كتبت - أماني موسى
 
وافق أمس الأربعاء 17 فبراير الذكرى الخامسة لرحيل الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، أحد أشهر الصحفيين العرب والمصريين في القرن العشرين. ساهم في صياغة السياسة في مصر منذ فترة الملك فاروق حتى وفاته سنة 2016، حيث عاصر ملكين و7 رؤساء، وتولى عدة مناصب صحفية هامة مثل رئيس تحرير جريدة الأهرام.. نورد بالسطور المقبلة لمحات من حياته.
 
تغطية عن نتائج معارك الحرب العالمية الثانية
وُلد هيكل يوم الأحد 23 سبتمبر 1923 في قرية باسوس إحدى قرى محافظة القليوبية، بدأ عمله بالصحافة في عام 1942، حيث التحق بجريدة "الإيجيبشيان جازيت" وعمل كمحرر تحت التمرين بقسم الحوادث ثم انتقل إلى القسم الألماني، شارك في تغطية بعض المعارك التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، ثم التحق بمجلة آخر ساعة عام 1945 كمحرر أيضًا واستمر في العمل بهذه المجلة حتى أصبحت تحت ملكية جريدة أخبار اليوم.
تغطية أحداث حرب فلسطين 48
جمعته علاقة وطيدة مع رؤساء مصر بدءًا من الرئيس جمال عبد الناصر، حيث قام بتغطية أحداث حرب فلسطين 48، وكان الصحفى المصرى الوحيد الذى استطاع السفر إلى هناك بطريقته الخاصة، ليقابل عبد الناصر باعتباره أحد أبطال الحرب.
تحرير كتاب فلسفة الثورة للرئيس جمال عبد الناصر
وفي عام 1951 تولى منصب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة وفي نفس الوقت مدير تحرير جريدة أخبار اليوم، وصدر له أول كتاب يحمل عنوان "إيران فوق بركان" وذلك بعد رحلة إلى إيران استغرقت شهراً كاملاً، وفي عام 1953 قام بتحرير كتاب صدر للرئيس جمال عبد الناصر يحمل عنوان فلسفة الثورة.
 
إيران هي الدولة الحقيقية في مقابل عالم عربي وهمي
عرف عنه قربه من إيران منذ حكم شاه إيران، وأخيه أشرف، مرورًا بالخوميني وخامنئي ورفسنجاني الذي كان يزوره في "برقاش" التي فيها مكتبته الشهيرة، حيث قال هيكل: "في إيران هم قادرون على أن يفهموا ما يجري في العالم ومن حولهم. لقد استطاعت الثورة الإيرانية أن تأخذ ثوابت الثقافة والحضارة الفارسية باستمرار".
 
كما صرح بقوله: أن 99% من الدول العربية، هي دول وهمية، وجودها مجرد ديكور، بينما إيران هي الدولة الحقيقية في مقابل عالم عربي وهْمي.
رئاسة تحرير الأهرام وكتاب "العقد النفسية التي تحكم الشرق الأوسط"
في شهر يونيو 1956 قام السيد علي باشا الشمسي بعرض رئاسة تحرير جريدة الأهرام على الصحفي هيكل، وذلك أثناء مقابلته في نادي الجزيرة على مجرى سباق الخيل، ووقع هيكل بالحروف الأولى على مشروع عقد مع بشارة تقلا صاحب أكبر حصة في ملكية الأهرام وبحضور ريمون شميل، وكان له عمود أسبوعي خاص به تحت عنوان "بصراحة" وظل يكتب هذا العمود حتى عام 1994، وصدر له كتاب العقد النفسية التي تحكم الشرق الأوسط في عام 1958.
صياغة خطاب التنحي بعد نكسة 67
وظهرت الصداقة التى ربطت هيكل بعبد الناصر جلية فى صياغته لخطاب التنحى الذى ألقاه عبد الناصر على الشعب بعد حلول نكسة عام 1967، وهو الخطاب الذى تمكن فيه الرئيس المهزوم من جعل موقف المصريين موقفًا عاطفيًّا يتمسك فيه المصريون برئيسهم.
 
