كتب – روماني صبري 

برع الدكتور إيزاك فانوس، في إحياء الفن القبطي بشكل معاصر، فحين أبصر عظمة أعماله البابا يوحنا  بابا روما، قال ليكون هذا الفنان من يرسم كاتدرائية الكاثوليك بمدينة نصر، وكانت أعمال الموزييك على مساحة 200متر مسطح خلاف الزجاج المعشق بالرصاص، يقول فانوس، تكونت حضارة وادي النيل حين عرف الإنسان المصري أن لهذا الكون خالقا، بقوته استطاع أن يبدع ما تراه العين، وتسمعه الأذان وتعمله الأيادي وتسجله، فكل شيء في الوجود يأتي من السماء، وحضارة وادي النيل مازالت تسري وتعطي، فالفن التشكيلي المصري، باق ليؤكد ويعبر عن مضمون العقيدة في شتى العصور والمجالات"، حصل فانوس على الميدالية الذهبية من معهد الدراسات الشرقية بفينيسيا عام 1987، ومنحه المتنيح البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية عام  1984 شهادة الدكتوراه الفخرية على مجمل أعماله وتقديرا لمشواره، وكان فانوس رئيس قسم الفن بمعهد الدراسات القبطية.

 

مزج الفن بالدراسات اللاهوتية

فانوس من تلاميذ الفنان الفرنسي الكبير ليوند أوسبنسكي‏، ونجح في مزج الفن بالدراسات اللاهوتية، أولى فانوس اهتماما كذلك بالحياة وأشكالها المختلفة، والسياسة منها في مصر، وشهد عام ١٩٧٣ اشتراكه في معرض "الفن والمعركة"، حيث رسم رسومات حول انتصار حرب أكتوبر، وبعد مرور عامين شارك في مؤتمر للحفاظ على التراث في فرنسا، كما حضر مؤتمر الأديان بسان فرانسيسكو عام 1990.

بمنزل يحترم الفنون 

عام 1919، داخل منزل يحترم القراءة ويحب الرسم والفنون عموما، ولد فانوس احد رواد الفن القبطي المعاصر في مصر، وهو ابن قرية صغيرة تتبع أبا الوقف في مركز مغاغة بالمنيا ، ينتمي لعائلة بـ (أبا الوقف) والده كان من كبار رجال تجارة الأقمشة في الحمزاوي بالأزهر وكان والده يحب القراءة.

 

حرصت والدته على تشجيعه هو وأخوته على حب الفنون، ومن هذا الجو المحب للثقافة والفن أصبح أخيه الأكبر فنانا فوتوغرافيا يعمل مع المصور رياض شحاتة مصور الملك فؤاد والأخ الثاني درس الفنون وكان في آخر أيامه مديرا لمتحف مختار، حصل فانوس على البكالوريا من مدرسة الخرنفش الفرنسية والتحق بكلية الفنون التطبيقية وتخرج عام 1941 وكان أول دفعته وحصل على دبلوم المعلمين من معهد التربية الفنية للمعلمين سنة 1943 وعمل مدرسا للرسم في مدارس شبرا.

لا تودع ريشتك المصرية 

ذات يوما التقى الفنان راغب عياد بالمتحف القبطي فعرفه على بطرس باشا سميكة الذي أعطاه فرصة التواجد للعمل بعض ساعات بالمتحف القبطي فعرف وقتها عمالقة القبطيات مثل المهندس حنا سميكة والفنان يسى عبد المسيح ود. رؤوف حبيب، قرر الالتحاق بمعهد الدراسات القبطية، وكان حبه للفن القبطي حافزه على التفوق وعرف وقتها د. سامي جبره. ونصحه أستاذه في فن المزييك والفريسك والرسم القبطي يوسف عفيفي أن يبتعد عن الغربيات ويحتفظ بريشته القبطية المصرية الأصيلة.

السفر لفرنسا 

سافر مع 3 من رفاقه في بعثة إلى باريس، في عهد المتنيح البابا كيرلس السادس، بعد أن طلب من عبد الناصر السماح لطلبه وأساتذة معهد الدراسات القبطية للسفر في بعثات للخارج، وحين وطأت أقدامه ارض الوطن، بدأ رحلته ومشواره الكبير مع الفن القبطي، بداية أعماله كانت في الإسكندرية بكنيسة أبى كير ويوحنا وبعدها كنيسة العذراء بالجولف وجاردن سيتي ومزار مار مرقس بالكاتدرائية والأنبا بيشوي بكلوت بك والكثير من الكنائس والأديرة بأعمال الفريسك والموزييك والأيقونات القبطية والزجاج المعشق بالرصاص.

 

الرحيل 

ودع فانوس الحياة يوم الاثنين الموافق 15 يناير عام 2007، وكانت الصلاة الجنائزية مهيبة، حيث ودعت الكنيسة القبطية ومحبو الفني القبطي الفنان العالمي د.إيزاك فانونس بعد رحلة عطاء طويلة أثري فيها الفن القبطي بإبداعه المتميز وتطويره لشكل الأيقونة القبطية وبما قدمه من أيقونات ورسومات بكنائس وأديرة مصر وبالكنائس القبطية في لندن والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وروما وعمله وعطاؤه في تلمذه جيل من المبدعين علي الفن القبطي الحديث. 

أناب عن قداسة البابا شنودة الثالث  حينذاك، في حضور صلاة الجنازة التي أقيمت بالكنيسة البطرسية بالعباسية أصحاب النيافة الأنبا بطرس الأسقف العام، ونيافة الأنبا بيسنتي أسقف حلوان والمعصرة،والأنبا دانيال أسقف عام كنائس المعادي، كما حضر الصلاة السفير البريطاني وعميد معهد الدراسات القبطية،وأعضاء مجلس المعهد،وهيئات التدريس واتحاد الطلاب والدارسون بالمعهد، ألقي بيسنتي كلمة عزاء نقل فيها إلي الأسرة تعزيات البابا شنودة الثالث وتحدث فيها عن مكانة الراحل العظيم ودوره في إحياء الفن القبطي الخالد.