كتبت - أماني موسى

يتحدث العالم ومؤسسات حفظ التراث الإنساني مثل اليونسكو وغيرها، عن تحويل كاتدرائية أيا صوفيا إلى مسجد، بقرار تركي أمس، استعدادًا لرفع الأذان منه خلال أيام، وبينما تتعدد الآراء بين مؤيد ومعارض، يتردد اسم السلطان العثماني محمد الذي لقب بـ الفاتح، وهو الذي أحال الكاتدرائية في القديم إلى مسجد إلى أن جاء كمال أتاتورك وحولها إلى متحف عام، ثم أردوغان الذي قام بتحويلها إلى مسجد، فمن هو السلطان محمد الفاتح؟

وُلد محمد الفاتح عام 1429م، لأبيه السلطان مراد الثاني، في مدينة أردنة التي كانت عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، وعندما بلغ الحادية عشرة من عمره، بعثه والده إلى أماسيا ليحكمها في عهده، وتعلم محمد على يد الشيخ آق شمس الدين، حتى إن شيخه استطاع أن يزرع فيه قناعةً أنّه هو المقصود بحديث الرسول "سمعت رسول الله يقول: (لتُفتحنّ القسطنطينية، ولنِعم الأمير أميرها، ولنِعم الجيش ذلك الجيش).

وكانت القسطنطينية عاصمة بيزنطة، من أكثر المدن حصانة ومنعة، وقوة وإبهارًا في مختلف أشكال القوة العسكرية والاقتصادية، فقد كانت السفن تحطّ على المراسي بأثمن السّلع وأغلاها وأجملها، وكان موقعها الجغرافي والذي تلتقي فيه آسيا وأوروبا، مركزًا طبيعيًا يلتف حوله العالم الشرقي.

ويقال أن القسطنطينية قد تعرضت وصمدت لتسعة وعشرين مرة أمام الحصار، وكان أول من حاصرها من العرب هو يزيد بن معاوية، في عهد والده معاوية بن أبي سفيان عام 654 م، ثم حاصرها من بعده سليمان بن عبد الملك، وعلى الرغم من كلّ الإعدادات والتجهيزات، إلا أن القسطنطينية ظلت صامدة أمام الحصار ومحاولات الغزو، حتى قام السلطان محمد الفاتح بحصار القسطنطينية، وبعد وقت تمكن من غزوهاوسلب ونهب ثرواتها وسبي نساءها.

قانون نامة
ومن جرائم هذا السلطان العثماني أنه قام بوضع قانون "نامه" الذي يشرع قتل الإخوة لأجل الحكم، فيقول في أحد نصوص هذا القانون "يُمكِن لأي من أبنائي، الذي سيهبه الله السلطنة، أن يتخلص من إخوته لأجل مصلحة الدولة، وهو ما تقره أغلبية العلماء".. ليبدأ تقنين قتل الإخوة لبعضهم مقابل الحكم، وأيده الفقهاء في ذلك الزمان بأن الفتنة أشد من القتل ونحن نأخذ أهون الضررين.

قتل إخوته وخنق شقيقه الرضيع بيديه
وذكر المؤرخون قيام محمد الفاتح بقتل إخوته الذكور وخنق أخ له رضيع، حتى يضمن الوصول للحكم.

قانون يشرع قتل الإخوة والمعارضين وفتوى تؤيد
سن الفاتح قانون أسماه قانون "القتل سياسة"، وكان يشرع قتل الساسة والمعارضين، وتم من خلاله تنفيذ عدة اغتيالات سياسية، ونص على أنه "إذا تيسرت السلطنة لأي ولد من أولادى فيكون مناسبًا قتل إخوته في سبيل تأسيس نظام العالم"، فأجاز معظم العلماء القانون البربرى، ووجب العمل به وصدرت الفتوى من شيخ الإسلام فخر الدين عجمي أفندي بجواز قتلهم تحت اسم "فتوى البغي"، والتى نصها: "إن قتل الأخ والابن جائز للسلطان، لأجل المصلحة العامة وحفظ النظام"، وهى الفتوى التى أراد بها تبرير قتله لإخوته.


قانون البغى
يقال أنه جّند فقهاء السلطنة للترويج لتشريعاته الدموية، فعكف الفقيه "دده أفندي" على تأليف كتاب "سياست نامه"، الذى استند فيه على فتاوى ضعيفة لتوسيع مفهوم البغي ليشمل أفراد آل عثمان وأية شخصية سياسية بالسلطنة، فشملت الأمراء والوزراء وقادة الجيش، ومكّن القانون السلطان من اعتبار كل متمرد أو طموح فى السلطة مجرمًا باغيًا، عقابه الإعدام بتهمة الخيانة العظمى مهما كانت صلة قرابته أو منصبه في الدولة أو رتبته فى الجيش.

أول ضحايا القانون كان الصدر الأعظم خليل باشا جاندارلى الذى خشى محمد الثاني من شعبية عائلته التى حكمت إمارة جاندارلي، وكانت تضم صفوة سياسية مثقفة من الطراز الأول نافست إمارة عثمان، فاتهمه بالتخابر مع البلاط البيزنطى، وتولى بنفسه عملية اغتياله فى الخيمة السلطانية، لينهى الوجود السياسى لآل جندارلى.

الإعدام بالخازوق لمن يرسم
غزو السلطان محمد الثانى للقسطنطينية وفتحها العام 1453م، أصابه بجنون العظمة، فأمر بصنع تماثيل له وأتى بكبار الفنانين من الشرق وإيطاليا للبلاط العثماني، وأرسل رجال الدولة ليتفاوضوا مع كبار رسامي أوروبا ليرسموا له "بورتريهات" شخصية، لكن على الجانب الآخر حرم محمد الفاتح على أيًا من الرعية الرسم أو التصاوير خارج نطاق القصور العثمانية، وكانت العقوبة هي الإعدام على الخازوق.

معاشرة الجواري وملكات اليمين والغلمان
كما قلل محمد الفاتح من فكرة الزواج الشرعى وأعلى من فكرة الجواري وملكة اليمين، واستصدر فتوى من شيخ الإسلام تؤيد رغباته المارقة، أباحت له معاشرة الجوارى والغلمان لإشباع شهواته، وأجازت له تولى أبناء الجوارى العرش من بعده.

سبي الفتيات وخطف أطفال المسيحيين والقاصرات
وأمر باقتياد أجمل الفتيات إليه، وحين سقط حصن بوردو تم أسر 704 فتيات، ألحقهن جميعًا كجوارى للسلطان، وطلب من جامعى ضريبة الدوشرمة، وهى ضريبة تبيح خطف أطفال العائلات المسيحية للتجنيد فى صفوف الانكشارية، فضلا عن خطف الفتيات القاصرات، باعتبارها جزءًا من الضريبة السنوية على الشعوب المحتلة، ليتخذ المئات منهن كمحظيات يعاشرهن.