كتبت – أماني موسى
 
نشر الحساب الرسمي لأيقونة الفن اللبناني المطربة فيروز على "تويتر"، اليوم الثلاثاء، صورًا للقائها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منزلها، حيث ظهرت السيدة فيروز 85 عامًا في رداء أسود مع ارتداء قناع الوجه للوقاية من فيروس كورونا.. ووصف الرئيس الفرنسي ماكرون فيروز بأنها "جميلة وقوية للغاية"، قائلاً: "تحدثت معها عن كل ما تمثله بالنسبة لي عن لبنان نحبه وينتظره الكثير منا.. عن الحنين الذي ينتابنا"... نورد بالسطور المقبلة محطات من حياة أيقونة الفن اللبناني العابرة للحدود "السيدة فيروز".
نشأتها لأسرة مسيحية بسيطة 
ولدت نهاد رزق وديع حداد –التي عرفت فيما بعد فنيًا باسم فيروز- في 21 نوفمبر 1935، في حارة زقاق البلاط في العاصمة اللبنانية بيروت لعائلة سريانية كاثوليكية، ولكن بعد زواجها من عاصي الرحباني تحولت إلى الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، ويعود نسب والدها وديع حداد إلى مدينة ماردين في تركيا. 
 
800 أغنية مع الأخوين رحباني
قدمت مع زوجها الراحل عاصي الرحباني وأخيه منصور الرحباني، المعروفين بالأخوين رحباني، العديد من الأوبيرات والأغاني التي يصل عددها إلى 800 أغنية. 
 
حليم الرومي يطلق عليها اسم فيروز
بدأت بالغناء وهي في عمر السادسة في عام 1940م، حيث انضمت لكورال الإذاعة اللبنانية، وأطلق عليها الملحن حليم الرومي اسم فيروز، وأعجب بصوتها وقام بتلحين عدة أغاني لها وتوقع لها أن تصبح ذا صيت كبير في عالم الفن والغناء بسبب موهبتها وصوتها الفريد.
 
فليفل يقنع والدها بالسماح لها بالغناء
وكانت نهاد الطفلة الأولى لهذه الأسرة البسيطة، وكانت تحب الغناء منذ صغرها إلا أن الأسرة لم تكن تستطيع شراء جهاز راديو؛ فكانت تجلس إلى شباك البيت لتسمع صوته السحري قادمًا من بعيد، حاملًا أصوات أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وأسمهان وليلى مراد.
 
وفي عام 1946 أعلن الأستاذ محمد فليفل، أحد الأخوين فليفل اللذان لحنا النشيد الوطني السوري؛ في حفلة مدرسية عن اكتشافه الجديد، ألا وهو صوت فيروز، ولكن والدها رفض أن تغني ابنته أمام الجمهور، ونجح فليفل في إقناعه، ووافق الأب مشترطًا أن يرافقها أخوها جوزيف أثناء دراستها في المعهد الوطني للموسيقى، الذي كان يرأسه وديع صبرة مؤلف الموسيقى الوطنية اللبنانية، والذي رفض تقاضي أية مصروفات من كل التلاميذ الذين أتوا مع فليفل. 
 
أول مبلغ تقاضته نظير غنائها
انضمت فيروز إلى فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية بعد دخولها المعهد بشهور قليلة، وتتذكر – في أحد أحاديثها النادرة – تلك الأيام فتقول "كانت أمنيتي أن أغني في الإذاعة، وقد أخبروني أنني سوف أتقاضى مبلغ 100 ليرة (21 دولارًا) في الشهر. كانت فرحتي لا توصف، لكن في نهاية الشهر لم أكن محظوظة كفاية، بسبب خصم الضريبة".
 
وبدأت فيروز عملها الفني في عام 1940 مغنيةَ في الإذاعة اللبنانية، بعدما اكتشفها فليفل وضمها لفريقه الذي كان ينشد الأغاني الوطنية، وألف لها حليم الرومي مدير الإذاعة اللبنانية أول أغانيها.
 
