إعداد وتقديم – عصام عاشور
هذه سيرة شخصية موجزة نتمنى أن لا تكون مخلة لعالم كبير وهب حياته الممتدة (93 سنة) للعلم والأبحاث والتجارب الفعلية على الأرض  وتعتبر مؤلفاته من أبرز المراجع العلمية عن جيولوجيا مصر ونهر النيل.
 
لذلك يمكن أن نقول أن رشدى سعيد قد خرج بالعلم النظرى إلى الواقع الواسع بما فيه من سياسة وثقافة ومسؤلية قيادية فى الوطن وكان رجل يحمل على كتفيه شموخ القامة والقيمة فى نفس الوقت.
 
ويمكن أيضاً أن نضم رشدى سعيد إلى طائفة البنائين الأخيار وهم من يطلق عليهم أنهم أبناء الوطن الأكفاء الأذكياء المخلصين الأوفياء الذين تنهض بهم الأوطان وتبنى.
 
فرشدى سعيد بجانب كونه عالماً فهو مفكر ومثقف موسوعى وإنسان يعشق مصر وهى تعيش فى وجدانه فى كل لحظة.
 
لذلك فإن مقولة مكرم عبيد (مصر وطن يعيش فينا) تنطبق عليه تماماً. لكن لما ضاق به الوطن.. خرج منه مهاجراً.

 
لماذا هو هيرودوت مصر؟
يمكن أن نطلق على..  رشدى سعيد هيرودوت مصر حيث جاب رشدى سعيد مصر من أقصاها إلى أقصاها خاصة صحرائها..  ودلتاها..  وواحاتها ودرسها دراسة وافية كما درس نهر النيل بكل تفاصيله.
 
من هو هيرودوت مصر؟
هو مؤرخ يونانى قديم يعتبروه أبو التاريخ زار مصر وكتب عنها فى كتابه (تمحيص الأخبار) بعد أن جابها شرقاً وغربا وتحدث فى الكتاب عن جغرافية مصر وتاريخها وقال كلمته المشهورة :مصر هبة النيل.
 
البطاقة الشخصية لرشدي سعيد:
تاريخ الميلاد : 12 مايو 1920 
محل الميلاد : شبرا – مصر – القللى
الأشقاء: شقيقتان أكبر منه – تعلمتا تعليماً عالياً وسافرتا فى بعثات إلى إنجلترا – وشقيق أصغر منه يدعي كمال.
 
إسم الزوجة: الكتورة وداد حبيب سعيد، أستاذة الفلسفة بالجامعة الأمريكية.
الأبناء : سوسن وكريم 
 
مفتاح الشخصية
يمكن التعرف على مفتاح شخصية رشدى سعيد من خلال أربعة وقائع وأحداث :الأولى: سمعها من والده وهولا يزال صغيراً وهى قصة شديدة الإلام حيث كان جده  لأبيه من مزارعى قرية السراقنة مركز القوصية بمديرية أسيوط وحدث خلاف بينه وبين ملتزم القرية على قيمة الضريبة وحدث التلاسن بينهما ولما كانت للملتزم  قوة كبيرة وسطوة فى القرية يخشاها الجميع فأصر الملتزم على (قطع لسان الجد) وتدخل أعيان القرية لتخفيض العقوبة إلى (سف التراب) أى أكل التراب.
 
كانت هناك فى أسوء عهود الظلم والإستبداد عقوبة أشبه بالفلكلور وهى قطع اللسان أو سف التراب أو الإثنين معا فرضخ الجد وأكل التراب أمام أهل القرية وبعدها لم يستطع العيش بالقرية .. فأخذ أولاده ورحل إلى القاهرة عام 1874 أى فى أى فى عهد الخديوى إسماعيل.
 
هذه الحادثة المروية له أكاد أعتقد أنها من أول وأهم الأسباب التى جعلته كارهاً للسلطة وجبروتها.
 
الثانية: عاشها بنفسه فى بداية دراسته الثانوية عند إلتحاقه بمدرسة التوفيقية الثانوية وكان أصغر الطلاب بفصله وربما فى المدرسة بالكامل حيث كان عمره 11 سنة وكان معظم زملائه من ذوى الطباع الحادة وكثيرى الشجار ولا يحترمون أغلب المدرسين .. مما أثر عليه فلم يستطع التأقلم مع هذا المناخ .. فرسب فى جميع  المواد بما فيها مادة الرسم. 
 
وهذه الواقعة الأولى المعاشة بالنسبة له .. أيضاً أكاد أجزم أنها كرهته فى الفشل.
 
الثالثة : عاشها بالإنتماء .. وهى إلحاقه بجمعية الشبان المسيحية .. وأرى أنها علمته أولاً أهمية القراءة وخاصة فى كتب التراث العالمى .. والبحث .. وأهمية الرياضة  والعمل فى جماعة بأقل تدخل من الكبار .. وقبول الآخر .. وأهمية الديمقراطية .. والدأب .. والإصرار على النجاح .. وأهمية الصداقة.  
 
الرابعة : كابدها وهو متخطياً سن الستين حيث إعتقله أنور السادات .. فى سبتمر 1981 ضمن 1536 والسياسيين والمثقين والكتاب ورجال الدين .. وأيضاً أكاد أجزم أن مدة وطريقة الإعتقال تلك  ... عمقت لديه كره السلطة  .. ومحاولة البعد عنها بأى وسيلة.