​في 12 يناير 2018 تحوّل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في الجزائر إلى مناسبة رسمية، لكن المناسبة تحولت هذا العام إلى منافسة على مواقع التواصل الاجتماعي بين المصريين والجزائريين لاثبات جنسية الملك «شيشونك» أو «شاشناق».
 
كانت لحظة إعلان إزاحة الستار عن تمثال الملك «شاشناق» في مدينة «تيزي وزوو» الجزائرية، بمثابة الشرارة الأولى لحالة الجدل بين الجزائريين المؤيدين لتنصيب تمثال لهذا الملك، وجزائريين يرفضون الأمر باعتبار أنَّ التمثال مكانه في مصر وليس الجزائر، وسرعان ما اتسعت مساحة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداخلت فيها أطراف من خارج الجزائر لتأييد وجهة نظر كلا الفريقين.
 
ومنذ الأمس، تبدل الحال وأصبح الجدل محصورًا في خانة المنافسة على إثبات جنسية الملك «شاشناق» ليتصدّر هشتاج «شيشنق مصري» وهشتاج «لا لسرقة التاريخ المصري» وغيرها من العبارات التي أصبحت أشبه بلافتات يرفعها متظاهرون في الفضاء الإلكتروني، دعمًا لقضية أو معركة وهمية حول أصول الملك الذي يريد البعض تحويله إلى رمز لاحتفالات رأس السنة الأمازيغية، واستفزاز المصريين بحجة أنَّ هذه المناسبة وهذا الملك هما رمزا هزيمتهم في معركة تاريخية على الحدود المصرية الليبية.
 
«شاشناق».. مصري من أصول ليبية
المؤرخ الدكتور محمد حمزة، عميد كلية الآثار السابق في جامعة القاهرة، أكّد أنَّ «الملك شاشناق» مصري من أصول ليبية، واسمه يوجد على أكثر من 50 أثرًا، وانتصاراته مسجلة على لوحة كبيرة في بهو معبد الكرنك بالأقصر، مشيرًا إلى أنَّه ينتمى إلى «الأسرة 22» ، وبمعنى أدق هو من أسس «الأسرة 22» في مصر.
 
جذور «شاشناق»، بحسب الدكتور محمد حمزة، تعود إلى قبيلة ليبية، وكان يطلق عليها مصطلح علمي يدعى «شعوب البحر»، وهم من سكنوا فلسطين فترة من الوقت، وإطلاق عليهم مسمى «بلست»، ومنه ظهر اسم فلسطين، وهؤلاء جاءوا إلى منطقة الشرق الأدنى، عبر هجرات يطلق عليها هند أوروبية، وأصل اسم شاشناق آسيوي ينتمى لمدينة سوس الإيرانية.
 
بداية علاقة «شاشناق» وأسرته بمصر كانت عبارة عن غزوات ومحاولات تسلل عبر الحدود المصرية، ومنهم من استطاع التوغل داخل مصر، ولكن «منيمبتاح ورمسيس الثالث» في الأسرة الـ19 استطاعوا حماية مصر منهم، ثم استعانوا بهم كجنود، واستقروا في مصر، وتزوجوا مصريات، وتحولوا إلى جزء من النسيج المصري، للدرجة التي مكّنتهم من تأسيس الأسرة 22.5 ملوك يحملون اسم «شاشناق».
 
العميد السابق لكلية الآثار أكّد وجود 5 ملوك يحملون اسم «شاشناق»، على طريقة رمسيس الذي كان بمثابة لقب لمجموعة من حكام مصر، و«شاشناق الأول» مؤسس الأسرة 22، حكم مصر من عام 950 إلى 929 قبل الميلاد، والمومياء الخاصة به موجودة فى مصر، وهناك إشارة له في التوراة بسبب الحملة العسكرية التى جهزها واستطاع من خلالها الاستيلاء على 150 مدينة فلسطينية.
 
ما يجمعه «دناير».. تفرقه مواقع التواصل الجزائر
احتفلت الجزائر للمرة الأولى برأس السنة الأمازيغية رسميًا في 12 يناير 2018، بقرار أصدّره الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وكان الهدف منه تعزيزا الوحدة الوطنية، ووافق البرلمان الجزائري على ذلك، وجعل من تاريخ 12 يناير من كل سنة عطلة رسمية مدفوعة الأجر لكل الجزائريين.
 
الجزائريون -عرب وأمازيغ- كانوا يحتفلون برأس السنة الأمازيغية باعتباره رأس السنة الفلاحية، كلاهما كان يحتفي بالمناسبة من خلال تجمع عائلي في وجبة الغداء للتناول طبق «كسكسي» مغمور بخضراوات مطبوخة تحمل ألوانًا متنوعة مثل "الجزر والكوسة والبطاطس والفول الأخضر"، ويحرصون أن يغلب اللون الأخضر على المائدة باعتباره لون الخير، والجميع يتمنى أن تكون سنة خضراء.
 
«دناير» أو رأس السنة الأمازيغية، مناسبة ترمز إلى التسامح والتقريب بين شعوب دول شمال أفريقيا التى يتواجد ضمنها الأمازيغ، في مصر وليبيا والجزائر وتونس والمغرب، وكان الهدف من إحياء هذه الذكرى حشد روح الوحدة بين سكان المنطقة، لكن مواقع التواصل الاجتماعي حولت المناسبة لمنافسة أو مناكفة تفرق ما يجمعه «دناير».