ضابط إسرائيلي: الحرب ضد حزب الله قادمة حتما
"إيلاف" من المطلة: في جولة على الحدود اللبنانية الاسرائيلية مع قائد كتيبة اسرائيلي مسؤول عن المنطقة من المطلة الى شبعا، كشف عن بعض التفاصيل المثيرة في الحرب الهادئة بين اسرائيل وحزب الله. تلك الحرب التي يبرز فيها صراع الأدمغة في التحضير للحرب او المواجهة القادمة. واللافت ان الجيش الاسرائيلي لا يستخف بعدوه ولا يستهين بقدراته ويحاول تفسير كل تحركاته وقراءة أفكاره من خلال مراقبته وتعقب عناصره والتنصت على اتصالاته وهكذا بدأت الجولة برفقة الضابط يهودا فاخ من تلة تطل على الجنوب اللبناني من بلدة المطلة.
 
"انظر الى هذا المكان الجميل الهادئ وهذه التلال والسهل والاخضر الربيعي، الا ترى انه منظر رائع؟" هذا ما قاله الضابط يهودا فاخ قائد الكتيبة 769 على الحدود الاسرائيلية اللبنانية من تلة تطل على بلدة المطلة الاسرائيلية وسهل الخيام ومن حوله البلدات الجنوبية كفر كلا والعديسة والخيام والقليعة ومن خلفها مرجعيون. ثم استطرد يهودا قائلا "هذا الهدوء مضلل فخلفه تختبئ تحركات وتحضيرات جمة من الجانبين وقد تؤدي الى حرب". سألته: هل تعتقد ان الحرب في لبنان قادمة فأجاب بلا تردد، السؤال هو ليس إذا كانت ستشتعل الحرب انما السؤال الاهم هو متى؟
بعد هذه المقدمة التي حملت في طياتها ألف سؤال وسؤال وعلى خلفية المناظر الطبيعية الجميلة والمزارعين من كلا الطرفين وحركة المرور في الجانب اللبناني بمحاذاة الشريط الحدودي ذهبنا في جولة في سيارته ودخلنا الى الطريق الحدودي المسموح فقط لآليات الجيش ورجال الأمن الدخول اليه وبدأ المشوار والشرح حول ما نراه والاهم حول ما لا تراه عندما تكون على جانبي الحدود.
 

نعرف أسمائهم وحتى راتبهم...ودمرنا أنفاقهم

 
خلال الجولة التي استهلها بالقرب من الجدار الفاصل بين أراضي إسرائيل ولبنان توقف وقال انظر الى ذلك البيت هناك قبالتك وهو بيت مكون من عدة طوابق يكشف على الجانب الاسرائيلي وقال انظر الى الشبابيك السوداء تلك، خلفها يوجد عناصر لحزب الله بكامل عتادهم واسلحتهم ونحن نعرفهم جيدا ونعرف أسماءهم وحتى راتبهم الشهري فهم يقومون بالمراقبة وجمع المعلومات وأضاف نحن نعرف أكثر من ذلك وتوقف على جانب الطريق وقال : هنا من تحتنا كان نفق حفره حزب الله من أجل إدخال عناصره في ساعة الصفر والعمل على ما يعرفه حزب الله احتلال الجليل وقد كشفنا هذا النفق هنا ونفق اخر من الجهة المقابلة لخراج بلدتي كفر كلا والعديسة بالإضافة الى أنفاق اخرى في أماكن مختلفة من الحدود مع لبنان وعملنا على تدميرها وإغلاقها كلها.
 
هل تعتقد ان حزب الله يحضر لاحتلال مناطق اسرائيلية؟
نعم هم يحاولون جاهدين فبعد ان كشفنا عن أنفاقهم بالطبع تحولوا الى طرق أخرى وخطط مختلفة ولا أريد التطرق الى ما نعرفه الآن وما نشاهده بواسطة تقنياتنا المتطورة ومراقبتنا المكثفة.
 
على طول الحدود والجدار الفاصل يلفتك عدد كاميرات المراقبة المركبة على الجدار من الجانب الاسرائيلي بمحاذاة الخط الأزرق أي الحدود الدولية بين الجانبين والخط الأزرق هذا هو الحدود الرسمية وهناك جدار تقني بين الجانبين يكون قريبا في أماكن وبعيدا في اماكن أخرى وبمحاذاة الخط الأزرق تتم الكثير من العمليات بين الجانبين غير معروفة أحيانا ومعلنة أحيانا أخرى فعلى هذا الخط تتم عمليات التهريب للمخدرات والأسلحة من لبنان الى إسرائيل وإسرائيل تراقب تلك العمليات وتحبط معظمها فيما يتم القاء القبض أحيانا على المستلم من الجانب الاسرائيلي وفي بعض الاحيان لا يصل هؤلاء لاستلام بضاعتهم من مخدرات او اسلحة لان اسرائيل تكشف المهربين اللبنانيين ويستولى الجيش على البضائع عند وضعها على الحدود في مناطق محددة متفق عليها بين الجانبين.
 

