كتب – روماني صبري  
كتب المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس، رسالة رعوية جديدة، جاء نصها : 
 
أن جائحة الكورونا التي تجتاح بلادنا ادت الى اتخاذ قرارات قاسية من قبل بعض مؤسساتنا التعليمية حيث تم اغلاق بعض المدارس والحديث يدور اليوم حول مسألة التعلم عن بعد .
 
ما اود ان اقوله بأن البقاء في المنزل والتعلم عن بعد عبر جهاز الحاسوب ليس بديلا عن المدرسة ولا يمكن ان يكون بأي شكل من الاشكال بديلا عن المدرسة التي يجتمع فيها الطلاب مع اساتذتهم فالمدرسة بحد ذاتها هي حاملة رسالة ثقافية تعليمية انسانية ووطنية ، ولا يمكن اعتبار الحاسوب في البيت بديلا عن المدرسة .
 
اما عندنا في مدينة القدس فالوضع يحتاج الى اعادة تفكير ودراسة عميقة في مسألة اغلاق المدارس ، في القدس القديمة هنالك منازل صغيرة وعائلات تسكن في غرفة او في غرفتين وهنالك عائلات عندها اربعة او خمسة اولاد وكل واحد منهم مطلوب منه ان يكون عنده حاسوبه الخاص لكي يتعلم عن بعد ، وكل هذا يتم في غرفة واحدة وفي مكان ضيق وفي اجواء لا تنسجم مع ما هو مطلوب من اجل التعليم والتربية .
 
ابناءنا في القدس يعانون من ازمة حقيقية فكيف يمكن لعائلة مقدسية تسكن بيتا في القدس العتيقة ان تؤمن الانترنت والحواسيب لابنائها وكلنا نعرف الضائقة المالية والمعيشية والاقتصادية التي يمر بها شعبنا ليس فقط في مدينة القدس بل في سائر ارجاء هذه الارض المقدسة .
 
اوجه نداء حارا الى المدارس في مدينة القدس بضرورة اعادة النظر في قرارهم ابقاء المدارس مغلقة ولكن مع الحفاظ على كافة الاجراءات الوقائية والاحترازية والصحية المطلوبة وهنا مطلوب ايضا من اولياء الامور ومن ابناءهم ان يتحلوا ايضا بالمسؤولية فكل من يشعر بأعراض الكورونا ليس من العيب ان يذهب لكي يقوم بالفحص بدلا من ان يكون سببا لنقل العدوى للاخرين وان يكون سببا في اغلاق صفه او مدرسته.
 
لا يجوز معاقبة كافة الطلاب على ذنب لم يقترفوه فسياسة العقاب الجماعي مرفوضة والغالبية الساحقة من طلابنا تريد العودة الى المدارس ولا ترى بالحاسوب البيتي وبما يسمى التعلم عن بعد بديلا عن الحضور الشخصي في المدرسة .
 
مع تأكيدنا على ضرورة اتخاذ كافة الاجراءات الوقائية والاحترازية والصحية المطلوبة .اما ظاهرة التنمر التي نشهد وجودها في مجتمعنا على المصابين بهذا الوباء او على المحجورين فهي ظاهرة غير اخلاقية وغير انسانية فهذا وباء قد يتعرض له كل انسان ولا يجوز التعامل بتنمر وبأساليب غير انسانية واخلاقية مع اولئك الذين اصيبوا بهذا الوباء .
 
نؤكد بأن هذا الفيروس انما هو عابر وهنالك حالات كثيرة لأناس تعرضوا لهذا الفيروس وخرجوا بعدئذ منتصرين عليه ولذلك فأن تكون مصابا او محجورا هذه ليست وصمة عار ولا يجوز ان يُنظر الى المصابين من هذا المنطلق بل يجب ان نصلي من اجلهم وان ندعو من اجل شفاءهم وعودتهم الى حياتهم الطبيعية .
 
اعود الى مسألة المدارس وخاصة في مدينة القدس بأنه من الاهمية بمكان التفكير وبشكل جدي بفتح المدارس وخاصة في القدس القديمة لان ابناءنا وعائلاتنا لم يعد بإمكانهم الاحتمال بوجود ثلاث او اربع طلاب داخل غرفة واحدة وفي هذه الاجواء الحارة .
 
ارحموا ابناءنا وارحموا عائلاتنا في القدس القديمة فغالبية ابناءنا لا يعيشون في قصور فارغة بل في منازل متواضعة وفي ظل اجواء صعبة وطلاب القدس القديمة لا يتمتعون بأمكانية ان يكون لكل واحد منهم غرفة مستقلة عن اخيه فهنالك عائلات في القدس تعيش في غرفة واحدة او في غرفتين .
 
يجب ان تفتح المدارس وبأسرع ما يمكن والتعلم عن بعد ليس بديلا عن المدرسة مع التأكيد على اهمية الوقاية والاجراءات الاحترازية التي يعرفها جيدا ذوي الاختصاص.
 
اما اولئك الذين يشعرون بأعراض المرض او فرض عليهم الحجر فالافضل ان يبقوا في منازلوا وان يعلموا الاخرين لكي يتم تطويق هذا الوباء ومنع انتشاره.
 
ليس من العيب ان تكون مصابا او ان تكون محجورا او حاملا للفيروس بل العيب هو ان تخفي ذلك وان تكون سببا في نقله للاخرين ، وهذا قد يكون في المدرسة او في اي مكان اخر .
رسالتي اوجهها في صبيحة هذا اليوم الى مدارس القدس بضرورة التفكير بشكل جدي بمسألة فتح المدارس وبالطبع بدون تهور وبخطوات مدروسة ومع الحفاظ على كل الإجراءات الوقائية والصحية المطلوبة.