كتب – روماني صبري 
 
كتب المطران كريكور أوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك، رسالة رعوية جديدة، جاء نصها : 
 
فـي خِضَمّ الحرب العالـمية الأولـى ظهرت السيدة العذراء في ١٣ مايو / أيار ١٩١٧ لثلاثة أطفال كانوا يرعون الغنـم فـى بلدة فاطيما وهـم : لوسيا( عشر سنوات) ـ فرانشيسكو(تسع سنوات ) وجياسِنتا (سبع سنوات ).
 
لنقرأ ما جاء في مذكرات الأخت لوسيا، وهي تروي حكاية آخر الظهورات :
في صباح ١٣ أكتوبر / تشرين الأول سنة ١٩١٧، ازدحمت الطرق المؤدية لبلدة فاطيما بالناس، ورغم البرد والمطر الغزير بلغ عدد القادمين سبعين ألف نسمة. وفي انتظار ما سيحدث كان شاغل كل واحد منهم الصلاة والتضرع إلى الله. وبكل مشقة وصل الأطفال الثلاثة برفقة والديهم وشقوا لهم طريقًا وسط الجموع التي كانت تحييهم بكل احترام. وبناء على طلب لوسيا وقفت هذه الكتل البشرية تصلي المسبحة. وعند الظهر تمامًا قطعت لوسيا الصلاة صارخة: "ها هي تأتي". فشاهدت الجموع وعلى ثلاث دفعات متوالية سحابة بيضاء تظلل الأطفال الثلاثة طول مدة الظهور التي استمرت من اثنتي عشرة إلى خمسة عشرة دقيقة . 
 
وخلال الظهور قالت العذراء للأطفال الثلاثة ما يلي: " أنا سيدة الوردية، ويجب على الناس أن يتوبوا ويغيروا عيشة المعاصي، وأن يكفوا عن إهانة سيدنا يسوع المسيح المُهان كثيرًا، وعليهم أن يتلوا الوردية ". ثم أضافت العذراء أنها تريد أن تقام هناك كنيسة إكرامًا لها. ووعدت بقبول تضرعات الناس لإنهاء الحرب سريعًا إذا ما غيروا سيرتهم . وعندما أرادت العذراء الانصراف أشارت بأصبعها إلى السماء، فصرخت لوسيا قائلة : "انظروا إلى الشمس". وفي الحال استطاع جميع الحاضرين أن يشاهدوا لمدة اثنتي عشرة دقيقة منظرًا مُروِعًا ومدهشًا لم تره عين. فلقد انقطع المطر فجأةً ، وانقشعت الغيوم ، وأضحت الشمس بيضاء مثل كرة من الفضة يمكن التحديق فيها دون خوف من الإغشاء .
 
وفي اللحظة ذاتها كعَجلة من نار أخذت الشمس تدور حول نفسها مترنحة. ومثل مصباح نور قوي كانت ترسل في جميع الجهات باقات من الأنوار الخضراء والحمراء والزرقاء ومن كافة الألوان، لتسرح فوق السحب وفوق الجمهور المحتشد وفوق الأرض. ثم وقفت حركة الشمس فجأة بعد مُضيّ أربع دقائق ، لتعود مرّةً ثانية وثالثة إلى رقصتها العجيبة المترنحة وسط أنوار خيالية مبهرة.
 
وبينما كان الجمهور مأخوذًا بروعة الحادث ، ظهر للأطفال الثلاثة بالقرب من الشمس المشاهد الآتية : 
أولاً : العائلة المقدسة مكونة من سيدة الوردية والقديس يوسف والطفل يسوع.
ثانياً : سيدنا يسوع المسيح في سن الرشد مبارِكًا الجموع بحب وعطف.
ثالثاً : سيدة الآلام، أعني الأم الحزينة .
رابعاً : سيدة الكرمل حاملة بين يديها ثوب العذراء
ولما قاربت المعجزة نهايتَـها حدث ما هو أروع من كل ما سبق، إذ أن الشمس بعد رقصتها الثالثة وسط النار والألوان وقفت لحظةً. ومثل عجلة جبارة تَـفكًـكَ رباطُها من كثرة دورانها. ثم انفصلت عن الأفق وانحدرت ساقطة فوق الجموع المحتشدة الذين ذعروا وخافوا، ظنًّـا منهم أنها نهاية العالم التي تنبأ عنها الإنجيل المقدس. وهنا ركعت الجموع على الأرض مرتجفةً متضرعة ومبرزة أحَرَّ أفعال الندامة. وفي الحال سكنت الشمس مكانها وعاد إليها بهاؤها المعتاد. وكان هذا الظهور السادس والأخير للعذراء مريـم في بلدة فاطيما .