جرجس ميكائيل
الصلوات فى الاصل توضح حقيقة الحياة التقوية من زيفها، وفى الاسفار اليونانية " "الأسفار القانونية الثانية"  التى سجلت تاريخ تقوى لقديسين عاشوا حياة حقيقية وسط عالم فاسد ومفسد وسط اناس تخلوا عن الشريعة واستباحوا اكل النجس، فى وسط الامم الذى تشتتوا اليها او سبيوا فيها او حتى وسط بنى جنسهم الذين لم يحفظوا انفسهم بطهارة، وجد هؤلاء القديسون الذين شهدوا بحياتهم لأدوناى السيد الرب، فحفظوالشريعة فى الواح قلوبهم وكانت صلواتهم التقية مرآه لقلوبهم الطاهرة و علاقتهم الوطيدة بالسيد الرب.

فنجد طوبيا الذى الى لم ينفك عن ستر اجساد القديسين، ضاربا عرض الحائط بكلمة الملك، مفضلا الهلاك على ان لا يتمم عهد الهه، وستر الفقراء بصدقاته حتى افتقر من اجلهم، وأقرض من ماله المحتاج، فكانت صلواته مقبولة لدى الله يرفعها اليه رافائيل احد السبعة الملائكة المقتدرين فى القوة والوقوف امام الله.

ولما اراد توصية ابنه قال له
طو 4: 6 و انت فليكن الله في قلبك جميع ايام حياتك واحذر ان ترضى بالخطيئة وتتعدى وصايا الرب الهنا
وان صلواته هى مثال لنا نحتذى بى ونمشى على اثاره "إِنْ لَمْ تَعْرِفِي أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ، فَاخْرُجِي عَلَى آثَارِ الْغَنَمِ، وَارْعَيْ جِدَاءَكِ عِنْدَ مَسَاكِنِ الرُّعَاةِ." (نش 1: 😎
طو 3: 1 حينئذ ان طوبيا وطفق يصلي بدموع
طو 3: 2 و قال عادل انت ايها الرب وجميع احكامك مستقيمة وطرقك كلها رحمة وحق وحكم
طو 3: 3 فالان اذكرني يا رب ولا تنتقم عن خطاياي ولا تذكر ذنوبي ولا ذنوب ابائي
طو 3: 4 لانا لم نطع اوامرك فلاجل ذلك اسلمنا الى النهب والجلاء والموت واصبحنا احدوثة وعارا في جميع الامم التي بددتنا بينها

طو 3: 5 فالان يا رب عظيمة احكامك لانا لم نعمل بحسب وصاياك ولا سلكنا بخلوص امامك
أما يهوديت فهى تمثل المرأة المملوءة ايمان وشجاعة نادرة فى زمن ذاب قلب الرجال من هول الحصار وفقد الطعام وخسارة الماء، لكنها وقفت فى الثغر وصلت وطلبت واخذت ما اشتهى قلبها فى ايمان وثقة فى الله الغنى بالمراحم، فكانت كمن يغترف من لدن الله، ففازت ونالت ما طلبت، فهى مثال لقوة الايمان و الشجاعة، فصارت مثلا وامثولة نقتدى بها.

وصلت وقالت:
و هبني ثباتا في قلبي حتى ازدريه وقوة حتى اهلكه
فيكون هذا ذكرا لاسمك اذا اهلكته يد امراة
لانها ليست قوتك بالكثرة يا رب ولا مرضاتك بقدرة الخيل ومنذ البدء لا ترضى من المتكبرين بل يسرك دائما تضرع المتواضعين الودعاء
يا اله السماوات خالق المياه ورب كل خليقة استجبني انا المسكينة المتضرعة والمتوكلة على رحمتك

و اذكر يا رب ميثاقك واجعل الكلام في في وثبت مشورة قلبي ليثبت بيتك في قدسك
فيعرف جميع الامم انك انت الاله وليس اخر سواك
فى سفر دانيال الذى شهد عنه بانه الرجل "الكامل"، نعرف كيف وقف شدرخ وميشخ وعبدناغو كأسود امام الملك لم ترهبهم النار وان ارتفعت الى عنان السماء تسعة واربعون ذراعا ولا كونها إلتهمت من ألقوهم فى النار، وسيبقى ايمانهم وشجاعتهم النادرة وايمانهم وثقتهم فى الله وثباتهم ايقونه تخبر عبر السنين تمثل نقاء الايمان وحلاوته وصبر القديسين، الذين تمشى معهم ابن الله فى وسط الاتون فصار كندى الياسمين، سمع صلاتهم واتى بنفسه، واحتضنهم بحبه، فخرجت من افواههم اسمى و اجل وانقى التسابيح فعليت تسابيحهم فوق نار الاتون حتى وصلت وقدرت وهزمت الشيطان وتباهى بهم الرب الإله «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ»." (أي 1: 😎
وخرجت اناشيدهم وتسبيحاتهم وشكرهم وصلاتهم الى اخر الدهور مذخرة لنا فى لحن تينين.

اما استير فقت تمثلت بالمسيح الذى وضع نفسه لاجل احبائه، فتركت عنها ثياب بهاء الملكة، واخذت شكل العبيد بصوم وصلاة فى مسح ورماد، مضحية بنفسها بصلاة وصراخ الى الله العالم بحال ومسكنة شعبه، فابطل مشورة هامان واتى بها على راسه، وكانت أعياد الفوريم تحفظ لنا هذه الملحمة وكيف ينجى الصوم و الصلاة من عمل الشيطان.

