كتب – سامي سمعان
نشر القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية نص عظة البابا تواضروس الثاني في قداس تدشين كاتدرائية السيدة العذراء مريم والقديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي.
 
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين، تحل علينا رحمته ونعمته من الأن وإلى الأبد آمين. 
هذا يوم فرح أيها الأحباء أن نحتفل جميعًا في هذا التذكار يوم ٨ طوبة الموافق ١٦ يناير بتدشين هذا الكاتدرائية في برية القلالي في هذا الدير، وهو يوم فرح أيضًا أن نحتفل بهذا التذكار الذي ذكر  في السنكسار وهو تدشين الكنيسة الكبيرة في دير القديس مكاريوس الكبير في زمن حبرية البابا بنيامين الأول رقم ٨٨ في القرن السابع الميلادي وهكذا يتواصل التاريخ. أريد أن أتحدث معكم عن ثلاث عناوين: 
 
١- لنا تاريخ مجيد:
نحن في هذه البقعة أيها الأحباء التي عاش فيها الأجداد وعاش فيها قديسين وارتفعت فيها صلوات وامتدات وأنتشرت ثم جائت ظروف وتوقفت الحياة الرهبانية في هذه المنطقة وانتقلت إلى منطقة أخرى، في هذه البرية برية القلالي هذه البرية لها تاريخ عظيم وها نحن نحتفل بالقديس مكاريوس السكندري ونحتفل بقديسين عظام عاشوا ورفعوا صلوات من القرن الخامس والسادس وإن كانت توقفت بعد حين وأنتقل الرهبان إلى منطقة أخرى لكن صارت هذه المنطقة مشبعة بروح الأباء وروح النسكاك الذين عاشوا فيها، تاريخ مجيد وها هى الصلوات تحيي لنا مكانًا مقدسًا، التاريخ المجيد يمثل الجذور التي لنا، والشجرة التي لها جذور قوية في الزمن والتاريخ، هكذا نحن في كنيستنا وينطبق علينا الكلمة التي نصليها في المزمور الأول"فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ " لنا هذه الجذور من آباء قدموا الدموع والصلوات عبر الأجيال وعاشوا في البراري والمغاير وشقوق الأرض، عاشوا وحملوا أتعابًا وألامًا كثيرة ولكنهم كانوا مخلصين لذلك صلواتهم ها هي تتجدد وتنشيء مواضع مقدسة ونحن اليوم في القرن ٢١، تاريخ مجيد ولا أتكلم على هذه البقعة فقط بل على الرهبنة التي امتدات من هذه المنطقة وإلى برية شيهيت في وادي النطرون ثم البراري المقدسة الموجودة في مصر، والأديرة التي نشأت تاريخ عظيم ونحن نذكر هذا التاريخ لكي نقوي إيماننا، وإيماننا هو الشجرة المغروسة بالحقيقة على مجاري المياة، ويمكن عاش هنا قديسين لا نعرف اسمائهم أو أعمالهم أو كتابتهم ولكن الله يعرفهم فصارت هذه السير المقدسة من أجلنا جميعًا، هذه البرية التي عاش فيها قديسين ونساك وكانوا أمناء ومخلصين في حياتهم فأثمرت صلواتهم الكثيرة ما تراه اليوم.
 
