كتبت - أماني موسى
ودّع عالمنا اليوم الدكتور الإنسان محمد مشالي، الملقب بـ طبيب الغلابة، وذلك لحرصه على أخذ مقابل مادي ضئيل نظير الكشف على المرضى بالإضافة إلى صرف أدوية للفقراء منهم، دون تلقي مقابل مادي، وذلك بالتعاون بينه وبين بعض شركات الأدوية.. نورد بالسطور المقبلة لمحات من حياته.
 
هو الدكتور محمد عبد الغفار مشالي (1944 - 28 يوليو 2020) طبيب بشري مصري لُقب بـ طبيب الغلابة.
 
نشأته في البحيرة
ولد الدكتور محمد مشالي في محافظة البحيرة في عام 1944 لأب يعمل مدرس، وانتقل بعدها والده إلى محافظة الغربية وانتقل معه، واستقر مع أسرته هناك، وتخرج من كلية الطب قصر العيني في القاهرة 5 يونيو 1967، وتخصص في الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات، وعمل في عدد من المراكز والوحدات الطبية بالأرياف التابعة لوزارة الصحة.
 
انتقل بين الوحدات الصحية بالأرياف وخصص كشفه بـ 5 جنيهات
في عام 1975 افتتح عيادته الخاصة في طنطا، وتكفل برعاية أخوته وأبناء أخيه الذي توفي مبكرًا، ولذلك تزوج في سن متأخرة ولديه 3 أولاد تخرجوا من كلية الهندسة والتجارة، وظل لسنوات طويلة يخصص قيمة كشفه الطبي في عيادته لا تزيد عن 5 جنيهات، وزادت أخيرًا لتصل إلى 10 جنيهات، وكثيرًا ما يرفض تقاضي قيمة الكشف من المرضى الفقراء، بل ويشتري لهم العلاج في كثير من الأحيان.
 
أبناءه
عمرو - مهندس.
 
هيثم - مهندس.
 
وليد - حاصل على بكالوريوس تجارة.
 
إطلاق اسمه على أحد شوارع طنطا
تقديرًا لجهوده أطلقت محافظة الغربية اسمه على أحد الشوارع في طنطا، وذلك بعد أن طالب سكان المحافظة بتكريمه.
 
"طفل ولع في نفسه ومات في حضني".. قصة غيرت مسار د. مشالي ليصبح طبيب الغلابة
 
في أحد لقاءاته الصحفية السابقة روي الطبيب الراحل السبب وراء تعاطفه الكبير مع الفقراء وعدم زيادة قيمة الكشف، قائلاً: في بدايات حياته العملية كان يعمل بأحد الوحدات الصحية بقريةفقيرة، وشاهد طفلا لا يتعدى عمره الـ 10 سنوات، مریض بمرض السكر مع والدته وھو یبكى من الألم وطلب منها ان تعطيه حقنة الأنسولین، فردت أم الطفل: "يابني لو جبتلك حقنة الإنسولين إخواتك مش هيتعشوا، يدوبك الفلوس على أد العيش والطعمية بتوع العشا، فالولد طلع فوق السطوح وحرق نفسه وهو بيموت قالها يا ماما انا عملت كدة عشان أوفر حق حقنة الإنسولين لاخواتي".
 
 
وأجهش بالبكاء، "رحت جبت البطانية وحضنته، طلعت روحه في إيدي والأمر دة أثر في جامد وغير حياتي ومن ساعتها أقسمت أن كل علمي هيكون لمساعدة الفقراء.
 
كشف 5 جنيهات وعلاج بالمجان للفقراء
يذكر أن كشف الدكتور مشالي هو 5 جنيهات فقط، وأصبح مؤخرًا 10 جنيه، وكثيرًا ما يرفض قبول ثمن الكشف من غير القادرين ويقدم لهم الأدوية مجانًا، بمعاونة شركات الأدوية وبعض الأغنياء.
 
رفض الملايين ونصح للتبرع بها للفقراء والأيتام
ورفض الدكتور مشالي جائزة بنحو مليون جنيه واقتراحات لتطوير عيادته، من أحد البرامج التلیفزیونیة، قائلاً:"رفضت قبول التبرعات، وأنا أوصیھم بتقدیم ھذه التبرعات لغیر القادرین، وأنا لا أحتاج لھا، قدموا ھذه التبرعات للأطفال بلا مأوى، أو الأطفال الأیتام، لترتفع مستواها وتقدم خدمات جيدة للأطفال، ومن یرید التبرع لى قدموا ھذه التبرعات إلى محافظ الغربیة لصرفھا على المحتاجین".
 
حسابي عند الله
شدد مشالي في هذا اللقاء انه يفضل أن يكون جندي مجهول ولا يحب الشو والشهرة، وحسابه ومكافأته عند الله.

 
الآلاف يشيعون جثمانه لمثواه الأخير وحارسة العقار: سلم عليا امبارح وأعطاني عنب
 
وودعه منذ قليل آلاف المحبين الذين شيعوا جثمانه إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة بقرية إيتاي البارود بمحافظة البحيرة.
 
وتوفي الدكتورمشالي بمنزله، وروت حارسة العقار الذي يقطن به، أنه كان حريص أن يطعم الفقراء بشكل يومي، وأمس قام بالسلام عليها هي وأبناءها ومنحها "عنب"، وبكته قائلة: أنه كان رجل طيب يحب ممارسة الخير والعطاء للجميع ولم يغلق بابه في وجه أي محتاج.
 
أمنيته الأخيرة
كشف مساعد "طبيب الغلابة" أن الدكتور "مشالي" كانت له أمنية أخيرة كثيرًا ما تحدث عنها أمامه قائلاً:" تمنى أن يأتيه الموت وهو يؤدي دوره داخل العيادة بين مرضاه، لم يرغب في التوقف أبدًا عن تقديم المساعدة والدعم للبسطاء".