عرض/ سامية عياد
" آيا صوفيا" من أكبر الكاتدرائيات فى العالم تقع فى اسطنبول عاصمة تركيا ، افتتحت للصلاة فى 15 فبراير عام 360م وظلت كاتدرائية لمدة 1094 سنة ثم تحولت الى مسجد على يد العثمانيين عام 1453م وظلت مسجدا لمدة 482سنة  ثم تحولت الى متحف دينى وظلت متحفا لمدة 65سنة...
 
الأستاذ الدكتور إسحق إبراهيم عجبان فى مقاله "كاتدرائية آيا صوفيا شاهدة على تقلبات التاريخ " حدثنا عن تاريخ الكاتدرائية قائلا : (لقد مرت أحداث التاريخ من هنا ، وترك كل منها بصمته على هذه الجدران ، ولو تحدثت هذه الجدران ستحكى لنا الكثير من صروف الزمان وتقلباته) ، لقد أعيد بناء الكاتدرائية أكثر من مرة ، بناءها الأول حسب ترجيح المصادر كان على يد قسطنطين الكبير وأن افتتاحها كان سنة 360م بعد انتهاء بنائها واكتمالها فى عهد ابنه قسطنطيوس الثانى ، وفى سنة 381م تعرضت الكاتدرائية لحريق واستغرقت أعمال الترميم سنتين وشهدت هذه الكاتدرائية الكثير من عظات القديس يوحنا ذهبى الفم بطريرك القسطنطينة (398-407م) ، وفى سنة 404م حدث حريق بها بعد نفى القديس يوحنا ذهبى الفم وخلال أعمال الشغب التى وقعت فى القسطنطينة .
 
بناءها الثانى كان على يد الإمبرطور ثيؤدوسيوس الثانى (408- 450) وكان افتتاحها فى 10 اكتوبر عام 415م ، ثم تعرضت لحريق كبير لمدة يومين عام 532م فى عهد الإمبراطور جستنيان الأول ، وهذا ما تطلب بنائها للمرة الثالثة وكان على يد الإمبرطور جستنيان الثانى (527-565 )، الذى أراد انشاء كاتدرائية كبرى تمثل الإمبرطورية البيزنطية ، استخدم فى بنائها قطعا معمارية فخمة وتم انتاج الرخام المستخدم فى بنائها فى الأناضول واحضروا اعمدة من افسس ومن مصر بلغت 104 عمودا و واستمر بناؤها الثالث حوالى خمس سنوات وتم افتتاحها فى 27 ديسمبر 537م وكان يخدم بها حوالى ألف رجل من رجال الكليروس من الكهنة والشمامسة .
 
ظلت الكاتدرائية لمئات السنين هى المقر الرئيسى لكرسى القسطنطينة وكانت تتم بها مراسم تتويج الأباطرة البيزنطيين ، وكان لها الفضل فى أن تحولت كل روسيا الى المسيحية الأرثوذكسية فى القرن العاشر ، تعرضت الكاتدرائية فى القرنين التاسع والعاشر لعدة كوارث منها زلازل وحرائق وكان يتطلب الأمر ترميمها وإعادة بنائها ، تعرضت الكاتدرائة لاحداث انقسام سنة 1054م بين الشرق وتمثله القسطنطينة والغرب وتمثله روما القديمة كما شهدت فى أوائل القرن الثالث عشر دخول الصليبين الى القسطنطينية سنة 1204م وهو ما أدى الى تحولها الى كاتدرائية كاثوليكية تابعة للإمبرطورية اللاتينية ، لكنها عادت مرة اخرى كاتدرائية أرثوذكسية على يد الإمبرطور ميخائيل الثامن باليولوجوس سنة 1261م .
 
فى سنة 1452م تحولت آجيا صوفيا الى مسجد على يد السلطان محمد الثانى الفاتح وذلك بعد سقوط القسطنطينية فى يد العثمانيين وكتب الفاتح وثيقة تحويلها الى مسجد يبلغ طول صفحاتها 71مترا  ، وإضيف إليها عدة مآذن ، وقد جرت عمليات تغطية للنقوش المسيحية والإيقونات بالجص ورسم فوقها زخارف ونقوش اخرى وفيما بعد سقطت طبقات الجص وعادت المشاهد المسيحية للظهور مجدا .
 
وفى سنة 1934م تحولت آجيا صوفيا الى متحف فى عهد مصطفى كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة وفى سنة 1985م تم إدراجها فى قائمة التراث العالمى لليونسكو وظلت هكذا الى 10 يوليو 2020 حينما جاء المرسوم الرئاسى التركى بإعادة تحويلها الى مسجد .