يضطر الآباء في المنازل وكذلك المعلمون في المدارس، إلى تغيير طرق واستراتيجيات التعامل مع الأطفال، بحسب المواقف وبحسب اختلاف الشخصيات من طفل لآخر، إلا أنه في كل الأحوال يعتبر تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطفل من الثوابت التي تضمن بناء شخص سوي وسليم وواعٍ.
تعريف تعزيز السلوك الإيجابي

يعرف تعزيز السلوك الإيجابي بأنه ذلك الأسلوب التربوي الذي يهدف إلى تنشئة الأطفال الصغار بطرق سوية ليكونوا قادرين على الإنجاز والتطور بمرور السنوات، عبر تكرار العمليات الإيجابية أمام أعينهم، ومن خلال إيجاد التوازن الفعال بين كيفية مكافأتهم أحيانا ومعاقبتهم في أحيان أخرى.

يشارك في عملية تعزيز السلوكيات الإيجابية لدى الأطفال الصغار كل من الأب والأم في المنزل، بالإضافة إلى المعلم داخل المدرسة، حيث يحقق التعامل الأمثل مع الطفل منذ الصغر الكثير من الأهداف والإيجابيات الخاصة بهذا التعزيز السلوكي عبر اتباع أساليب مختلفة.
أساليب تعزيز السلوك الإيجابي

تتعدد أساليب تعزيز السلوك الإيجابي لدى الأطفال الصغار، إلا أن الطريقة الأبرز تتمثل دائما في ضرورة إعطاء الطفل القدوة والمثل الجيد، حيث ينظر الأطفال دائما إلى الأب والأم والمعلم باعتبارهم المرشدين له منذ الصغر، لذا فطرق تعاملهم مع المواقف المختلفة تبنى لديه الصورة الذهنية التي قد يقتدي بها طوال حياته.

يعتبر الاستماع بإنصات إلى الطفل ومشكلاته، من أبرز أساليب تعزيز السلوك الإيجابي، فبينما يتسبب إصدار الأحكام على الطفل في تخويفه وربما منعه من البوح بأسراره، يأتي الإنصات الكامل لأزمات الطفل الصغير ليساعده على إبراز مشاعره الخاصة، بما يزيد من ثقته بنفسه ويقلل من التوتر والقلق لديه.

أسلوب آخر من أساليب تعزيز السلوك الإيجابي يتمثل في الحفاظ على الكلمة، فسواء وعدت طفلك بالذهاب إلى رحلة ما إن أدى مهمة معينة، أو حذرته من ارتكاب خطأ ما وإلا وقع عليه العقاب، فإن تقديم المكافأة أو تنفيذ العقوبة من الضروريات، حتى ينشأ الطفل على الالتزام والانضباط من ناحية، ولا يفقد الثقة في شخصك من الناحية الأخرى.

ينصح من أجل ضمان تعزيز السلوك الإيجابي بالابتعاد عن الوعظ والمبالغة في تقديم النصائح، فبينما يفترض بالآباء والمعلمين أن يقدموا للأطفال بعض التوجيهات، فإنه من الخطأ أن تتم قيادتهم بشكل كامل، حينها لن يتمتع الطفل بالاستقلالية المطلوبة من أجل اتخاذ قرارات حياته فيما بعد.

في كل الأحوال، يحذر دائما من خطورة نعت الطفل بأي صفة سلبية، فالإشارة إلى طفلك باعتباره غير ذكي أو غير مهذب، تعني توجيه مشاعر شديدة السلبية إليه، تؤدي لاحقا إلى فقدان الثقة في النفس والإصابة بالتوتر والقلق، فيما يتنافى ذلك دون شك مع أساليب تعزيز السلوك الإيجابي لدى الأطفال.

إيجابيات تعزيز السلوك الإيجابي

يؤدي الحرص على اتباع أساليب تعزيز السلوك الإيجابي إلى الفوز بعدد كبير من الإيجابيات، التي تصب في مصلحة الطفل ومن ثم الأبوين، حيث يتمتع الطفل منذ الصغر بالثقة الكافية من أجل مواجهة أي صعاب دون خوف أو تردد، كما يصبح قادرا على اتخاذ القرارات بنفسه في ظل عدم خوفه من ارتكاب الأخطاء.

يساعد تعزيز السلوك الإيجابي الطفل على اعتياد أعمال روتينية مفيدة، حيث يصبح التعامل بأدب وحسن التصرف وكذلك إتقان العمل مهما كان بسيطا من الأمور الروتينية بالنسبة للطفل، لذا لا يجد صعوبة في إتمام المهام المطلوبة منه على أكمل وجه.

تعزيز السلوك الإيجابي داخل المنزل يعني التمتع بمناخ إيجابي لا تشوبه أي عوامل سلبية، حينها يهتم الطفل بالقيام بالأفعال الجيدة حبا في سلوك الاتجاه الصحيح، وليس خوفا من العواقب، سواء كانت عبارات جارحة أو عقوبات مؤلمة على الصعيد النفسي.

يساعد السلوك الإيجابي مع الطفل على تحفيزه على الاستفسار عما يجهله، فبينما يؤدي الخوف من الانتقاد أو السخرية من أسباب تجنب إظهار عدم المعرفة بشيء ما، فإن البيئة الإيجابية المحفزة تساهم في دفع الطفل إلى التفكير وطرح الأسئلة من دون أي إحساس بالقلق، ما يقودنا إلى دور المعلم في تعزيز السلوك الإيجابي داخل المدرسة.
دور المعلم في تعزيز السلوك الإيجابي

للمعلم دور كبير في كيفية تعزيز السلوك الإيجابي، حيث يفترض به في البداية أن يحرص على مدح الطفل عند القيام بفعل حسن، حتى يتحفز على تكرار الأفعال الجيدة ويتجنب كل ما يثير إزعاج المحيطين به.

تعتبر الإشارة إلى السلوك الجيد من قبل طفل ما، وسيلة تحفيزية رائعة للأطفال الآخرين أيضا، حيث يتشجع أغلب الأطفال في تلك الحالة على تقليد فعل الطالب المميز أملا في نيل نفس التقدير الذي حصل عليه.

كذلك يعتبر إجراء بعض من المنافسات الشريفة بين الطلاب داخل الفصول الدراسية، من وسائل تعزيز السلوك الإيجابي، ولكن مع تجنب توجيه الإهانات أو السخرية في حال ارتكب أحدهم أي خطأ.

في الختام، صار تعزيز السلوك الإيجابي من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها، حيث تساهم في تنشئة جيل يتمتع بالثبات النفسي والوعي الكافي، فيما يحتاج الأمر إلى بذل بعض المجهود ليس من الطفل فحسب، بل من الأب والأم والمعلم من أجل ضمان تحقيق النتائج.