رصد عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات

 
سألنا يهودا من هم المهربين فقال من الجانب اللبناني نعرفهم بالأسماء وهم من تجار المخدرات المعروفين في لبنان ويقوم حزب الله باستخدامهم في هذه العمليات لأمرين الاول جمع الاموال عن طريق السماح لهم بالتهريب لقاء نسبة من الاموال وتهريب اسلحة الى الداخل الاسرائيلي. فحزب الله يشغل كل المهربين هنا في الجنوب اللبناني ويكسب منهم الأموال ويمرر عن طريقهم أسلحة ومتفجرات الى إسرائيل.
 
ومن ثم حدثنا يهودا عن عمليات تهريب أحبطت في المنطقة وشاهدنا بعض الصور من كاميرات المراقبة لعمليات تهريب حصلت وأحبطت وعمليات لم تتم لان المهربين انتبهوا الى انهم مراقبين فلاذوا بالفرار وأيضا شاهدنا مقطعا لعناصر من حزب الله اقتربوا من موقع لإسرائيل في محاولة لتنفيذ عملية في شهر يوليو الماضي الا ان اسرائيل أطلقت النار حولهم وارغمتهم على الفرار دون إصابتهم منعا لاي تصعيد يقول يهودا.
 
هل تخشون التصعيد مع حزب الله سألته؟
قال لا نخشى لكننا لا نريد ان نهاجم أحدا لا نريد الاعتداء فنحن مهمتنا الحفاظ على حدودنا والدفاع عنها والدفاع عن سكان المناطق الشمالية وأضاف يحاولون أحيانا ان يستخفوا بنا لأننا لا نضرب من يحاول الاعتداء علينا لكن اسرائيل هي مثل الاسد معظم الوقت نائم وكسول لكن عندما يغضب ويهاجم يحطم من أمامه.
فجأة توقف يهودا وركن السيارة وقال انظر الى هذه القرى هنا الخيام والقليعة وهناك مرجعيون، هذه قرى كانت ذات أغلبية مسيحية.
 

سنسوي المنازل مع الأرض

 
كانت سألته؟...قال نعم اليوم هذه الهبة العمرانية هنا ليست للسكان المسيحيين ولا لأبنائهم انما هناك عملية استيطان وتوطين واسعة للشيعة في هذه القرى حيث يتم تهجير السكان المسيحيين من بيوتهم والتضييق عليهم ودفع الأموال لشراء الملاك في هذه القرى واستئجار اجزاء من بيوتهم مستغلين الضائقة المالية للبنانيين بحيث اصبحت القرى مواقع عسكرية بكل ما للكلمة من معنى. كيف سألته؟ فقال في تلك البيوت هناك غرف للصواريخ والاسلحة وهناك في ذلك البيت الواقع بجانب تلك الأشجار في القليعة مثلا مركز قيادة ومراقبة ونعرف تماما من يتردد الى البيت وكم دفعوا للمالك لاستئجار تلك الغرفة وانهم بصدد شراء كل العقار بعد مغادرة المالك مع عائلته الى بيروت قبل عدة أشهر هربا منهم ومن تسلط حزب الله على المنطقة, ثم أشار الى عدة أماكن قال ان فيها اسلحة لحزب الله ومخازن عتاد ومعدات قتالية منها صواريخ الكورنيت واسلحة أخرى وتوقف فجأة عن القيادة وقال: هذا الوضع الذي يخلقه حزب الله في الجنوب اللبناني لا يضع أمامنا اي إمكانية في وقت المواجهة الا ان ندمر كل هذه القرى ونسويها بالأرض.
سنرد وقت اللزوم
قلت ماذا، بيوت السكان المدنيين؟ ....رد... نعم هذه ليست قرى مدنية انما مواقع عسكرية بغطاء مدني وحزب الله لا يتورع عن استخدام القرى والسكان كدروع بشرية فهو لا يهتم الا للأوامر التي يتلقاها من ايران ونحن في حال اي مواجهة مستقبلية تحدث سوف ندمر كل هذه القرى والاماكن التي ترى وسنسويها بالأرض لأننا لن نسمح هذه المرة باستهداف المدنيين العزل كما حصل في حرب لبنان الثانية دون ان ندمر ما سنراه أمامنا وهذه هي فرضية الحرب المقبلة وعلى هذا نتدرب في الجيش ولهذا الامر نراقب بكل الوسائل ونحدد الاهداف ونجمع المعلومات لكي نرد وقت اللزوم بشكل يتلاءم مع هذه المنظمة الارهابية التي اصبحت جيشا نظاميا يتدرب ويعمل للسيطرة على لبنان وبالذات الجنوب اللبناني لكي يهاجم اسرائيل في المستقبل.
 
