مؤمن سلام
كلما ذكر أحد عبارة الإرهاب الإسلامي قام المسلمون الوسطيون الكيوت وعلى رأسهم شيخ الأزهر ولم يقعدوا، متهمين من يستخدم هذا المصطلح بالتطرف والعنصرية والإسلاموفوبيا، ومبرئيين الإسلام من هذا الإرهاب رافعين الشعار الأشهر "لا يمثلون الإسلام".

إلا أن في ظل الأحداث الارهابية المتكررة في السنوات الأخيرة التي يقوم بها ارهابيون يرفعون شعارات الإسلام والتي يصاحبها في الأغلب تبريرات من نفس هؤلاء الذي يغضبون من مصطلح الإرهاب الإسلامي، فهؤلاء الوسطيون الكيوت الذي يرفعون شعار "لا يمثلون الإسلام" هم في الحقيقة من يبررون الإرهاب ويشرعنوه تحت عناوين مختلفة وحجج متنوعة ما بين "أنظروا ماذا يفعل اليهود والشيوعيين والبوذيين بالمسلمين في فلسطين أو الصين أو بورما" وكأن الجريمة في مكان تُبرر الجريمة في مكان أخر أو "هل نسى هؤلاء ما فعلوه أيام الإستعمار" أو "اليهودية والمسيحية ديانات متطرفة وارهابية أيضاً" مستعينين ببعض آيات التوارة والإنجيل والحروب الصليبية، وكأن الإستعمار لم يعترف بجرائمه التاريخية ولم يعتذر وتعتذر الكنيسة الكاثوليكية ولم تقم هذه الكنيسة بتقويم وإصلاح نفسها في مجمع الفاتيكان الثاني، بل قد يشطح بهم الخيال إلى القول بأن الغرب الكافر هو الذي يقوم بهذه العمليات لأسباب سياسية. هنا سيكون علينا استخدام الحديث النبوي "البينة على المدَّعِي" انتم تدعون أن هذا ليس إرهاب إسلامي رغم أن من يقومون به ينطلقون من نصوص إسلامية ويرفعون شعارات ورايات الإسلام ثم يقوم الوسطيون الكيوت بمهمة التبرير والدفاع عن هذه الجرائم، فكيف تطلبوا من أحد أن لا يُسميه الإرهاب الإسلامي؟

عندما يعترض شيخ الأزهر على مصطلح إرهاب إسلامي ويرفع شعار "لا يُمثلون الإسلام" عليه أن لا يكتفي بالبيانات والتصريحات ولكن أن يقدم بينةً أو دليلاً على ما يقول، فما هو الدليل الذي قدمه الإمام الأكبر؟

في الحقيقة لم يقدم أى شيء غير الكلام والشعارات وبيانات الشجب والإدانة ليس للإرهابيين ولكن للإستعمار والإمبريالية والعنصرية الغربية، وهو ما اعتدنا سماعه منذ انتشار ظاهرة الإرهاب الإسلامي في السبعينات لترث الإرهاب الشيوعي، ولهذا لدى بعض الشيوعيين نوع من الحنين إلى الإسلام السياسي وخاصة الجهادي.

فحتى هذه اللحظة لم نرى أى تفكيك للمفاهيم المؤسسة للارهاب الإسلامي، مفاهيم الحاكمية، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والخلافة، والشريعة. هذه هى المفاهيم التي تؤسس للإرهاب العالمي الآن وهى كلها مفاهيم إسلامية وليست شيوعية أو مسيحية أو يهودية أو علمانية.

حتى يكون لكم مصداقية في الفصل بين الإسلام والمسلمين واثبات خطأ مصطلح "الإرهاب الإسلامي" عليكم تفكيك هذه المصطلحات ليس بترديد شعارات ونصوص تدعو للسلم ولكن تفكيك حقيقي يؤدي إلى علمانة الإسلام فيكون دين لا دولة، والحكم للأمة وليس لله، والجهاد هو بذل الجهد في الحياة وليس في القتال والموت، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يتعلق بمحاربة الفقر والجهل والمرض والظلم والإستبداد وليس محاربة الحريات الفردية، والخلافة كانت بنت زمنها وانتهى فالأمة الإسلامية كيان معنوي وليس سياسي.

هذا هو الطريق الوحيد الذي يُثبت خطأ مصطلح "الإرهاب الإسلامي"، إبراز نسخة جديدة من الإسلام تتوافق مع قيم الحداثة ومفاهيم التنوير، تنتشر بين المسلمين حتى يتبناها التيار العام، بحيث يُصبح المتطرفين والمتعصبين مجرد أقلية مُنزوية لا تأثير لها في التيار العام للمسلمين، بغير هذا سيظل مصطلح "الإرهاب الإسلامي" قائم بل وسيتبناه المزيد من المفكرين والسياسيين.

الصورة: صامويل باتي (Samuel Paty) 47 عام مدرس التاريخ والجغرافية الفرنسي الذي قطع الإرهابيون رأسه أمس