ترأس هيكل الصحيفة لمدة 17 عامًا، حيث خرج من جريدة الأهرام لآخر مرة يوم السبت 2 فبراير 1974 مجيبًا على سؤال لوكالات الأنباء العالمية، قائلاً: "إن الرئيس -السادات- يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي. وقراري هو أن أتفرغ لكتابة كتبي فقط" !.
السادات استعمل سلطته لأترك الأهرام ولكن هذه السلطة لا تخول له أين أذهب بعد ذلك القرار؟
ولقد أوضح هيكل موقفه في تصريح نشرته صحيفة الصنداي تيمس في عددها الصادر يوم السبت 9 فبراير قائلاً: " إنني استعملت حقي في التعبير عن رأيي، ثم إن الرئيس السادات استعمل سلطته. وسلطة الرئيس قد تخول له أن يقول لي أترك الأهرام ولكن هذه السلطة لا تخول له أن يحدد أين أذهب بعد ذلك القرار الأول يملكه وحده.. والقرار الثاني أملكه وحدي"!.
حاور أينشتاين والقائد البريطاني الفيلد مارشال برنارد مونتجمري
حاور هيكل أغلب الرموز السياسية والثقافية والفكرية في القرن العشرين ومنهم عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين والقائد البريطاني الفيلد مارشال برنارد مونتجمري والزعيم الهندي جواهر لال نهرو، وبندر بن عبد العزيز آل سعود، ثريا حلمي، عاصي رحباني، عبد الله الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، نزار قباني ونزيهة الدليمي، هنري كسنجر، وصدرت هذه المحاورات في كتابه (زيارة جديدة للتاريخ).
تقلد مناصب وزارية أيضًا
وإلى جانب العمل الصحفى شارك الأستاذ فى الحياة السياسية حيث تولى منصب وزير الإرشاد القومى عام 1970، كما تم تعيينه وزيرًا للإعلام، ثم أضيفت إليه وزارة الخارجية لفترة أسبوعين في غياب وزيرها الأصلي السيد محمود رياض.
اعتقاله في عهد السادات
وفي سبتمبر 1981 أمر السادات باعتقال هيكل ضمن حملة شملت 1536 معارضًا حزبيًا وصحفيًا ظلوا رهن الاعتقال إلى ما بعد اغتيال السادات في السادس من أكتوبر تشرين الأول 1981، كتب هيكل شهادته على عصر السادات في كتابه (خريف الغضب) الذي أغضب محبي السادات.
السادات أخبرني: "قررت أن أفجر المسألة الطائفية وسأذهب إلى مجلس الشعب بنفس"
في كتابه خريف الغضب تناول هيكل العلاقات المتوترة بين رأس الدولة المصرية آنذاك السادات، ورأس الكنيسة القبطية البابا شنودة، وتحدث باستفاضة عن قرارت سبتمبر 1981. 
 
ووصف هيكل، البابا شنودة بـ الراهب المقاتل، وتناول اللقاء الذي جرى في منزل السادات بحضور ممدوح سالم وزير الداخلية، الذي أظهر انحيازًا نحو البابا شنودة متوقعًا زيادة حظوظه بالفوز بمنصب البطريرك.  
السادات أعاد استخدام الخط الهمايوني
وأشار هيكل أن الاحتكاك بدأ سريعًا بين البابا والرئيس، بعد سنة وشهر من تولي البابا، ووقوع أحداث الخانكة الشهيرة، بسبب بناء كنيسة بدون ترخيص، حيث أعاد السادات استخدام الخط الهمايوني، وقامت قوات الأمن بإزالة عدد من المنشآت التابعة للكنيسة، فما كان من البابا إلا أن تحدى الرئيس وأصدر أوامره لعدد من الأساقفة بترأس موكب ضخم من القساوسة لإقامة صلوات القداس الإلهي بين الحطام، وعليه قرر السادات بدء المواجهة مع البابا شنوده، وهاتف هيكل تليفونيًا قائلاً: "إنني قررت أن أفجر المسألة الطائفية وسأذهب إلي مجلس الشعب بنفسي وأشرح لأعضائه تفاصيل ما يجري وأطلب منهم اتخاذ ما يرونه من قرارات".  
 
وأوضح هيكل أن فكرة تفجير المشكلة الطائفية، حقق للسادات التعاطف من قبل العناصر الإسلامية المتطرفة التي كان قد بدأ منذ ذلك الوقت يسعي إلي كسب تأييدها.
حياته الشخصية
تزوج هيكل من السيدة هدايت علوي تيمور منذ يناير 1955 وهي من أسرة قاهرية ثرية اشتهرت بتجارة فاكهة المانجو، وهي حاصلة على ماجستير في الآثار الإسلامية وله منها ثلاثة أولاد، وهم:
 
 
الدكتور علي هيكل وهو طبيب أمراض باطنية وروماتيزم في جامعة القاهرة، وهو متزوج بالدكتورة إيناس رأفت.
 
الدكتور أحمد هيكل وهو رئيس مجلس إدارة شركة القلعة للاستثمارات المالية، ومتزوج بالسيدة مي العربي.
 
حسن هيكل وهو رئيس مجلس الإدارة المشارك والرئيس التنفيذي للمجموعة المالية هيرميس ومتزوج بالسيدة رانيا الشريف.
 
له سبعة أحفاد هم: هدايت- محمد - تيمور - نادية - منصور - رشيد - علي.
 
حين بلغ عامه الثمانين في 2003 كتب سلسلة مقالات عنوانها (استئذان في الانصراف.. رجاء ودعاء وتقرير ختامي).
وفاته
توفي يوم الأربعاء الموافق 17 فبراير 2016 عن عمر ناهز 93 عامًا بعد صراع قصير مع المرض، حيث كانت حالة الصحية قد ساءت خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة من حياته، وخضع خلالها لعلاج مكثف في محاولة لإنقاذ حياته، بعد تعرضه لأزمة شديدة بدأت بمياه على الرئة رافقها فشل كلوي استدعى غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعيًا.