذمة ولن نكون ونرفض ان يصفنا احد كذلك كما ونرفض من يبررون ذلك فنحن اصيلون في انتماءنا لامتنا العربية ولمشرقنا ولفلسطين ولقضيتها العادلة والتي هي قضيتنا كمسيحيين كما هي قضية المسلمين وكما هي ايضا قضية كل انسان حر في هذا العالم .
 
ان الغالبية الساحقة من ابناء شعبنا الفلسطيني تتبنى الثقافة الوطنية الوحدوية وثقافة العيش المشترك اما الخطاب التكفيري الاقصائي الهمجي العنصري فهو خطاب مستورد من الخارج ويراد من خلاله شرذمتنا وتفكيكنا واثارة الفرقة في صفوفنا وبين ظهرانينا .
 
لسنا جزءا من المحاور المتصارعة في منطقتنا ولن نكون جزءا من اي محور فإنحيازنا هو دوما للحق والعدالة ولشعبنا الفلسطيني المظلوم انطلاقا من قيمنا المسيحية التي تحثنا على ان نكون الى جانب كل انسان مظلوم ومعذب في هذا العالم.
 
المسيحيون عندما يدافعون عن فلسطين انما يدافعون عن المسيحية في مهدها ويدافعون عن اعرق حضور مسيحي في هذا العالم كما انهم يدافعون عن اعدل قضية عرفها التاريخ الإنساني الحديث .
 
اما مصطلح الحيادية الذي يتحدث عنه البعض في هذا المشرق فإنما يحتاج الى توضيح فنحن لسنا حيادين فيما يتعلق بقضايانا الوطنية وعندما يتعلق الامر بالقضية الفلسطينية او بأية قضية عادلة في هذا المشرق العربي .
 
لن نكون حياديين في دفاعنا عن القضية الفلسطينية وعن الامة العربية المستهدفة في اكثر من مكان وفي اكثر من موقع ، ومفهومنا للحيادية اهو اننا لسنا جزءا من صراعات او محاور اوخلافات او اجندات لا تنصب ومصلحة اوطاننا وقضايانا العادلة وفي مقدمتها قضية شعبنا الفلسطيني.
 
اقول لكم بأننا نفتخر بانتماءنا للمسيحية وسنبقى كذلك ولن نتخلى عن مسيحيتنا وعن قيمنا وعن ايماننا في اي ظرف من الظروف ، كما اننا نفتخر بعروبتنا النقية وبانتماءنا الفلسطيني النقي ولسنا جزءا من حالة الانقسام التي تشهدها الساحة الفلسطينية فنحن لا ننتمي الى فصيل او حزب او تيار سياسي بل نحن ننتمي الى وطن والى قضية عادلة من واجبنا جميعا ان ندافع عنها .
 
ندعو الكنائس المسيحية في هذا المشرق ان تدافع عن فلسطين مهد المسيحية واصوات التحريض والتكفير لا يجوز ان تؤثر علينا وعلى مواقفنا ومبادئنا والتي يجب ان تبقى دوما ثابتة قوية في وجه كل العواصف والمؤامرات ايا كان مصدرها .
 
سنبقى منتمين لوطننا ولشعبنا ومدافعين عن اعدل قضية عرفها التاريخ الانساني الحديث ولن تنحرف بوصلتنا تحت اي ظرف من الظروف ، فإيماننا قوي وجذورنا عميقة في تربة هذه الارض المقدسة ولن تزعزع ارادتنا ومواقفنا ومبادئنا امام اية مواقف تحريضية مستوردة من هنا او من هناك لارضاء جهات خارجية اخر ما يهمها هو القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني .
 
اوجه التحية لكل الكنائس الشقيقة في هذا المشرق ولكل الاخوة المشاركين في هذه الندوة ومن القدس نبعث اليكم برسالة المحبة والاخوة والسلام فنحن كنيسة واحدة حيثما كنا واينما وجدنا وايماننا واحد وانجيلنا واحد وقضايانا وهواجسنا واحدة ويجب ان نبقى اسرة واحدة كما كنا دوما في الدفاع عن العدالة والقيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة.