أمنموبي  هو كاتب  مصري ماهر في عمله ؛ أشتغل ملاحظا للغلال ؛ ولقد عاش علي الأرجح   ما بين الأسرتين  الحادية  أو الثانية والعشرين . ولقد كتب هذه التعاليم ووجهها إلي أبنه " حورماخر"  ؛ولقد ذكر الغرض من التعاليم في المقدمة ؛ فهي درس من دروس الحياة ؛ والتعريف بقواعد السلوك السليم ؛ وأدب الحديث والمعاملة ؛ والبردية التي وجد عليها هذه التعاليم محفوظة حاليا في المتحف البريطاني .وهذه التعاليم تتكون ثلاثين  فصلا ؛والحق أنني كنت أود أن أن أعرض  للثلاثين فصلا كاملة حتي نعرف إلي أي مدي وصلت الأخلاق المصرية القديمة إلي درجة عالية من السمو والرقي ؛ ولكن نظرا لأننا مرتبطون بحيز المقال ؛ لذا سوف نحاول عرض أكبر قدر ممكن من هذه التعاليم ؛والآن أترككم مع هذه التعاليم  :- 
 
أحذر أن تسلب فقيرا بائسا ؛وأن تكون شجاعا أمام رجل مهيض الجناح ؛ولا تمد يدك لتمس رجلا مسنا بسوء ؛ولا تسخر من كلام رجل عجوز 
في أداب الحوار والمناقشة قال :- لا تشتبك في جدال مع أحمق ؛ولا تجرحه بالألفاظ ؛تأن أمام متطفل ؛ وأعرض عمن يهاجمك ؛والرجل الأحمق في ساعة غضبه ؛يجب أن تنسحب من أمامه ؛والله يعلم كيف يجازيه . 
 
وفي حسن اللسان قال :- أحفظ لسانك سليما من الألفاظ الشائنة ؛ وبذلك ستصبح المفضل عند الآخرين ؛ وستحترم في شيخوختك ؛وستكون في مأمن من بطش الإله . أغرس طيبتك في أعماق الناس ؛حتي يحبك كل إنسان ؛ لا تفضح إنسانا بهتك سره ؛وإذا عرض عليك أمرا لتحكم فيه ؛فكون رأيك في نفسك ؛وأجعل الحسن منه علي لسانك ؛أما القبيح فأخفه في داخلك . 
 
وفي الحث علي عدم الهم قال :- لا ترقد في الليل متخوفا من الغد ؛فعندما يطلع النهار لا تعرف ما سيكون عليه شكل الغد ؛فالإنسان دائما في ظنونه الطائشة ؛ والله دائما في تدبيره المحكم .
 
وفي الحث قال علي الأمانة في العمل:- لا تقبلن من هدية رجل قوي (مقتدر ) وتظلم الضعيف من أجله ؛لأن العدل هبة عظيمة من الله ؛لا تزيف في الدخل علي دفاترك ؛حتي لا تجلب علي نفسك غضب الإله .
 
وفي احترام أصحاب العاهات قال :- لا تسخر من أعمي ولا تهزأ من رجل قزم ؛ولاتكون عابس الوجه حينما يكون قد تعدي الحدود (بقصد المشوهين ) ؛فالإنسان من طين ومن قش  ؛والله هو مسويه (خالقه ) 
وفي الحث علي شهادة الحق في المحكمة قال :- لا تدخل المحكمة وتزيف كلامك ؛قل الصدق أمام القاضي ؛ ولا تجعل لأحد سلطان عليك . 
 
وفي احترام المسن والخضوع له قال :- لا تلعن من هو أكبر منك سنا ؛ فأنه مؤلم جدا أمام الله ؛أن يسب شاب رجلا مسنا ؛دعه يضربك بيده في صدرك ؛دعه يسبك وأنت ملازم السكون ؛فإذا حضرت أمامه في  اليوم التالي ؛فإنه سيعطيك خبزا لا حصر له . 
 
وفي الحث علي عدم التعدي علي أملاك الغير قال :- لا تنقل الحدود ؛ ولا تتعد عليها ؛ ولا تطمع في أملاك غيرك ؛ولا تغتصب ظلما في الحقل ؛لأن الظالم تخرب أملكه وتتنزع أملاكه من يد أطفاله ؛وأملاكه تعطي لغيره . 
 
وفي الحرص علي عدم الغش والسرقة قال :- إن المكيال الذي يعطيه الله لك ؛خير  من خمسة آلاف تكسبها بالغش ؛لأنها لا تمكث يوما واحدا في المخزن ولا في الجرن ؛بل تذهب عندما يأتي عليها الصباح . والخبر الذي تكسبه ونفسك راضية به ؛خير لك من ثروة مع شقاء . الثروة أن أتتك عن طريق السرقة ؛فأنها لا تبقي ؛إذ سرعان ما تطير وتختفي ؛لا تئن من الفقر . 
 
ويختتم أمنوبي نصائحه بهذه العبارةالجميلة :- تأمل هذه الفصول الثلاثين ؛ففيها  متعة وتعليم ؛يفوقان ما في الكتب جميعا ؛فهي تعلم الجاهل ؛ وتطهر نفسه من الخبث ؛فأستوعبها وضعها في قلبك لتكون بها عليما ولأمرها عارفا . 
حقا ؛الحضارة تحت جلود المصريين .