تزوجت من أخيها.. ودمر آثارها ابن زوجها تحتمس الثالث
كتب - نعيم يوسف
 
"حتشبسوت".. اسم لا يعرفون المصريون والعرب فقط، بل العالم أجمع، فمجرد ذكره يعيد إلى الأذهان عصرًا ذهبيًا في تاريخ مصر، وحقبة تاريخية شاهدة على عظمة مصر القديمة، إضافة إلى شجون صراع السلطة.
 
أقوى ملكات مصر
"حتشبسوت"، هو اسم مختصر لـ"غنمت امون حتشبسوت"، وهي واحدة من أقوى الملكات اللاتي حكمن مصر نفوذا، على مر التاريخ، حيث ولدت "غنمت امون حتشبسوت"، والذي يعني خليلة آمون المفضلة على السيدات، أو خليلة آمون درة الأميرات، في عام عام 1508 قبل الميلاد، وهي الابنة الكبرى للملك تحتمس الأول، ووالدتها هي الملكة أحمس، وجدها الأكبر هو الملك أحمس طارد الهكسوس من مصر.
 
تربية مثل أبناء الملوك
مثل أبناء الملوك، تعلمت حتشبسوت في طفولتها علوم الأخلاق والسلوك الصحيح، بالإضافة إلى القراءة والكتابة، والحساب والفلسفة، والطقوس الدينية، وقواعد اللغة والإنشاء، حيث كانت هي الوريثة الشرعية للعرش، لأن والدها ليس له أولاد ذكور شرعيين، والذكر الوحيد المنافس لها في السلطة كان أخ غير شقيق من زوجة ثانوية لأبيها تدعى "موت نفر"، وبالتالي نما في ذهنها وقلبها حلم السيطرة على العرش.
 
الصراع على الحكم
قبل وفاة أبيها كانت "حتشبسوت" شريكة لوالدها في الحكم، الأمر الذي ساعدها على اكتساب مهارة إدارة البلاد، ولكن بعد وفاته واجهت فترة عصيبة جدا، لأن المجتمع المصري آنذاك كان لا يرى صورة الحاكم إلا في صورة رجل إله، وبدأ الكهنة في حياكة المؤامرات ضدها، ومن أجل إحكام السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد، تزوجت من أخيها غير الشقيق "تحتمس الثاني" -وكان هذا شائعا بين ملوك الفراعنة- خاصة أنه كان مريضا، وأنجبت منه ولدا، وفتاتين، ولكن الولد مات، وواجهت حتشبسوت صراعا جديدا على الحكم مع ابن زوجها الذي أنجبه قبل وفاته من إحدى المحظيات في القصر، وهو الطفل "تحتمس الثالث"، الذي سيصبح فيما بعد أكبر منافس لها عبر التاريخ، وواحدا من أعظم ملوك مصر، والذي أسس أول إمبراطورية مصرية في ذلك الوقت.
 
خوفا من سيطرته على الحكم تعمدت حتشبسوت أن يشاركها في الحكم، وأرسلته في حملات عسكرية خارج البلاد، إلا أن القائد الشاب استطاع أن يعود منتصرا من هذه الحملات، وعاد أقوى مما كان.
 
امرأة تحكم مصر
على الرغم أنه في بداية حكمها كانت تصور كامرأة بكامل زينتها إلا أنه في وقت لاحق أصبحت مثالاً على الفرعون القوي ذو العضلات ، الذي يضع لحية مستعارة. فقد أخذت تلبس ملابس تشبه ملابس من سبقها من الفراعنة الرجال في الاحتفالات الرسمية ، كما ظهرت في بعض تماثيلها بذقن مستعارة كما هو المألوف في تماثيل الفراعنة، وفي عام 1478 قبل الميلاد، ملكاً على الصعيد والدلتا ، وحكمت مصر وممتلكاتها في الخارج وحدها كفرعون.
 
مصر تعيش رفاهية وازدهار في عهدها
تميزت فترة حكم حتشبسوت بالسلام والرفاهية، وتميز عهدها بقوة الجيش ونشاط البناء والرحلات البحرية العظيمة التي أرسلتها للتجارة مع بلاد الجوار، وتحت صولجان الفرعون المرأة استطاعت مصر أن تغتني وتزدهر، فقد أعادت فتح المحاجر والمناجم التي أهملت لفترة طويلة، وخاصةً مناجم النحاس والملاخيت في شبه جزيرة سيناء، فقد كان قد توقف العمل في تلك المناجم في فترة حكم الهكسوس لمصر وما تلاه، ومازلنا نجد في سيناء لوحة عليها كتابة توثق هذا العمل، وتمجد ما فعلته، وقد نشرت قصة نقشتها في معبدها بالدير البحري تقول فيها إنها كانت نتيجة لقاء حميم بين آمون وأمها الملكة أحمس.
 
شكوك حول وفاتها
توفت توفت حتشبسوت في 10 من الشهر الثاني لفصل الخريف يوافق 14 يناير 1457 قبل الميلاد، وقيل إنها قتلت وماتت بالسم، إلا أن عالم الآثار زاهي حواس، قال إنه بعد تعريض المومياء الخاصة بها لتقنيات الأجهزة الحديثة، اكتشفوا أنها ماتت بالسرطان ولم تقتل كما أنها كانت "تخينة"، وماتت في عمر 55 عاما.
 
صراع حتى الموت
تحتمس الثالث عندما اختفت هذه المرأة من مسرح الحياة المصرية، قبض على مقاليد الأمور وأخذ ينكل بأعدائه وهم أولئك الذين كانوا في ركاب حتشبسوت أو عاملين في بلاطها،  وأخذ يحطم في كل آثارها وتماثيلها بكل أنحاء البلاد بصورة مروعة.
 
نهاية الصراع
رغم الصراع الكبير بينهما، فإن الملكين على موعد جديد مع بعضهما البعض اليوم الثلاثاء 3 إبريل 2020، حيث ينطلقا سويًا ضمن 22 مومياء تنتمي لمجموعة من أعظم ملوك مصر من الأسر الـ17 و18 و19 و20، متجهين من مكانهم في المتحف المصري بميدان التحرير، إلى مقرهم الجديد بـ المتحف القومي للحضارة بالفسطاط.