ولاننسى المكابيين يهوذا واخوته سمعان ونتان وابيهم القديس الكاهن متنيا ولا شجاعاتهم وصلواتهم المقتدرة التى جمعت لهم قوة ونعمة من عند الله، فالحرب هى للرب، وكما انتصروا فى حروبهم بمعونة الله، ينصرنا إلهنا فى حرب نخوضها رغما عنا من قبل بليس عدو كل خير.
#الصلاة #حياة_القداسة #الاسفار_اليونانية #القانونية_الثانية #قديسى_العلى #طوبيا #يهوديت #استير #دانيال #يهوذا_المكابى #حنانيا_عزاريا_ميصائيل #سارة_بنت_رعوئيل

كان المشهد متكررا امامه كل يوم تساوره نفس الشكوك، بل تزداد اكثر، فأكثر .
اين هو اليوم من تاريخه الحافل؟ وخبرته الحربية كقائد محنك؟ ايضا ماذا عن تعليمه وشهاداته و انجازاته بل خبراته المعلقة على جدران عقله؟
ماذا يفيده من كل ما تعلمه ومن كل خبره نجح فيها؟ الى اين تقوده هذه الحياة الرتيبة؟
اين طبول الحرب و اصطفاف الجنود اين زهوته بنفسه، اثناء ارتداء بزته الحربية، بل ومروره بين جنوده وانتباههم فقط لانه يمر؟ وتحيتهم العسكرية وانضباطهم امامه؟ كان هذا يعطيه احساسا بالقيمة وطعما الحياة.

هل اصبح الان نسيا منسيا؟ مجرد راع للغنم ينظر الى الارض الشاسعة من الصحراء التى ليس لها نهاية، هل درس وتعلم حتى ما يقود الغنيمات بدلا من اقوى جيوش العالم!
تقطع زوجته شروده وقد احضرت له طعام الغذاء، مالك؟
 فيجيب بنظرة ثاقبة وتنهد تفهمه على الفور هذه الكوشية طيبة القلب ابنه كاهن مديان، سنده وجيشه الصغير ..وتبادره، هل تريد ان تنزل الى مصر، فقد مات فرعون الذى يطلب دمك.

فيجيبها لا احد يعرفنى الان، فقد اصبحت انا وصحراء التيه واحدا!.
ماذا افعل لك، هل انت غير سعيد؟
يقوم مسرعا فشاة قد شردت، يجرى وراءها لكى يضمها الى القطيع، فقد كان ذلك اكثر الامور جللا فى البرية القاحلة!
ربما خطرت هذه الافكار على ذهن موسى طيلة اربعين سنة كاملة بين الجبال فى صحراء لا اول لها من اخر، وهو القائد قوى البنية المتعلم لفنون القتال والتخطيط الحربى، فقد مات المصرى بين يديه اذ ثقلت يديه على المصرى وهو يضربه!

واذ تعلم وتهذب بكل حكمة المصريين مثار دهشة العالم الى وقتنا هذا، اذ كانت حروبه فكرية، وذهنية، حتى تعلم كيف ينتصر فى هذه الحروب، فقد علمته الطبيعة القاسية و البرية القاحلة كيف يتغلب اولا على غضبه، وكيف يقتنى الصبر بل ان يكون حليما  متأملا اكثر من كل من على الارض.
ربما قد ظن انه فعلا اصبح نسيا منسيا، لا احد يدرى به فى هذه الصحراء، وان لا احد يكترث لوجوده بل لا احد يعرف مكانه، ولا قيمة له ولا لكل ما عرفه و تعلمه، فبعد اربعين سنة قد شاخ وفقد قوته ولا يصلح لشىء حتى ولو رجع الى مصر، فلن يقبل فى اى وظيفة، فلا احد يقبل قائدا حربيا او "جنيرالا" قد قارب على الثمانين من العمر.!!!

نظر الى ملابسه البسيطة، ملابس راعى غنم مغمور،  فأيقن الحقيقة!!.
قد تكون هذه هى الحقيقة المجردة و المنطقية، لكن ليس عند "يهوه الذى اهيا"، فلو نسيت الام رضيعها لا ينسانا.
وان كان موسى قد فقد الثقة فى قدراته وامكانياته وعلمه من "كثرة" الانتظار ، فالله هو الخالق  «مَنْ صَنَعَ لِلإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟ (خر ٤:١١).

وهو الذى يخلق حتى الرغبة، ومكون الارادة
"لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ." (في 2: 13)
وانه يستطيع ان يصنع منه "اى موسى الراعى البسيط"  إلها لفرعون، من هارون نبيا له.
والله هو الذى يستطيع ان يوظف "قائدا حربيا" و "جينرالا" قد تعدى الثمانين وفقد شبابه، بل اكتسب حلما ليقود اكثر من اثنين مليون ويكون مسؤولا عن اكلهم وشربهم ومشاكلهم، ليس لعام او عامين، بل لطيلة اربعين سنة اخرى، ويقودهم فى انتصارات حربية وروحية مازال العالم يتكلم عنها بإعجاب شديد حتى بعد مايقرب من ٣٤٠٠ عام.

لقد انتظر موسى فى صبر شديد، فلا تيأس ابدا، فقد سمع كل افكار رأسه، احس بألمه وضيقه، وصنع منه اعظم من اعظم قادة التاريخ.
"اِنْتِظَارًا انْتَظَرْتُ الرَّبَّ، فَمَالَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي،" (مز 40: 1).
#جنيرالا_فى_الثمانين #حليما_اكثر_من_كل_من_على_الارض #موسى #نسيا_منسيا #يهوه #ياه #الذى_اهيه #انتظر_الرب