لم يعد أمام مصر والسودان  سوى اللجوء لمجلس الأمن تحت الفصل السابع 

 
 
ووسط امتعاض مصري سوداني من الموقف الإثيوبي المتعنت، ورفضه العديد من المقترحات التي قدمت خلال المحادثات، تطرح أسئلة عدة حول هذا الملف الشائك والعالق منذ سنوات، ألا وهي ما الخطوة التالية؟ وكيف ستتصرف مصر والسودان في ظل الرغبة الإثيوبية الجامحة في بدء الملء الثاني للسد في يوليو القادم، رغم ما يمثله ذلك من أضرار خطيرة تمس مصالح البلدين؟
 
الخطوات القادمة
للإجابة على تلك الأسئلة، أوضح أستاذ القانون الدولي مساعد عبد العاطي لـ" العربية.نت " مجالات التحرك المصري السوداني المقبل، ذاكرا أن مصر لجأت لمجلس الأمن في يونيو الماضي لحل النزاع تحت البند السادس، الذي يعنى بتسوية النازعات السياسية بين الدول، كما حددتها المادة 33، بعدة وسائل مثل التفاوض ، والمساعي الحميدة، ولجان التحقيق، والوساطة، والتوفيق، فضلا عن الوسائل القضائية ومنها التحكيم والقضاء الدول.
 
وأضاف موضحا: "عندما حملت مصر بهذا المطلب إلى مجلس الأمن، نسقت إثيوبيا مع دولة جنوب أفريقيا التي كانت تمثل القارة الأفريقية في المجلس ضمن الأعضاء غير الدائمين في ذلك، واستغلت نقطة قانونية في البند السادس تشير إلى أن تسوية المنازعات السياسية ليست مقتصرة فقط على مجلس الأمن، ولكنها من حق المنظمات الإقليمية الأخرى، ومنها الاتحاد الإفريقي، ولذلك طلبت وساطة الأخير كي يتدخل في تسوية النزاع ."
 
مجلس الأمن والبند السابع
إلا أنه لفت إلى أن تدخل الاتحاد الأفريقي بقيادة جنوب أفريقيا ومن بعده الكونغو ، فشل بعد ما يقارب العام في حل النزاع، لذا لم يعد أمام مصر ومعها السودان سوى اللجوء لمجلس الأمن تحت الفصل السابع .
 
وتابع:" يحق للبلدين الآن التقدم بمذكرة لمجلس الأمن، يشرحان فيها ما حدث ويؤكدان أنهما احترما رغبة المجلس في حل النزاع عبر الاتحاد الأفريقي، وسلكا كافة الوسائل التي تؤدي لحل النزاع سلميا والوصول لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد وفق القوانين الدولية وقواعد القانون الدولي لإدارة الأنهار الدولية المشتركة، إلا أن هذا المسار فشل بإرادة أثيوبية منفردة، وبالتالي يطلبان تدخله وفق الفصل السابع وإلزام أثيوبيا بتعليق الملء الثاني للسد إلى حين التوافق على كافة النقاط الخلافية"
 
هل ستلتزم أثيوبيا بذلك؟
أما عن إمكانية رفض إثيوبيا، فقال أستاذ القانون الدولي: "إن لم تلتزم فمن حق مصر والسودان عندها طلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لأن النزاع وصل مرحلة شديدة الخطورة تنطبق عليه صفة النزاع المهدد للسلم والأمن والاستقرار الدولي والإقليمي ويطلبان من المجلس النهوض بدوره باعتباره الجهة الوحيدة المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين، على أن يؤكدا بالإثباتات القانونية والفنية أن التصرفات الأحادية الأثيوبية تجعل من أديس أبابا دولة مهددة للسلم والأمن الدوليين ."
 
كما أضاف أن إقدام أثيوبيا على الملء الثاني للسد في يوليو القادم سيؤثر على مصر والسودان تأثيرا جسيما ومباشرا، ولن تستطيع القيادة المصرية الصمت تجاه ذلك، لذلك بموجب الفصل السابع من الميثاق إذا ثبت للمجلس خطورة التصرف الإثيوبي فله أن يصدر قرارا واضحا ومحددا بتأجيل الملء"
 
إلى ذلك، شدد على أن هذا الخيار أو المنحى يتطلب كذلك جهدا سياسيا وقانونيا كبيرا لإقناع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بخطورة الخطوة الإثيوبية، مع التركيز على أن استمرار النزاع سيجعل منطقة شرق أفريقيا في حالة صراع ونزاع وعدم استقرار
 
ماذا لو فشل مجلس الأمن؟
وفي حيال فشل مجلس الأمن بوقف الملء، أوضح المتحدث أن مصر والسودان تملكان الحق بالطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة التصويت على إخفاق مجلس الأمن في القيام بدوره في حل وتسوية النزاع المهددة للسلم والأمن الدوليين، وطلب توصية بتطبيق قوانين وقواعد إدارة الأنهار الدولية"
 
إلى ذلك، اعتبر أن اتباع تلك الوسائل يعني أن الدولتين تقولان بكل وضوح للمجتمع الدولي إن مجلس الأمن والمنظمات الدولية فشلا في تسوية النزاع.
 
الخيار الأخير المر والصعب
وتابع مشددا على ضرورة إثبات هذا الفشل بالبراهين مع سرد كل الانتهاكات القانونية من الجانب الإثيوبي على مدار 10 سنوات من المفاوضات، وتوصيفها توصيفا قانونيا وفقا لقواعد القانون الدولي للأنهار، وتبعات تلك التصرفات الأحادية المنفردة على مفهوم الملكية المشتركة للنهر الدولي، حتى يمكن توصيف إثيوبيا بعندها وضعية الدولة الخارقة للقانون الدولي، والمهددة للسلم والأمن الدولي، وبالتالي التأكيد على أن الدولتين استنفدتا كافة الطرق القانونية والدبلوماسية والسياسية لحل الأزمة، ولم يعد بالتالي أمامهما سوى الخيار الصعب.
 
كما أوضح أن هذا الخيار الأخير هو اللجوء إلى التحكم العسكري لحماية مقدرات الدولتين ودرء الخطر المهدد لأمنهما المائي وأمن شعبيهما ومقومات الحياة لديهما، معتبراً أن "هذا حق مشروع لهما لا يمكن أن يشكك فيه أحد بعد نفاد كافة الفرص والوسائل المتاحة لحل أزمة السد سلميا ودبلوماسيا وسياسيا ودوليا".