كتب – روماني صبري 
تحتفل الكنائس القبطية الأرثوذكسية، باليوبيل الذهبي لنياحة البابا كيرلس السادس البطريرك الـ ١١٦ في عداد بطاركة الكنيسة المصرية، والتي اعترف مجمعها المقدس بقداسته في جلسته المنعقدة يوم ٢٠ يونيو ٢٠١٣، وافتتح قداسة البابا تواضروس الثاني بانوراما "صديق الملائكة" للقديس البابا كيرلس السادس، بدير الشهيد مارمينا العجائبي بصحراء مريوط، غرب الإسكندرية حيث يوجد المزار الشهير الذي يحوي جثمانه، وهي بانوراما تؤرخ للأحداث والمحطات الهامة في حياة القديس منذ طفولته وحتى نياحته، وترأس البابا تواضروس صلوات قداس ذكرى ٥٠ عام على نياحة البابا كيرلس السادس بالدير ذاته.
الصلاة حتى في وجود الآخرين 
البابا المتنيح من مواليد 2 أغسطس عام 1902 بمدينة دمنهور، اسمه بالكامل قبل الرهبنة عازر يوسف عطا، تربى في كنف عائلة  تحب الكنيسة والمبادئ المسيحية، ولما كبر كان يحلو له أن يختلي في غرفته الخاصة وينكب على دراسة الكتاب المقدس مواظبا علي الاستزادة من علوم الكنيسة وطقوسها وألحانها وتسبيحها، كان كأحد السواح وكان معروف أنه رجل صلاة حتى لو كان مع ناس يكون يصلي بقلبه إلى الله.
البطريرك الـ ١١٦
كان ترشح ثلاثة من الشباب للكرسي البطريركي وهم الأب متى المسكين، ومكاري السرياني وأنطونيوس السرياني، وأدرج الأنبا أثناسيوس (مطران بنى سويف) وقائم مقام البطريرك اسم الراهب مينا المتوحد بوصفه المعلم والقائد الروحي لهؤلاء الشباب المرغوب فيهم، وتم اختيار الراهب مينا المتوحد بالقرعة الهيكلية ليصير بابا الإسكندرية فرسم في 10 مايو عام 1959،  م الموافق 2 بشنس 1675 ش، ليكون البابا كيرلس السادس.
عبد الناصر بجواره في الحفل الديني 
وتقيم الكنائس الأرثوذكسية، الاحتفالات بمناسبة ذكرى افتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة بالأنبا رويس بمنطقة العباسية في حبرية قداسة البابا كيرلس السادس البطريرك الـ116 من تاريخ باباوات الإسكندرية، يوم الخامس والعشرين من يونيو عام 1968، وبحسب كتاب السنكسار الكنسي، تم افتتاح الكاتدرائية في مثل هذا اليوم من عام 1684 للشهداء الأطهار وفي السنة العاشرة لحبرية البابا كيرلس السادس
 
شهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي كان صديقا مقربا للبابا كيرلس السادس، احتفال ديني كبير بهذه المناسبة جانب عودة رفات القديس مرقس الرسول من روما، والذي ظل هناك بمدينة البندقية بإيطاليا أحد عشر قرنا، تراس الحفل البابا كيرلس، في حضور الإمبراطور هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا وعدد كبير من رؤساء الأديان ومندوبي الكنائس في كل العالم كان من بينهم البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس .
 
والتقطت كاميرات المصورين البابا يرافقه رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر وإمبراطور أثيوبيا وهم بمدخل الكاتدرائية الجديدة لإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية التي أقيمت تخليدا لهذا اليوم التاريخي، في وجود مندوبو وكالات الأنباء العالمية والإذاعة والتليفزيون، كما حضر الحفل 6 آلاف من المصريين وغير المصريين.
كان يعامله عبد الناصر بشدة 
في البداية لم تكن علاقة الرئيس عبد الناصر بالبابا كيرلس قوية، بل كانت فاترة، لتستحيل فيما بعد إلى صداقة ولقاءات بينهما عكست محبتهما لبعضهما البعض، كشفت الوثائق الكنيسة، انه كان طلب البابا كيرلس السادس لقاء جمال عبد الناصر أكثر من 10 مرات ولم يلبي ناصر، وفي لقاءهما الأول لم يرحب ناصر بالبابا، ورد عليه بعنف كون البابا أراد استعراض مشاكل المسيحيين في مصر، وهو ما رفضه ناصر.
ده بدل ما تحييني بفنجان قهوة !
تضيف الوثائق، علاقة صداقة جمعت البابا كيرلس بعضو في مجلس الشعب، لطالما أحبه ونفذ زيارات له، وذات يوما أصيب ابنه بمرض، فناشد البابا ليرفع الصلاة من اجل ابنه، وبالفعل فعل وشفي ابنه، ذات يوما زاره عضو مجلس الشعب هذا، وأدرك لكم البابا متضايقا فسأله فقال له : الرئيس يعاملني بكيفية تضايقني، فرد عليه :" علاقتي طيبة مع الرئيس، وبعد أن رتب موعدا للقاء الاثنين، استقبل عبد الناصر البابا بوجه حاد وقال له لا تعرض علي مشاكل المسيحيين، فقال له البابا بحزن :ده بدل ما تستقبلني وتحييني بفنجان قهوة، وتسمعني ؟!.
 
بعدها ظل عضو مجلس الشعب يعتذر للبابا طوال الطريق، فقال له البابا :" إنت كتر خيرك، تمكنت من تحديد الموعد أما استقبال عبد الناصر لي بهذه الطريقة أنت مالكش ذنب فيه".
 
وفي حلول الساعة الثانية بعد منتصف الليل، جاء عضو مجلس الشعب وطرق الباب وفتحه بواب المقر البابوي، وقابل تلميذ البابا سليمان، وقال له: عبد الناصر عاوز يقابل البابا دلوقت حالا، وحاول سليمان الاعتذار بأن البابا تعبان وده وقت متأخر يمكن يكون البابا نائما، واقترح عضو مجلس الشعب أن يطرق علي باب البابا كيرليس مرتين، فإذا لم يرد يذهب ويقول لجمال عبد الناصر أنه وجد البابا نائما، ولكنهم قبل أن يطرقوا علي باب البابا فوجئوا بأن البابا مرتديا ملابسه ويفتح الباب مستعدا للخروج.
أنت من النهارده أبويا
حيث مرضت ابنة عبد الناصر، وفشل كبار الأطباء في شفائها، وقالوا له مرضها ليس عضويا، وعندما تكلم مع عضو مجلس الشعب ذكر له شفاء ابنه فدخل البابا مباشرة علي حجرة ابنة جمال عبد الناصر المريضة وقال لها مبتسما: "إنت ولا عيانة ولا حاجة" واقترب منها وصلي لها ما يقرب من 15 دقيقة، حتى شفيت، ليصبحا صديقين بعد هذا اليوم، وقال عبد الناصر بعدها للبابا كيرلس : انت من النهارده أبويا، أنا هاقولك يا والدي علي طول، وزي ما بتصلي لأولادك المسيحيين صلي لأولادي، ومن دلوقت ما تجينيش القصر الجمهوري، البيت ده بيتك وتيجي في أي وقت انت عاوزه".
نياحته 
في يوم نياحته أستقبل عدداً من أبنائه وعند خروج أخر واحد وكان كاهناً – رفع الصليب وقال " الرب يدبر أموركم " ودخل قلايته وأستودع روحه بيد الله الذي خدمه في 9 مارس عام 1971، ودفن تحت مذبح الكاتدرائية التي أنشأها، وفي 15 هاتور 1677 ش الموافق 25 نوفمبر عام 1972، نقل جسده في احتفال مهيب إلي دير الشهيد مارمينا بمريوط حسب وصيته ليكون بجوار شفيعه مارمينا.