كتب : عوض شفيق
لمحاكمته عن جرائم الخلافة الاسلامية الارهابية
جرائم الخلافة الاسلامية الارهابية هى جرائم ضد الإنسانية 
 
تطور المفهوم :
من  "الجرائم ضد المسيحية والحضارة"... إلى "الجرائم ضد الإنسانية" والابادة
طُرح مفهوم الجرائم ضد الإنسانية للمرة الأولى عام ١٩١٥ بعد القتل الجماعي للأرمن من قبل السلطنة العثمانية
وفي ٢٨ أيار/مايو قررت حكومات كل من فرنسا وبريطانيا وروسيا الرد بقوة، فتشاركت في إصدار الإعلان التالي: 
في ضوء هذه الجرائم الجديدة التي ترتكبها تركيا والحضارة، تبلغ الحكومات الحليفة الباب العالي العثماني على العلن بأنها سـتحمل كافـة أعـضاء الحكومة العثمانية وأتباعها المتورطين في هذه المجازر المسؤولية الجنائية لارتكاب هذه الجرائم. 
 
غير أن وزير الخارجية الفرنسي "ديكلاسي" Déclassé عارض استعمال عبارة "الجرائم ضد المسيحية" الذى اقترحه وزير الخارجية الروسى سازونوف " Sazonov والاحتجاج على الباب العالى بـ "الجرائم ضد المسيحية والحضارة".  فاستبدلت فرنسا العبارة المذكورة بعبارة "جرائم ضد الإنسانية" Crimes contre l’humanité́ 
وكانت الدوافع الفرنسية والبريطانية في استعمال الجرائم ضد الإنسانية هي الخوف من أن تثير هذه عبارة "جرائم ضد المسيحية والحضارة" امتعاض المسلمين الخاضعين للاستعمار الفرنسي والبريطاني، باعتبار أنها تستثنيهم وبالتالي تنمي شعور المسلمين بممارسة التمييز ضدهم. على أثر ذلك، اقترح استبدال عبارة "الجرائم ضد المـسيحية" بعبارة "الجرائم ضد الإنسانية". وسرعان ما وافق كل من وزيري خارجية روسيا وبريطانيا على هذه العبارة المقترحة، واعتمدوها في الإعلان المشترك: 
 
"في ضوء هذه الجرائم الجديدة التي ترتكبها تركيا ضد الإنسانية والحضارة، تبلغ الحكومات الحليفة الباب العالي العثماني على العلن بأنها سـتحمل كافـة أعـضاء الحكومة العثمانية وأتباعها المتورطين في هذه المجازر المسؤولية الجنائية لارتكاب هذه الجرائم" . 
 
ومع تطور المجتمع الدولي في تحديد ومفاهيم الجرائم الدولية وهى تشمل الجرائم ضد الإنسانية وغالبا يرتكبها النظام التركي ويميل بعض الفقهاء الإشارة الى "جرائم النظام". وجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها اجداده وجرائم الحرب التي يرتكبها في شمال سوريا بالمشاركة مع التنظيمات الإرهابية. 
ويبدو أن أيا من الدول الثلاث السالفة الذكر أدرك أو أولى اهتماما للأبعاد الفلسفية التي تتضمنها هذه العبارة التي استخدمتها. وبالفعل، لم تتساءل هذه الدول عن مفهوم مصطلح "البشرية" ولم تحاول أن تثبت عمليا الخلفية وراء اسـتعمال مصطلح "الإنسانية". فهل قصدت هذه الدول بهذا المصطلح "كل الكائنات البشرية" أم أنها كانت تشير إلى "حس الإنسانية الذي يتشاركه رجال ونساء الأمم العصرية"  أو حتى إلى "مفهوم الإنسانية بحسب ما جاء في الفلسفة القديمة والمعاصرة". وبالرغم من لجوء هذه الدول إلى لهجة قوية لتجريم مرتكبي المجازر، لم تكن تسعى على الأرجح إلا ّ إلى حلّ مشكلة سياسية على المدى القصير نظرا لعدم قيامها بأي متابعة عملية للاحتجاج المشترك الذي صدر عنها .
 
على أي حال، باءت محاولات دبلوماسية عديدة للعمل باسم الإنسانية بالفشل. فنصت المادة ٢٣٠ من معاهدة سيفر للسلام التي تم التوقيع عليها فـي ١٠ آب/أغـسطس ١٩٢٠ أن الحكومة العثمانية تعهدت بتسليم الحلفاء الأشخاص الذين تطلبها هذه القوى باعتبار أنهم ارتكبوا المجازر في خلال الحرب على الأراضي التي تشكل جزءا من السلطنة العثمانية. واحتفظ الحلفاء بحق "تعيين" المحكمة التي ستنظر في قضايا هؤلاء الأشخاص. غير أن هذه المعاهدة لم تبرم قط بل استبدلت بمعاهدة لوزان للسلام التي وقعت في ٢٤ تموز/يوليو ١٩٢٣. ونصت هذه المعاهدة في إعلان مرفق بها على الإعفاء من الجرائم المرتكبة بين عامي ١٩١٤ و١٩٢٢. 
 
مصادر هذا المقال 
- أنطونيو  كاسيزى فى القانون الجنائى الدولى  
Casseses International Criminal Law, p.84,
- محموعة الارشييف الفرنسى التركى
راجع الأرشيف الفرنسي، السلطنة العثمانية والأرمن ١٩١٤-١٩١٨، مجموعة المستندات، مستند رقم ٢٩ والمستند ٣٤
 
وأشارت المسودة الروسية إلى الجرائم ضد المسيحية والحضارة Crimes de la Turquie contre la chrétienté et civilisation ، انظر أنطونيو كاسيزى المرجع السابق "القانون الجنائي الدولي" أنطونيو كاسيزى، ٢٠١٥ ترجمة ناشرون. ص ١٧٢- الحاشية رقم (١٤٤)
" L’intérêt qu’il y a à ménager le sentiment des populations musulmanes qui vivent sous la souveraineté de la France et de l’Angleterre fera sans doute estimer au gouvernement britannique comme au gouvernement français qu’il convient de s’abstenir de spécifier que l’intérêt des deux puissances paraît ne se porter que du côté des )"éléments chrétiens’)
 
-  من خلال المجازر الأرمنية في ١١ آب/أغسطس ١٩١٥، اقترح السفير الأمريكي لتركيا "مورغينثو" Morgenthau على وزير الخارجية الأمريكي "روبرت لانسينغ" Robert Lansing، من بين أمور عدة، "أن تطلب الحكومة الأمريكية باسم الشعوب كافة من الحكومة التركية أن توقف الحملة التي تشنها وأن تسمح للناجين أن يعودوا إلى منازلهم في حال لم تكن هذه الأخيرة ضمن دائرة الحرب، أو أن تتم معالجتهم كما يجب". غير أن وزير الخارجية الأمريكي لم يأخذ بهذا الاقتراح، بل اكتفى بالتساؤل عما إذا نتج عن احتجاج السفير الألماني الموجه إلى الحكومية التركية أي "تحسن يذكر". راجع قسم المستندات المتعلقة بعلاقات الولايات المتحدة الخارجية. أنظر المرجع السابق "القانون الجنائي الدولي" أنطونيو كاسيزى، ٢٠١٥ ترجمة ناشرون. ص ١٧٣، الحاشية رقم (١٤٥).