كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
 
 
في مجتمع رجال الاقتصاد والذي منهم أساتذة الجامعات ورجال الأعمال يؤكد الاقتصاديون علي أن مشكلتنا في مصر وفي أي مجتمع ينمو هي مشكلة اقتصادية تكمن في إنتاج ضئيل يقابله استهلاك واستيراد بشكل هائل، ومن جانب آخر زيادة في السكان يقابلها ثبات بل وتقلص في مساحات الأراضي المزروعة.. فهم يرون أن الحياة والتقدم في النهاية ترتكز علي ثلاثة مقومات رئيسية: الإنسان والمال والأرض (والأرض هنا بكل ما تحمل من ثروات فوقها وتحتها) وهو ثالوث تتفاعل بين عناصره كل عوامل بناء الاقتصاد المؤثر في تحقيق نهضة الأمم.. وبينما يعلي بعضهم من قيمة أن يكون لدينا احتياطي نقدي كبير في خزائن البنك المركزي .. يري الآخرون في ذلك التضخم دلالة علي الفشل.. إذ إن تضخم ثروة راكدة لاتتدفق في عروق الاقتصاد وشرايين مواقع الانتاج لتتحول إلي فرص عمل وخير عميم للوطن والمواطن يعد دلالة إخفاق..
 
وفي دنيا الإدارة يملأ الدنيا علماء الإدارة كلاما رصينا ستفهم منه أن منطلق البدء في الإصلاح والتطوير هو الاستفادة بعلمهم وإعمال نظم الإدارة الحديثة وأن التحسين والتمكين والتجويد وتحقيق القيم المضافة والإدارة المثلي والموارد البشرية وحتمية وجود رؤية ورسالة هي عناوين ومفاتيح يمتلكون فنونها وأسرار إبداعها.. وأما إذا ألمت بالوطن الملمات فإن فنون وعلوم إدارة الأزمات والكوارث هي الملاذ والوادي الأمين الذي يتلاشي أو علي الأقل تتصاغر عنده الآثار السلبية المحتملة للكوارث مثل غرق العبارات واحتراق القطارات ومسارح قصور الثقافة !!.. وعلي الجانب الآخر يري الممارسون أن علوم الإدارة وفنونها التي يبشر بها الأكاديميون بغير مخزون خبراتي يتمازج ويتسق مع تركيبة الشخصية المصرية والاطلاع الجيد علي المناخ المحيط بكل حالة تلحق بنا جميعا حالة فشل ذريعة !!
 
أما في عالم السياسة فإن السياسة و رموزها وأهلها  يرون أن الإرادة السياسية، ومن ثم القرار السياسي الفاعل والجاد هو القادر علي إحداث التحول والشروع في مسيرة الإصلاح والتطوير ونهوض الأمم وإقالتها من عثراتها.. إلا أن رجالات السياسة وقادتهم ورجال الفكر السياسي يتشيعون في مذاهبهم وتوجهاتهم.. فمنهم اليميني واليساري ومنهم من قالوا إنهم من أهل الوسط .. ورغم أن من بينهم أيضا من ينضم إلي الحزب الكبير، بل ويوافق علي الانضمام لعضوية أكثر اللجان تعبيرا عن توجهات الحزب.. فإنه في لحظة يخرج علينا في كل قنوات العالم وصحفه بخبر الاستقالة من باب ادعاء الصدق الوطني والممارسة السياسية النموذج، والبطولة الأولي بالضجيج الإعلامي ولا تسأله ما الذي تغير في حزب انضم إليه بالأمس ثم تركه في الغد.. بينما الجميع يعلم أن الحال في مثل تلك المؤسسات في الدول النامية لا يتغير بهذه السرعة بين عشية وضحاها !!
 
ويحدثنا المنادون بإصلاح التعليم والذي تؤرقهم قضايا تخلف نظم التعليم والأمية والأبجدية والثقافية والصحية بأن البداية لتحقيق أي طفرات تكمن في التعامل مع الموارد البشرية باعتبارها القادرة علي تفعيل وتحريك والاستفادة بكل الموارد الأخري المتاحة ..
 
وهكذا نري أن كل نخب المجتمع تحدثنا وفق رؤي مختلفة تتبني كل منها منطلقا فكريا تري فيه ضرورة البداية بإصلاحه وتطويره والتمكين من تهيئة فرص النجاح.. 
 
إننا لاشك نحتاج إلي فكر جديد لا يعتمد علي فكر النخب النظري المؤسس علي قراءات ورقية أو حتي خبرات يتم اكتسابها عبر معارف اليكترونية أو غيرها من أشكال المعرفة المعاصرة.. بل من المهم أن تأتي من تعامل مباشر مع الفرص علي الأرض لاستثمارها والتحديات لمجابهتها في مناخها، ومجالسة الناس في كل المواقع.. فالفكر الأقوي هو الذي يستمد فاعليته من كل قوي المجتمع من خلال طرح ديمقراطي حقيقي ..