كتب – روماني صبري 
كان لـ"علي ماهر باشا"، دور هام في تشكيل السياسة المصرية، كما عرف بدوره النضالي حيث شارك في ثورة 1919، تولى مهام وزارة المعارف عام 1925، وتقلد منصب رئيس وزراء مصر 4 مرات، أولها في 30 يناير عام 1963، واستمرت مدة 100 يوم حفلت بالأحداث والعديد من الأعمال، وأخرها عند قيام ثورة يوليو 1952 حيث عهد إليه برئاسة أول وزارة مصرية في عهد الثورة المصرية، أمر مصطفى النحاس باشا رئيس وزراء مصر خلال الحرب العالمية الثانية بالقبض عليه بتهمة موالاته للمحور، فحاول الهروب لكن البوليس المصري قبض عليه، شغل منصب رئيس الديوان الملكي المصري في عهد الملك فؤاد وحصل على نيشان فؤاد الأول، وهو الأخ الشقيق لرئيس الوزراء الدكتور أحمد ماهر باشا، أطلق عليه (رجل الأزمات) حيث كان سياسي محنك امتلك الدهاء الذي أهله لمعالجة المهمات الصعبة، كما سمي بـ"رجل الساعة"، تقديرا لحنكته ومهاراته السياسية.
ظفر بتربية سليمة 
علي ماهر باشا من مواليد 9 نوفمبر عام 1881، وتربى في منزل والده محمد ماهر باشا، وكان الأخير رجل عصامي يمتلك شخصية فذة الذي نشأ نشأة عصره، فدرس في المدارس الابتدائية فالتجهيزية فالحربية، وكانت المدارس الحربية آنذاك على النظام الفرنسي، في عام 1898 حصل علي ماهر، على البكالوريا من المدرسة الخديوية، بعد ذلك ارتاد مدرسة الحقوق وحصل على ليسانس الحقوق عام 1903 ، ليقصد فرنسا حتى يستكمل دراسة القانون.
 
تدرج والده محمد باشا في المناصب العسكرية حتى أصبح وكيلا لنظارة الحربية، كما عين في وقت لاحق محافظا للقتال ثم محافظا للقاهرة، وعلى الرغم من كثرة مهام ومناصب محمد باشا إلا أنه اهتم بتربية أبنائه تربية سليمة وخاصة ما يتعلق بشخصياتهم وأخلاقهم وتعليمهم.
بالنظام يتفوق الشخص عسكريا 
علي باشا كان من ضمن 5 من الأولاد، وكان والدهم يحرص على غرس النظام فيهم باعتباره من أهم مزايا التفوق العسكري، لذا ألحقهم بالقسم الداخلي في المدرسة حتى يزداد اعتمادهم على ذواتهم، كما هيأ لهم في المنزل المزيد من أسباب الاعتماد على الذات ومنها أنه كان يوكل إدارة المنزل خلال العطلة الصيفية بين أبنائه بالتبادل بشكل أسبوعي، وتكون مهمة مدير المنزل أن يراقب نظافة المنزل وملحقاته، إلى جانب مراعاة ما يعد من الطعام لأهل المنزل والخدم. 
 
لطالما استغل والده الوقت عند الجلوس على مائدة الطعام في التحدث عن الأخلاق الفاضلة، كما كان يستمع إلى ملخصات أولاده حول الكتب التي أرشدهم لقراءتها، ويكافئهم عليها وعلى غيرها من السلوكيات الفكرية والعملية.
يستحق هدية من الفضة
كان علي ماهر باشا شخصا مميزا، كونه تربى داخل هذه البيئة الأسرية المميزة، وما يؤكد ذلك  أن والده أرسل إليه برقية عندما كان محافظا على القتال خارج القاهرة، وكان يسأل فيها عن حال ابنته المريضة، فرد عليه ابنه علي قائلا: " سعادة المحافظ بورسعيد صحتها جيدة " ، فلما وصل والده إلى القاهرة أشاد باختصار برقية علي ودقتها، لذا كافأه بقلم رصاص من الفضة.
حتى أنا يجب أن امنع من العمل بالسياسة ! 
نشرت مجلة "أخر ساعة"، في عددها الصادر في 13 أكتوبر عام 1940، كواليس اجتماع على ماهر باشا رئيس وزراء مصر مع عدد من الشبان، وقالت انه في ذلك اليوم رد الرجل على من يشكون من موقف الزعماء السياسيين الذين لا يجتمعون على رأي ولا يتفقون على شيء.
 
واختصهم ماهر قائلا :" الحل الوحيد لما تعانيه مصر الآن هو أن يوضع جميع الزعماء في غرفة يحرسها ديدبان ويمنعوا من الاشتغال بالسياسة ولا يخرجوا منها إلا بعد انتهاء الحرب"، هذا الرد انزل الدهشة بالشباب، فتابع بعضهم يقول :" وماذا تفعل رفعتك، فأجاب :" وأنا في مقدمة الذين يجب أن يمنعوا من الاشتغال بالسياسة مع باقي الزعماء، فهذا الجيل من الزعماء لم يعد يصلح، وبهذا فقط يمكن لمصر أن تصل إلى ما تريد." 
 
الأمير فاروق هو الأولى 
خلال توليه للحكومة عصفت أصعب المشاكل بمصر، جراء الأزمات العالمية سواء في العهد الملكي أو الجمهوري، شهدت وزارته الأولى تشكيله هيئة المفاوضات المصرية البريطانية، وقام فيها بعقد انتخابات عامة حرة، مكنت حزب الوفد من الفوز بغالبية مقاعد البرلمان، وهو من نادى بتنصيب الأمير فاروق ملكا على مصر بعد والده الملك فؤاد، غيبه الموت عام 1960 في مدينة جنيف، ودفن جثمانه في القاهرة.