هاني صبري - المحامي
أثارت تصريحات الدكتور آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر جدلاً واسعاً عندما قررت "جواز زواج المسلمة من غير المسلم ولا يوجد نص قرآني يمنع ذلك".

مما دَفْع الأزهر الشريف بالرد عليها بفتوى "تحريم زواج المسلمة من غير المسلم مطلقاًً، ولو وقع لكان باطلًا، وأضاف زواج المُسلِم من غير المُسلمة، باستثناء ما إذا كانت من أهل الكتاب؛ يهودية أو مسيحيّة، ما لم يُخشَ على دينه أو دين أولاده"؛ لعموم الآية  {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ..}.

أن الزواج في الإسلام شأن خاص بالدِّين الإسلامي، وكل دين له شروطه في عقد الزواج، وهناك خلافات فقهية في هذا الشأن لسنا في معرض تأصيل فقهي لشرحه، لكن من غير المقبول الزُج بأهل الكتاب فيما تختلفون عليه كعُلماء دين وتساوى بينهُم وبين المشركين بكلمات حاسمة وجازمة مُستشهدين بآية من القُرآن الكريم تتحدث عن المشركين لا عن أهل الكتاب بخصوص الزواج.

حيث ذكر الأزهر لتأييد ما يدعيه بالآية الواردة في سورة البقرة [البقرة: 221] : {.. وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.

اتهام المسيحيين بالمشركين مخالف للقرآن والسنة حيث أنه لا يوجد نص في القرآن الكريم يكفر اتباع أي ديانة سماوية، وأي إدعاءات بغير ذلك فيها مخالفة لصحيح الدين الإسلامي الحنيف، وفيها إهانة للمسيحيين وازدراء الدين المسيحي.

أن المسيحيين ليسوا مشركين لأنهم يعبدوا رب واحد. تعريف الشرك في القرآن الكريم ورد في سورة النساء الآية ١١٦ " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا" .

 تعريف الشرك هو أن أشرك مع الله أي أشياء أخري ، والمسيحيين في كل العالم بكل مذاهبهم وطوائفهم يعبدوا إله واحد، وسوف أرد علي عدم صحة مزاعم البعض بأتهام المسيحيين بأنهم مشركين بآية واحدة من القرآن الكريم استشهد بما يُؤْمِنوا به في سورة العنكبوت الآية ٤٦ " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ  " وهذه الآية محكمة وليست منسوخة وفق تفسير الأمام الطبري وابن زيد وآخرين، وهذه الآية دليل وشهادة علي أداب الحوار في الإسلام ، وشهادة علي التوحيد من أهل الكتاب ، وشهادة علي صحة الكتاب المقدس، وهناك عشرات الآيات في القرأن الكريم ، والأحاديث الشريفة التي تقرر أن أهل الكتاب ليسوا مشركين وصحة الكتاب المقدس.

أن الكتاب المقدس من أوله إلي آخره يتكلم عن الوحدانية فقد وردت ٥٢٤٨ آية في الكتاب المقدس تتكلم عن الوحدانية، فالمسيحي لا يُؤْمِن بأن الله ثالث ثلاثة ، بل يُؤْمِنوا أن الله واحد وهذا حجر الأساس في العقيدة المسيحية.

 أن حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضي الدستور ولكن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد فليس له أن يحتمي في ذلك بحرية الاعتقاد.

وبناء عليه نطالب الأزهر الشريف إصدار بيان لتوضيح من المقصود بالمشركين في الآية الذي استشهد بها لأنه المنوط وفقاً للدستور بالعلوم الدينية الخاصة بالشئون الإسلامية.

 كما نطالب اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم ٦٠٢ لسنة ٢٠١٨ التصدي بكل حزم لمنع حدوث أي أمور تضر  بالوحدة الوطنية وسلامة المجتمع ومواجهتها وقفاً للقانون للمحافظة علي الأمن القومي والسلام الاجتماعي للبلاد.