كتب – روماني صبري 
كان طرح "البنك المركزي التونسي للتداول"، في مثل هذا اليوم 27 مارس من عام 2020، ورقة نقدية جديدة من فئة 10 دنانير واختيرت الدكتورة توحيدة بن الشيخ كشخصية رئيسية لهذه الورقة النقدية الجديدة، حيث كانت الراحلة أول طبيبة تونسية وفي المغرب العربي، لذلك احتفى محرك البحث الشهير "جوجل" بهذه المناسبة، ووضع صورتها بدلا من شعاره، وصفت توحيدة بطبيبة الفقراء، إذ أولت اهتماما كبيرا بصحة الأطفال الرضع من أبناء الفقراء.
فقدت الأب مبكرا 
في الثاني من يناير عام 1909 ولدت توحيدة بن الشيخ، وتربت في كنف عائلة ميسورة، كان والدها مالكا عقاريا أصيل بلدة رأس الجبل التابعة حاليا إلى ولاية بنزرت، أما أمها فهي من عائلة بن عمار إحدى العائلات الثرية بالعاصمة، عيب الموت والدها ليتركها صغيرة فعاشت إلى جانب أخويها تحت رعاية أمهم التي حرصت على تعليمهم.
 
أول تلميذة مسلمة تحصل هذه الشهادة
ارتادت توحيدة مدرسة نهج الباشا، وحصلت على الشهادة الابتدائية سنة عام 1922، لتواصل بعدها دراستها الثانوية بمعهد أرمان فاليار، حتى حازت بامتياز على شهادة الباكالوريا عام 1928، وكانت بذلك أول تلميذة تونسية مسلمة تحصل على مثل هذه الشهادة.
برعت في الفيزياء 
كانت قررت السفر لفرنسا، رفقة ليديا بورني، زوجة الدكتور بورني الطبيب والباحث الفرنسي بمعهد باستور بتونس، وقد سجلت آنذاك لتحرز على دبلوم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، وهو ما سمح لها بالالتحاق بكلية الطب بباريس.
 
أول طبيبة أطفال
وبعد ثلاث سنوات من السكن بالحي الدولي للطالبات انتقلت لتسكن مع عائلة بورني مما سمح لها بالتعرف على الأوساط الثقافية والعلمية الفرنسية، وقد تخرجت سنة 1936 كطبيبة، وناقشت في السنة الموالية رسالتها للدكتوراه، فكانت أول طبيبة تونسية وأول طبيبة أطفال، أما الطبيبة الثانية فهي حسيبة غيلب التي درست خلال الخمسينات.
 
حين عادت لوطنها، شرعت تفتح عيادتها بمدينة تونس  شارع باب منارة، وفي الفترة بين 1955 و 1964 عينت على رأس قسم الولادة بمستشفى شارل نيكول بمدينة تونس، ثم انتقلت إلى مستشفى عزيزة عثمانة حتى أحيلت على التقاعد سنة 1977. 
 
 وقد ساهمت في الأثناء في تركيز سياسة التنظيم العائلي وكلفت سنة 1970، بإدارة ديوان الأسرة والعمران البشري ، انخرطت الدكتورة توحيدة الشيخ بعد الاستقلال في مشروع بناء الدولة التونسية وتولت عديد المناصب منها إدارة قسم التوليد وطب الرضيع في مستشفى شارل نيكول بالعاصمة من سنة 1955 إلى سنة 1964 .
رئيسة قسم التوليد
وهي من أنشأت في نفس المستشفى قسما خاصا بالتنظيم العائلي سنة 1963، بعدها تولت منصب رئيسة قسم التوليد وطب الرضيع بمستشفى عزيزة عثمانة بتونس، وقد تم تعيينها سنة 1970 في منصب مديرة الديوان الوطني للتنظيم العائلي، ساهمت في الحياة الفكرية من خلال كتاباتها وإشرافها على أول مجلة تونسية نسائية ناطقة بالفرنسية صدرت من 1936 إلى 1941 تحت عنوان "ليلى".
 
تتناول أوضاع المرأة المسلمة 
كما نشطت توحيدة بن الشيخ في عدد من الجمعيات سواء بفرنسا أو بعد عودتها إلى تونس، ومن تلك الجمعيات جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين بفرنسا، كما دعيت لتلقي كلمة في مؤتمر اتحاد النساء الفرنسيات، وقد تعرضت آنذاك إلى أوضاع المرأة المسلمة في المستعمرات الفرنسية.
 
وفي تونس نشطت في الاتحاد النسائي الإسلامي التونسي، كما أسست غداة الحرب العالمية الثانية جمعية الإسعاف الاجتماعي وتولت رئاستها، وكانت هذه الجمعية وراء مشروع إقامة دار الأيتام (1950) ودار المرأة، وفي سنة 1950 أسست جمعية القماطة التونسية للعناية بالرضع من أبناء العائلات المعوزة، كما ساهمت في تأسيس لجنة الإسعاف الوطني، وفي سنة 1958 أصبحت عضوا في عمادة الأطباء التونسيين.
نضال حكيمة
احتفت النخبة التونسية بالسيدة توحيدة بالشيخ تقديرا لإسهاماتها الطبية والفكرية وتم تناول مسيرتها في شريط وثائقي بعنوان "نضال حكيمة" كما أصدر البريد التونسي طوابع بريدية تحمل اسمها وصورتها وأسس عدد من الأطباء جمعية طبية تحمل اسمها" جمعية توحيدة بالشيخ للسند الطبي" اعترافا بمكانتها وإسهاماتها التي تواصلت إلى تاريخ وفاتها 6 ديسمبر  عام 2010، عن عمر 101 سنة.