كتب – روماني صبري 
 
وجه المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس اليوم الثلاثاء، رسالة للشبيبات المسيحية في الأراضي المقدسة، جاء فيها : 
 
لا نريد للمسيحي الفلسطيني في بلادنا وكذلك المسيحيين في هذا المشرق بشكل عام ان يتقوقعوا وان ينعزلوا عن محيطهم وقضاياهم الوطنية والإنسانية والاجتماعية .
 
نحن في فلسطين مكون اساسي من مكونات شعبنا الفلسطيني والقضية الفلسطينية هي قضيتنا كمسيحيين كما هي قضية المسلمين وما اتمناه منكم ان تكونوا يقظين والا تتأثروا بأي خطاب تحريضي يأتي الينا من هنا وهناك لكي يشجعكم على الهجرة وترك وطنكم وأرضكم المقدسة .
 
المسيحيون الفلسطينيون هم مطالبون لكي يكونوا متحلين بالحكمة والرصانة والايمان القوي والقويم والعزيمة والارادة الصلبة وكذلك التمييز ما بين الخيط الأبيض والخيط الاسود .
 
نسمع بعض الأصوات الداعشية التي تحرض على الكراهية هنا وهناك ولكن هؤلاء لا يمثلوا ثقافة شعبنا الفلسطيني ولا يجوز ان يكون الرد على خطاب الكراهية والتكفير والإقصاء بنفس الأسلوب لان هذا يتناقض وقيمنا الإيمانية والاخلاقية والتي تحثنا دوما على المحبة والمسامحة والتعاطي بانسانية واحترام مع كل انسان حتى وان اختلف عنا في معتقده او دينه .
 
اما الظاهرة الخطيرة والتي نلمس انها باتت تنتشر بشكل اوسع اليوم وهي وجود مواقع للتواصل الاجتماعي تبث برامجها المسمومة من امريكا ومن غيرها من الاماكن وهؤلاء يدعون انهم يبشرون بالمسيحية ولكن مهمتهم قذرة مشبوهة وهنالك جهات صهيونية وماسونية تقف خلفهم لكي يؤججوا الصراعات والفتن وثقافة الكراهية في مجتمعنا .
 
هنالك مواقع تواصل اجتماعي تحرض المسيحيين في هذا المشرق وتسعى لاقتلاعهم من انتماءهم الوطني ومن عروبتهم ومشرقيتهم وابعادهم عن فلسطين باعتبارها القضية الاولى لكل انسان حر في هذا العالم .
 
احذروا من هؤلاء ومنهم صحفية سورية سابقة التي تبث برامجها المسمومة من امريكا وهي منخرطة بشكل مباشر في مشروع افراغ المشرق العربي من مسيحييه من خلال تخويف المسيحيين وتحذيرهم من مستقبل مظلم وجعلهم يخافون ويعيشون حالة توتر وقلق على مستقبل مجهول لكي يحزموا امتعتهم ويغادروا اوطانهم كما وغيرها من المواقع المشبوهة والتي تبث سمومها بشكل خاص نحو مسيحيي المشرق.
 
انها ظاهرة خطيرة يجب ان تواجه بالوعي والحكمة ولا يجوز التأثر بمثل هذا التحريض حيث بات العالم كله وكأنه قرية صغيرة وهنالك كما هائلا من مواقع التواصل الاجتماعي التي تبث سمومها وتحريضها وفتنها وخطابها المشبوه لشعوبنا العربية وللمسيحيين بشكل خاص بهدف جعلهم يتقوقعون وينعزلون عن هواجسهم وقضاياهم الوطنية وكذلك حثهم على الهجرة لكي تبقى هذه المنطقة خالية من المسيحيين .
 
لا ننكر ايها الاحباء ان هنالك تحريضا من قبل اشخاص يلبسون ثوب الدين وعمامته ولكن في الواقع انما يخدمون اجندات مشبوهة ولا يجوز ان يكون رد فعلنا على هذا التحريض الطائفي بنفس الاسلوب فمقاومة الشر لا تكون بالشر ومقاومة الضغينة والكراهية لا تكون بالضغينة والكراهية بل بثقافة المحبة والاخوة الانسانية التي هي جزء من قيمنا ومبادئنا وروحانيتنا .
 
نعيش في وقت نحتاج فيه الى الحكماء والعقلاء الذين يعرفون ويدركون جسامة المؤامرة التي تستهدف الحضور المسيحي في هذا المشرق فاعداءنا يعرفون ان نسبتنا اليوم في فلسطين لا تتجاوز ال1% وهم يتمنون ان تتحول الى 0% ، كما ويعملون عبر وكلائهم وعملائهم ومرتزقتهم على افراغ هذه المنطقة العربية من مسيحييها كما حدث في العراق وفي سوريا وفي غيرها من الاماكن .
 
لن تقوم لنا قائمة في هذه الديار الا من خلال خطاب المحبة والاخوة والحوار والتفاهم وتكريس الدولة المدنية والوحدة الوطنية والتلاقي بين كافة مكونات شعبنا الفلسطيني.
 
لا لخطاب الكراهية ايا كان شكله وايا كان لونه ولا للتحريض الطائفي والمذهبي ونعم لخطاب المحبة الذي يوحد ابناء شعبنا ومشرقنا في انتماءهم لقضاياهم الوطنية وفي مقدمتها قضية فلسطين .
هنالك من يعملون على حرف البوصلة ويريدون للمسيحي ان يفكر بالهجرة وان يتخلى عن انتماءه الوطني بذريعة وجود التطرف والعنف وثقافة التكفير والاقصاء هذه الظاهرة التي لا ننكر وجودها ولكن معالجتها لا يمكن ان تكون من خلال الهجرة وترك هذه الارض المقدسة وهذا المشرق .
 
ابقوا في اوطانكم شهودا للايمان ولرسالة الكنيسة واحبوا اوطانكم وانتموا اليها ولا تتأثروا بخطاب التحريض والتشويه الهادف الى حرف بوصلتنا ايا كان مصدره .
 
سنبقى في وطننا وفي مشرقنا وحتى اولئك الذين تركوا أوطانهم فالغالبية الساحقة منهم قلوبهم تخفق عشقا وانتماء لهذا المشرق ولفلسطين بشكل خاص ارض الميلاد والقيامة والنور .