مؤمن سلام
عندما تتحدث مع أى فقيه أو داعيه عن وضع المرأة في الإسلام، يبدأ في القاء خطبة عصماء عن تكريم الإسلام للمرأة، وسوق الأدلة الشرعية والتاريخية (بغض النظر عن صحتها) عن وضع المرأة قبل الإسلام ووضعها بعد الإسلام، وماذا منحها الإسلام ليرتقي بها.
 
ومما يستدل به هؤلاء الخطباء هو منح الإسلام للمرأة ذمتها المالية المستقلة، أى أن أموالها سواء كانت منقولة أو عقارية هى ملكها وحدها وتستطيع أن تتصرف فيها بيعاً وشراءً، دون الحاجة إلى إذن الزوج أو الأب أو الأخ أو أى ذكر كان.
 
إلا أن في نفس الوقت الذي تستطيع فيه المرأة عند هذا الفقيه أن تُدير ثروتها، لا تستطيع نفس هذه المرأة ذاتها أن تُزوج نفسها بنفسها، ولابد أن يزوجها ولى أمرها الذي قد يكون الأب أو الأخ أو العم أو أى ذكر من العائلة، وإن لم يكن هناك ذكر في العائلة تكون الدولة هى الولي على المرأة في عقد النكاح. بل يستطيع ولى أمرها أن يفرقها عن زوجها إذا رأى أنه غير كفء لها.
 
كذلك لا تستطيع سيدة الأعمال هذه التي يحدثنا عنها الفقيه أن تسافر وحدها بدون محرم، أو بدون موافقة ولى أمرها.
 
هذا التناقض الخطير في وضع المرأة الفقهي هو ما فتح الباب لتدمير حقوق المرأة وبالتالي تدمير المجتمع كله.
 
فمن الناحية العملية عندما نضع ولي ذكر يتحكم في حركات وسكنات وقرارات المرأة، يُصبح الحديث عن الذمة المالية للمرأة هو حديث مُضلل، فعملياً المرأة لكى تبيع وتشتري وتدير ثروتها، هى بحاجة للتنقل والسفر والاجتماع بالرجال، ولكن لأنه يُشترط وجود محرم وولي، يصبح عملياً هو المتحكم في كل هذا، فهو يستطيع منعها من السفر، ويستطيع أن يرفض حضور الاجتماعات معها كمحرم، أى ببساطة يستطيع تعطيل أعمالها وإدارتها لثروتها، بل ويفتح باب المساومات بين الولي ومن تقع تحت ولايته، ادفعي كى أسمح لكي، وهو ما ينسف فكرة الذمة المالية للمرأة من أساسها.
 
لهذا نؤكد على رفضنا للقوانين الدينية سواء كانت على مذهب ابن حنبل أو ابو حنيفة أو حتى ابن رشد، ونطالب بقوانين علمانية موحدة لكل المواطنين بغض النظر عن عقيدتهم أو جنسهم أو لونهم أو عرقهم. عرض أقل