يمضي معظم ساعات اليوم وربما جميعها، في الجلوس بين جدران بيته، يشكي همه ويبغض حاله، لا يستطيع المشي سوى مسافات قصيرة، تسمع صوت شهيقه وزفيره على بعد أمتار منه، فهو يعاني من السمنة المفرطة، ويصل وزنه إلى 220 كيلوجراما، يمضي محروس محمد، 41 عاما، من البحيرة، يومه دون رفيق سوى ابنته، ودون عمل سوى المساعدات التي تقدم له.

 
كان "محروس" سليما معافا يصل وزنه إلى 80 كيلوجراما، فجأة تحول جسده وبدأ يزيد تدريجيًا، ورافق السمنة تحول حياته إلى جحيم، يحكي "محروس" كيف تحولت حياته وبدأت معاناته: "كنت رفيع وطبيعي زي الناس، وباشتغل وبامشي وباتحرك، فجأة الميه زادت تحت الجلد، بدأت بـ45 كيلو وبعدين زادت واحدة واحدة، لقيت نفسي تخنت ومش قادر أمشي ولا أشتغل، كل ده بسبب الغدة الدرقية كانت واقفة، والكبد بيرشح من الدهون، وعندي دهون كتير على الجلد".
 
يحاول "محروس" الوقوف، وتمسك ابنته بيده اليسري، وبيده اليمني يمسك عصاه التي يعتبرها رفيقته بعد ابنته، ويستعد لرحلة الوقوف، بكل صعوبة يحاول جاهدًا الاتكاء أكثر على عصاه لأن ابنته لا تزال صغيرة، تنقسم رحلة وقوفه على فترات، يبذل فيها الكثير من الجهد: "معظم الوقت قاعد في البيت، باقوم أمشي كده شوية على عصايا عشان الدم يتحرك، لأن كتر القعدة بتخلي الدم يقف، ومابعرفش آخد نفَسي وأنا نايم، باحط 3 أو 4 مخدات تحت راسي على أنام".
 
محروس: الناس بتقولي يا تخين.. ومش لاقي أصرف على بنتي
صعوبة خدمته هو والابنة الصغيرة البالغة من العمر 10 سنوات جعلت زوجته تتركه وحيدا، طالبة منه الطلاق هربًا من خدمته، بدموع الأسى، وحزنًا على حاله الذي وصل إليه، يستكمل "محروس": "مراتي ماعجبتهاش العيشة وطلبت الطلاق واشتكتني، طلقتها وريحت نفسي، سابت البنت ومشيت وراحت أتجوزت".
 
يعيش هو وابنته على مساعدات أهل الخير، فهو لا يقدر على العمل: "ماعييش فلوس لأني مش باشتغل، وماعييش فلوس أدخلها المدرسة، أحياناً الناس بتساعدني بفلوس عشان أقدر أعيش أنا وبنتي".
 
يتعرض "محروس" للتنمر والسخرية من الجميع، ويمكن أن يقف بالساعات الطويلة منتظراً عربة لتستقله إلى بيته بعد خروجه لتمشية جسده خوفا من توقف الدماء: "كلهم بيتريقوا عليا، يقولوا لي أنت تخين ومابتعرفش تصرف على بنتك، والسواقين يقولوا لي أنت ماتنفعش تركب".