٢- لنا حاضر فريد:
نيافة الأنبا باخوميوس يعطي له الله الصحة والعمر  الطويل ويمتعه بخدمته وثمر تعبه، لم تشغله رعاية إيبارشية كبيرة لم تكن موجودة من قبل، فإيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية لم تكن موجودة قبل رسامة الأنبا باخوميوس وكانت البحيرة جزء من إيبارشية الغربية أو إيبارشية طنطا، ولكن عندما سيما لهذه الإيبارشية التي هى جديدة كانت الامكانيات ضعيفة للغاية، ولكن أهتم بهذه الرعاية بكل أماكنها سواء في البحيرة أو مطروح أو شمال أفريقيا لكن لم يبتعد ابدًا عن الحياة الرهبانية وإلا عن الفكر الرهباني أو مبادي الرهبنة وكان يحلم كثيرًا أن يكون هناك ديرًا في الإيبارشية رغم أنه يقع في نطاقها الجغرافي أديرة وادي النطرون وبعض أديرة الخطاطبة وكان يشتاق ورفع هذا الاشتياق في صلوات كثيرة ولم تشغله متطلبات الرعاية عن حلمه في أن يكون هناك دير، واستجاب له الله وأعطاه الله أن يجدد هذه البرية ويجعل لنا فيها حاضر فريد، ونحن اليوم أتينا لنفرح الآباء الأساقفة والآباء الكهنة والشمامسة لنفرح مع الأنبا باخوميوس في هذه البرية الجديدة وأنه يحيي الحياة فيها بهذه الكاتدرائية العظيمة في حجمها وفي مكانتها والاسم التي تحمله كاتدرائية السيدة العذراء مريم والقديس مكاريوس السكندري، وهذا يعلمنا كيف نعي هذه النعم الكثيرة وبرغم من أننا نعيش في أزمنة وباء ومرض لكن الله يتمجد ورغم بعد المكان ولكن الله يتمجد ورغم أن المكان صحراء ولكن الله يتمجد وينشأ في هذا الحاضر الفريد ديرًا عظيمًا ويحمل اسمًا عظيمًا وهذا كله يفرحنا، وهذا الحاضر الفريد يجعلنا نشكر الله على كل نعمة عمل مع الأنبا باخوميوس مئات من الناس من الآباء والأحباء والمهندسين والفنيين ليكمل هذا العمل الذي يمجد الله، وعندما ندخل الدير ونرى منارات الدير والحياة في هذا الدير، لا نملك إلا أن نقف أمام الله ونشكره على عطاياه ... نشكرك يارب أن الحياة في هذا المنطقة تحيا من جديد بعد توقفها نشكرك يارب لأن عينك علينا ويدك معنا من أول السنة إلى أخرها ومن أول العمر إلى أخره تدبر أمور حياتنا وتهيئ طريقنا لأنك إله خلاصنا وهذا يفرحنا للغاية، وننتهز هذه الفرصة باسم كل الآباء الحضور معنا نشكر نيافة الأنبا باخوميوس على تعبه ومجهوده والله يعطيه العمر الطويل ونحن في السنة الخمسين لسيامته أسقف للبحيرة قد نعمت البحيرة من زمن البابا شنوده الثالث في أول رسامة أسقفية أن يكون نصيبها نيافة الأنبا باخوميوس هذا شيء في كنيستنا وفي تاريخنا، واليوم يعتبر العيد المحلي لهذه الكنيسة هو يوم تدشين الكنيسة ويصبح تاريخ ميلادها ويحتفل به سنويًا.
 
٣- وينتظرنا مستقبل سعيد:
إذا كان الماضي والحاضر بهذه الصورة فأرى بروح الإيمان والرجاء أننا ننتظر مستقبلًا سعيدًا وأقصد به الحياة الرهبانية والآباء في هذا الدير، فالرهبنة هى أغلى جوهرة في الكنيسة ومن الرهبنة ترتفع الصلوات والتسبيح وتسند الكنيسة، ونمو الكنيسة في نمو الحياة الرهبانية لذلك المستقبل السعيد أن يكون لنا ديرًا في هذه المواقع المقدسة وأن يعيش فيها أباء رهبان مباركين يحيوا في حياة روحية وهذا شيء مهم جدًا لأننا نحتاج القامات الروحية، فمن الرهبنة والآباء والبرية نأخذ القدرة والحكمة والنعمة، ونأتي الدير لنأخذ البركة وهى حياة الآباء وسيرتهم وقامتهم الروحية وسلوكياتهم والحكمة التي يعيشوا بها، نفوس مخصصه مدشنه من أجل الله وتحمل قلوب وعقول نقية تفكر في الله كل وقت وتعيش فيه، عندما تكون لدينا رهبنة قوية يكون لنا مستقبل سعيد لأن الرهبنة هى التي تسند الكنيسة، لذلك يا أخوتي الأحباء في هذا اليوم المفرح نسعد أمام الله ولا نملك إلا أن نشكره ونمجده ونسبح اسمه القدوس الذي أعطانا كل هذه النعم اعطانا الماضي المجيد والحاضر الفريد ويعطينا المستقبل السعيد.
 
نهنئ نيافة الأنبا باخوميوس ونيافة أنبا ايساك وكل الآباء في هذا الدير ونتمنى أن يكون ديرًا له رائحة المسيح الذكية ورائحة بخور البرية، نصلي أن يحفظ الرب الجميع ويعطينا دائمًا أن نمجده في كل حين، ونحن اليوم نشترك كلنا في كتابة صفحة من صفحات الكنيسة العظيم، نشكر ربنا على هذه النعم ونصلي من أجل هذا المكان المقدس ونصلي من أجل الآباء وأن يعطيهم الله البركة والنعمة  والعافية والسلامة، ونصلي من أجل العالم كله وأن يرفع الله هذا الوباء الذي يدمر مواضع كثيرة ولكن لنا رجاء في الله أن يرفع هذا المرض وهذا الألم عن العالم كله، يباركنا مسيحنا بكل بركة روحية يرانا في احتياج إليها ويعطينا أن نمجده على الدوام وأن يحفظنا في اسمه القدوس إلى النفس الأخير، لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين.