"كيف بدأت وتطورت الحضارة المصرية؟".. سؤال إجابته في قاعة العرض المركزي بالمتحف القومي للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط بالقاهرة الهدية الثانية من مصر للإنسانية بعد المتحف المصري الكبير، والتي سيتم افتتاحها يوم 4 أبريل المقبل عقب موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بمنطقة التحرير لعرضها بمقرها الدائم داخل متحف الحضارة يوم 3 أبريل المقبل.

 
أسلوب عرض جديد للآثار يحمله المتحف القومي للحضارة، حيث يحكي سيناريو قاعة العرض المركزي الرئيسية بالمتحف على مساحة 2570 مترًا مربعًا، كل ما يخص الحضارات بدءًا من فترة ما قبل التاريخ ثم الحضارة المصرية القديمة مرورًا بالحضارة اليونانية الرومانية والقبطية والإسلامية وحتى الفترة المعاصرة وصولًا للتراث الشعبي، وبجانب عرض المقتنيات الأثرية يتم استخدام تكنولوجيا المعلومات من الـ«مالتى ميديا»، منها شاشات العرض ولوحات الجرافيك.
 
وعن سيناريو العرض، قال الدكتور محمود مبروك مستشار سيناريو العرض المتحفي بوزارة السياحة والآثار لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم إن متحف الحضارة يوثق لفكرة واستمرارية الحضارة المصرية فهناك ٩ موضوعات وتركيبات يتناولها سيناريو العرض بقاعة العرض المركزي، نتيجة لارتباط الحضارات ببعضها البعض بشكل غير مباشر، فهناك اتصال بين الماضى، وتلاحم فى طريقة الحياة اليومية فى المنازل والعادات.
 
وأشار إلى أن قاعة العرض المركزي تعرض حوالي 1500- 2000 قطعة، بالإضافة إلى حوالي 350 قطعة تم نقلها إليها من قاعة العرض المؤقت بالمتحف، والتي نقل إليها مقتنيات وقطع متحف النسيج بشارع المعز بعد غلقه.
 
وأوضح أن قاعة العرض المركزي ستعرض كل ما يخص الفخار المصري القديم والقبطي والإسلامي، إلى جانب عرض محتويات الفترة الأولى من حضارتى دير تاسا ونقادة الأولى والثانية، وحضارة حلوان، والتي اكتشفها الأثرى زكى سعد فى عزبة الوالدة بحلوان فى الفترة من عام 1941 إلى 1944 الى جانب فاترينة الموضوع الواحد والتي تعرض كل القطع الأثرية المكتشفة المرتبطة بمجال واحد مثل الطب والزراعة.
 
وأضاف أنه سيتم كذلك عرض مقتنيات لفنانين مصريين معاصرين باعتبارهم همزة الوصل بين الماضى والحاضر، حيث سيتم عرض عدد من مقتنيات النحات محمود مختار، بالإضافة إلى بعض أعمال أشهر الخزافين المصريين، وعرض التجربة المعمارية الفريدة للمهندسين حسن فتحى ورمسيس ويصا واصف.
 
ومن جانبه، كشف مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بالوزارة عن أهم القطع الأثرية التي ستعرض في قاعة العرض المركزي بالمتحف ومنها جزء من أقدم هيكل عظمي لقدم مومياء تم توصيلها بجزء تعوضي مصنوع من الخشب، تمثال المرضعة ولوحة الولادة من عصر الدولة الحديثة، وتماثيل للملوك أمنمحات الثالث على هيئة أبو الهول، وتحتمس الثالث جالسًا، ومجموعة الكاهن (سنجم) من عصر الدولة الحديثة ونماذج لمجموعات تماثيل لخدم من الدولة القديمة والذين يقومون بأعمال العجن والخبيز والأفران، ومجموعة تماثيل خشبية ملونة لآلهة من عصر أمنحتب الثاني، وأواني وتمائم للملك تحتمس الرابع مصنوعة من الفيانس الازرق، وبردية ونسخة من كتاب الموتى من العصر المتأخر، وتمثال للكاتب المصري مصنوع من الجرانيت الأحمر مع أدوات الكتابة والأحبار والفرش الخاصة به.
 
وأشار إلى أنه سيتم كذلك عرض واحدة من أكبر قطع كسوة الكعبة المصنوعة من الحرير ومطرزة بخيوط الذهب والفضة؛ وتعتبر هذه القطعة هي آخر كسوة كعبة تم صنعها في مصر، و٥٠ مشكاة من العصرالاسلامي، ومشربية وبعض الشبابيك الجصية مطعمة بالزجاج الملونة والتي تم نقلها من القلعة الى جانب المنجل قاطع القمح وهو من الخشب النادر، وعدد من الفئوس الخشبية، والموازين والمكاييل، والعديد من أدوات الزراعة والصيد التى يعود تاريخها إلى 5000 سنة.
 
جدير بالذكر أن متحف الحضارة يعد من أهم المشروعات التي تمت بالتعاون مع منظمة اليونسكو ليصبح من أكبر متاحف الحضارة في مصر والشرق الأوسط ذو رؤية جديدة للتراث المصري العريق.
 
قام بتصميم المبنى الاستشارى المعمارى الدكتور الغزالى قصيبة، أستاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وتم تصميم قاعات العرض الداخلى على يد المهندس المعمارى اليابانى أراتا إيسوزاكي، ويشيد المتحف بتمويل مصرى كامل يتوزع ما بين صندوق إنقاذ آثار النوبة بنسبة 45 %، والمجلس الأعلى للآثار بنسبة 55 %، فيما تقدم منظمة اليونسكو الدعم الفنى فى مجال التدريب، والاستشارات حول كيفية تنفيذ المتحف بطرق علمية حديثة.
 
يضم المتحف جميع مظاهر الثراء والتنوع للحضارة المصرية منذ عصر ما قبل التاريخ إلى وقتنا الحاضر، ويرجع ذلك إلى المجموعات الأثرية والتراثية المتنوعة التي يتضمنها المتحف، فضلًا عن إبراز جوانب التراث المصري المادي والمعنوي من خلال سرد الحياة المجتمعية والمعيشية والفنون والحرف التقليدية في الحضارة المصرية، وقد قامت أيرينا بوكوفا مدير عام منظمة اليونسكو سابقًا ووزير السياحة والآثار بافتتاح قاعة للعرض المؤقت به عام ٢٠١٧.
 
وتنفذ الدولة حاليًا مشروعًا قوميًا تشارك فيه جميع الوزارات المعنية، لإزالة عشوائيات منطقة سور مجرى العيون بالكامل وتطوير بحيرة عين الصيرة وإنشاء عدد من الكباري والمحاور المرورية الجديدة لخلق محور جذب سياحى متكامل بين متحف الحضارة والآثار الإسلامية الكثيفة بمنطقة الفسطاط حتى يستطيع السائح قضاء يوم كامل فى هذة المنطقة بعد تطويرها والقيام بجولة سياحية فى الأماكن المجاورة مثل مجمع الأديان والعديد من معالم المنطقة الأثرية.