بقلم : هاني صبري - المحامي 
بسبب خلافات زوجية أب و أم يتركان طفلهما وحيداً داخل الشقة دون إطعام 9 أيام كاملة فيموت جوعا.
 
 عليه قررت نيابة مركز شرطة طوخ حبس الأب والأم 4 أيام على ذمة التحقيقات لتسببهما فى وفاة نجلهما الطفل "أنس" 4 أشهر.
 
حيث تدخل هذه الجريمة ضمن جريمة القتل بالامتناع أو الترك، وهو ما يجعلنا نقول إن القتل أو الإيذاء بالامتناع يوازى ما يقع منه بالفعل الإيجابى، فقتل الأم لوليدها بمنع الطعام عنه والشراب لمدة قد تطول حتى الموت، فهذه جريمة بشعة ويندي لها الجبين وإنعدمت الرحمة من قلبهما ووصل بهما العناد إلي قتل طفلهما الرّضيع.
 
في تلك الجريمة النكراء نكون إزاء اعتداء على حق الإنسان، أو بالأحرى المجنى عليه فى الحياة، فيسأل الزوجين عن جريمة القتل العمد، طالما توافر لديهما قصد القتل، أى إرادة إزهاق روح المجنى عليه.
 
حَيْث تقـوم المــسؤولية الجنائيـة بكــل فعـل محظــور، قــد يرتكبـه الإنــسان بحيـث يرتــب عليــه القـانون عقوبـة، وعليـه فقيـام المـسؤولية معنـاه إرتكـاب فعـل جرمـه القـانون.
 
والحق أنه إذا كان القانون ينهي عن القتل أو الإيذاء ، فإنما ينهي عنه كنتيجة ، والشارع حريص ألا تقع هذه النتيجة سواء بواسطة نشاط إيجابي ( فعل ) أو نشاط سلبي ( امتناع ) – لن القانون لا يقول لا تقتل بواسطة الفعل ، وإنما يقول مطلقاً لا تقتل بأي سبب من الأسباب ، ولهذا فإذا كان قمة الواجب على الشخص بألا يقتل فإن هذا الواجب ينصرف إلى عدم ارتكاب الفعل أو الامتناع طالما كان الفعل أو الامتناع سبباً صالحاً لإحداثه، وهذه الحقيقة لا تنصرف إلى القتل وحسب ، ولكنها تصدق على كل جريمة لا يتعارض الامتناع وطبيعتها – لأن الأصل في كل جريمة ذات حدث – أما بفعل أو امتناع طالما أن بأي منهما يصلح – في الظروف التي إرتكب فيها – سبباً للنتيجة. 
 
فجوهر الجريمة السلبية، وجود واجب يفرضه القانون، بإنزال العقاب على مجرد الامتناع عن القيام بفعل معين، فإذا تحقق الامتناع أو الإحجام عن القيام قامت الجريمة السلبية لأن القانون الجنائي قواعده آمره، وعندما يأمر بإتيان عمل يكون الامتناع عن إتيانه جريمة سلبية. 
 
أما وأن الملحوظ في نصوص القتل بقانون العقوبات أنها لا تُحدد شكل السلوك الذي تقع به الجريمة ولا طبيعته وإنما تُعاقِب على كل سلوك ينشأ عنه موت فإن الحقيقة تؤكد أن القتل يحدث إما بفعل إيجابي أو يحدث كامتناع الأم عمدا عن إرضاع طفلها.
 
في تقديري هذه جريمة قتل عمد مكتملة الأركان من ركن مادي وركن معنوي ورابطة سببية بينهما.
 
الركن المادي لوقوع الجريمة بالامتناع هي الصورة السلبية للركن المادي وهو الامتناع عن عمل عندما يشكل هذا العمل واجب قانوني كان بإمكان الجناة فعله مع علمه بهذا الواجب وتسبب ذلك في موت الطفل الرضيع. ويعتبر الممتنعان في هذه الحالة مسؤولين عن النتائج التي أفضي إليها إمتناعهما.
 
وكذلك توفر القصد الجنائي لأن جريمة الامتناع من الجرائم السلبية أي أن الفاعل يحجم عن إتيان فعل إيجابي و هذا ما يتمثل في الركن المعنوي.
 
وكذا توافر علاقة السببية بينما باعتبارها الرابط بين الامتناع والنتيجة الإجرامية التي يعاقب عليها القانون.
 
الأصل إن المتهم يسأل عن جميع النتائج المُحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي مالم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة.
 
ومن ثم فالمتهمان اللذان إرتكبا هذه الجريمة العمدية يتحملان كامل المسؤولية عن جميع نتائج هذه الجريمة بما في ذلك النتائج الاحتمالية.
 
أن المشرع المصري قد حَسَمَ المسالة وساوى بين نوعي السلوك (الإيجابي والسلبي) تعني الجريمة الإيجابية بطريق الامتناع والتي ترتب المسؤولية الجنائية علي مرتكبها الإحجام عن إتيان سلوك معين كان من شأن القيام به الحيلولة دون تحقق النتيجة التي يجرمها القانون الجنائي، ويترتب على الامتناع حدوث النتيجة التي يحظرها هذا القانون وذلك دون أن يصدر عن الشخص أي سلوك إيجابي.
 
وبتقديرنا فإن ما ذهب إليه المشرع المصري يتوافق تماماً مع الرأي الراجح في الفقه ومع غالبية التشريعات العقابية المعاصرة، كما أنه اتجاه تفرضه السياسة العامة لمكافحة الجريمة التي من مقتضاها عدم ترك أية فسحة للجناة كي يتخلصوا من العقاب بدعوى أن ما قاموا به (امتناعاً) وليس (فعلا إيجابياً).
 
بناء عليه نطالب بتوقيع أقصي عقوبة علي المتهمين تحقيقاً للردع العام والخاص والحفاظ علي حياة إولادنا ومنع كل ما تسول له نفسه النيل منهم.