بعد برهة استمر بالسفر بمحاذاة الشريط الحدودي عند بلدة المطلة ورأينا مزارعا لبنانيا ينثر الذرة في أرض حرثها أمتارا قليلة بمحاذاة الشريط الحدودي فقال يهودا: هذا الشخص يعمل هنا ليس لينثر الذرة انما ليراقب التحركات ويقدمها لمشغليه من حزب الله لقاء يومية قد تصل الى عشر دولارات.
 
قلت: يمكن ان يكون مزارعا لا علاقة له بما تقول؟ قال انظر حرث الارض، أمتار بمحاذاة الشريط وترك باقي الارض من الجانب الاخر وحتى طريق الاسفلت بلا حرث ولا زراعة فلماذا في هذه الأمتار الخمسة التي حرثها هذا الصباح يزرع الذرة فقط بينما يترك باقي الارض بلا حرث هل التربة هنا أفضل من ثلاث أمتار الى الشمال مثلا، وقال ضاحكا نعرف كيف يعملون ونراقبهم ونعرف من يشغلونه واسماءهم ورتبهم العسكرية.
 
يشغلون الرعاة لجمع المعلومات
سألته وماذا عن الرعاة الذين تختطفونهم في المنطقة وتعيدوهم للبنان بعد ساعات او ايام؟ قال يهودا نحن لا نختطف الرعاة نحن نعتقل كل من يعبر الخط الأزرق باتجاه الاراضي الاسرائيلية وهؤلاء ليسوا رعاة انما يحملون أجهزة اتصال وتصوير متطورة لتحديد مواقع للجيش ومراقبة روتين الدوريات وقد حصلنا منهم على معلومات قيمة حول طريقة عمل وتفكير حزب الله فكل من نعتقله نحقق معه ونعرف معلومات وأسماء وطرق عمل واقول لك انه بفضل هذه الاعتقالات استطعنا تجنب مواجهات في الفترة الاخيرة ولن أفصل أكثر من ذلك.
 
بعد ذلك سافرنا بمحاذاة الشريط ومرت قبالتنا دورية لليونيفيل وسألته هل هم على اتصال بهم ويخبرونهم بعمليات التهريب مثلا والبيوت التي يستخدمها حزب الله كما شرح لي فقال هؤلاء هنا ويقومون بالدوريات وبالطبع للجيش الاسرائيلي اتصال بهم وهناك تنسيق لكنهم لا يستطيعون القيام باي عمل ضد حزب الله فهو يهاجمهم ويمنعهم من الاقتراب الى مناطقه ومواقعه العسكرية المرئية والمخفية وهم على الاقل يقومون بأعمال الدوريات ويراقبون لمنع أي من الطرفين خرق الخط الأزرق وهذا ما يستطيعون القيام به في هذه المرحلة. بعد ذلك استمر يهودا بالسفر بمحاذاة الشريط الحدودي واشار الى منطقة تم فيها قص الشريط الحدودي وقال هنا على الخط الازرق حيث استغل من قام بالعمل ممر اليونيفيل ليقوم بقص الشريط ثم لاذ بالفرار عندما اقتربت دورية من المكان واكتشفنا الامر.
 
 
الجولة على الحدود الاسرائيلية اللبنانية تعيد الى الاذهان أوقاتا كانت فيها هذه المنطقة الجميلة الهادئة مليئة بالحركة والعمليات العسكرية بين الجانبين مرورا بالانسحاب الاسرائيلي منها عام 2000 الى حرب لبنان الثانية عام 2006 وعمليات هنا وهناك في السنوات التي تلت تلك الحرب. اوقاتا كانت فيها هذه القرى صغيرة تكاد تعد بيوتها واحدا تلو الاخر وتحولت اليوم الى منطقة مليئة بالمباني والبيوت والاحياء الجديدة وتوطين الشيعة وتغيير ديمغرافية هذه المناطق من مسيحية شيعية الى شيعية خالصة. زد الى ذلك استقدام الشيعة من الشمال والضاحية الى الجنوب على حساب المسيحيين الذي اصبحوا اقلية في قراهم وجزء منهم هاجر والجزء الآخر يفكر بالهجرة. وبسبب صعوبة الظروف الاقتصادية في لبنان يلجأ البعض الى بيع الممتلكات والبيوت لحزب الله والسفر بعيدا الى أماكن أكثر أمنا وأمانا ولربما يعلم هؤلاء السكان ما قاله الضابط يهودا عن تسوية تلك القرى بالأرض في اي مواجهة مستقبلية.