زواجها من عاصي الرحباني وإنجاب أربعة أبناء
لكن انطلاقتها الحقيقية كانت في عام 1952 عندما بدأت الغناء بألحان الموسيقار عاصي الرحباني الذي تزوجت منه بعد ثلاث سنوات، وأنجبت منه أربعة أطفال، وهم: الملحن وعازف البيانو اللبناني زياد الرحباني، ليال الرحباني وريما الرحباني وهالي الرحباني.
تغنت للحب والأطفال وبيروت ودافعت عن القدس
ومنذ ذلك الوقت بدأت شهرتها بالعالم العربي وارتبط اسمها باسم الأخوين رحباني اللذين قاما بمزج الأنماط الغربية والشرقية والألوان اللبنانية في الموسيقى والغناء. 
 
قدّمت مع الأخوين رحباني، وأخيهما الأصغر إلياس، مئات الأغاني التي أحدثت ثورة في الموسيقى العربية لتميزها بقصر المدة وقوة المعنى، بخلاف الأغاني العربية السائدة في ذلك الحين، وتغنت فيروز للحب والأطفال والقدس وبيروت، كما شاركت بعدد من المسرحيات من تأليف وتلحين الأخوين رحباني.
وسامات حصلت عليها من رؤساء فرنسيين
غنت فيروز لكثير من الشعراء والملحنين؛ كما غنت أمام العديد من الملوك والرؤساء وفي أغلب المهرجانات الكبرى في العالم العربي.
ونالت فيروز إعجاب رؤساء فرنسيين آخرين، إذ منحها الرئيس فرانسوا ميتران وسام قائد الفنون والآداب عام 1988 ومنحها الرئيس جاك شيراك وسام فارس جوقة الشرف عام 1998.
 
في منتصف السبعينات ظهورها على التلفزيون الفرنسي
وكان أول ظهور لفيروز، على تليفزيون أوروبي عام 1975 في برنامج فرنسي. وفي عام 1979، تضمنت أغنيتها "إلى باريس" كلمات تقول فيها "يا فرنسا شو بقلن لأهلك عن وطني الجريح".
 

الحرب الأهلية بلبنان
وخلال الحرب الأهلية قامت فيروز بجولة في الخارج، وأحيت حفلاً غنائيًا واحدًا فقط في لبنان على خشبة مسرح بين شطري بيروت التي كانت مقسمة بسبب الحرب آنذاك.
 
صدفة عمرها 60 عامًا
كان أول الوزراء الفرنسيين المتيمين بغناء فيروز، جاك لانغ الذي بدأ حياته بتأليف فرقة مسرحية، جاءت إلى لبنان نهاية الخمسينيات، من مارسيليا عن طريق البحر، لتوفير ثمن تذاكر الطائرة. وشاركت الفرقة في مهرجان راشانا الذي كان ينظمه الفنان التشكيلي ميشال بصبوص، بمسرحية لإسخيليوس، ولعب فيها لانغ أحد الأدوار، وكان في ذلك الوقت في العشرين من عمره، وتشاء الصدف أن يأتي إلى مهرجان راشانا لحضور المسرحيات، في البترون الشمالية، عاصي وفيروز. ويسعد الشاب الفرنسي بلقائهما، وكان سمع عنهما، ثم يذهب إلى بعلبك، لحضور حفلهما الذي أشعره كما يقول «وكأنه في الجنة». ويصف لانغ فيروز بأنها ذات «صوت ذهبي، وصاحبة سحر يحلق بنا، بفضل المعجزة الربانية التي تجسدها».
 
وفي عام 1988، كان جاك لانغ قد أصبح وزيراً للثقافة، وأحد أقرب المقربين للرئيس فرنسوا ميتران الذي منح فيروز وسام الآداب الفرنسي، ويسلمها إياه لانغ في حفل مهيب في القصر الملكي الباريسي.