Simon Henry Leeder
( 1865- 1930 )
المشهور بأسم س . ه . ليدر
صاحب كتاب أبناء الفراعنة المحدثون The Modern Sons of The pharaohs

إعداد/ ماجد كامل
يعتبر الرحالة والكاتب الإنجليزي سيمون هنري ليدر Simon Henry Leeder  ( 1865 -1930 ) واحدا من أشهر الكتاب والرحالة الذين كتبوا عن مصر ؛ فهو صاحب أهم كتاب صدر عن الأقباط في مصر وهو كتاب " أبناء الفراعنة المحدثونThe Modern Sons of The pharaohs كما سوف نري في ذلك المقال . أما عن س . ه . ليدر نفسه  ؛ فللأسف الشديد لم أتمكن من الحصول علي معلومات كثيرة  عنه أكثر من أنه ولد في  أحدي المدن بلندن وتدعي Deptford  خلال عام 1865 م .وزار مصر خلال العشر سنوات الاولي من القرن العشرين ؛ كتب أثناءها كتابه عن أبناء الفراعنة المحدثون  ؛ وتوفي في 14 مايو 1930 عن عمر يناهز 65 عاما . ولقد أثري ليدر المكتبة التاريخية ببعض الكتب القيمة نذكر منها ":-
1-أبناء الفراعنة المحدثون :- The Modern Sons of The Pharaohs ( ولنا عودة تفصيلية إليه بعد الانتهاء  من عرض قائمة كتبه ) .
2-بوابة الصحراء The Desert Gateway ولقد صدر عام 1910 .


3- أسرار خفية عن مصر والديانة الإسلامية Veiled Mysteries of Egypt and The religion of Islam  وقد صدر عام 1912 .  

وعودة إلي كتابه عن أبناء الفراعنة المحدثون ؛ فهو يضم مجموعة كبيرة من الصور الفوتغرافية تعود  إلي بداية القرن العشرين وتسجل طبيعة الحياة في المجتمع المصري مع بعض الصور للكنائس والاديرة الاثرية ؛كما قام المؤلف بعمل تسجيل لبعض العادات القبطية المتوارثة في ذلك العصر مثل الافراح وبعض الصور للفلاحين والبدو وأصحاب الحرف التقليدية مع صورة جميلة للمؤلف وهو بالجلباب  والعمة ( سوف نعرضها ضمن مجموعة الصور الملحقة بالمقالة ) . ولقد كان مقررا أن يصدر الكتاب خلال عام 1914 ؛ولكن ظروف  قيام الحرب العالمية الأولي أجلت نشره إلي عام 1918 . ولقد قام المترجم  أحمد محمود    بترجمة الكتاب  في طبعة خاصة صدرت عن دار الشروق في القاهرة بعنوان " دراسة لأخلاق أقباط مصر وعاداتهم " وتقع في 379 صفحة .


ولقد سجل ليدر بعض المواقف التاريخية الهامة في التاريخ والعادات القبطية ؛ نذكر منها علي سبيل المثال زيارته لدير القديسة دميانة بببراري بلقاس وتسجيله لبعض العادت  هناك حيث قال عنها "

" ومازال المولد يحضره كل عام في الفترة من 5 :20 مايو ما بين 4 و6 آلاف حاج يأتون من كل أنحاء مصر .وعادة ما ينصبون الخيام حول الدير ويقيمون هناك لفترة لا تقل عن 8 أيام تنتهي في يوم الاحتفال الفعلي . وتذهب في العادة أعداد من التجار الذي يقيمون سوقا يبيعون فيها الطعام والشراب ؛ ويذكر الناس العديد من عجائب الست دميانة ومعجزاتها ؛فمنهم من يقول أنه رأوا تلك المعجزات بأعينهم ؛ومن تلك المعجزات التي وصلتنا أن الست دميانة يمكنها منع اللصوص من السرقة ؛أو من الهرب مما سرقوه . وهذا الاعتقاد من القوة بحيث لا تقع جريمة أثناء مولدها السنوي .الاعتقاد الآخر هو أنه إذا نظر رجل إلي  أمرأة  بنية سيئة يصيب الضرر عينيه ؛أو أي جزء من جسمه ؛وبناء علي هذا الاعتقاد تختلط النساء بحرية مع الرجال في هذه المناسبة دون أن يقع أي حادث مؤلم . وخلاصة القول هي أن المسلمين والأقباط الذين يعيشون في تلك الناحية ؛يحترمون تلك القديسة أشد الاحترام ؛ ويعتقون أنها وسيلة منحهم أهم الفوائد عندما يوجهون كلامهم إليها ؛وعادة ما تسمع المسلمين وهم يتغنون بأسمها ؛حيث يدعونها قائلين "يا ست يا بنت الوالي " .

  كما قام بزيارة دير القديس برسوم العريان بحلوان ؛ وسجل بعض العادات الشعبية والقيم المتوارثة هناك  ومنها قصة ظهوره في يوم عيده  " ولقد رصد هذا الظاهرة وكتب عنها في كتابه الشهير  " فقال  "علي لسان أحد الأقباط المثقفين وهو علي قدر عال من التعليم " ( كنت أظن في البداية أن حكاية الرؤية هذه مجرد خرافة ؛وأنها تخلو من الصحة تماما .وبناء علي ذلك الاعتقاد ذهبت إلي الكنيسة في عيد العريان مع سبعة من أصدقائي الذين كانوا يعتقدون ما أعتقده ؛لم نهتم بالتمشية هناك ؛فقد ذهبنا من أجل غرض واحد هو الرؤية . وفي يوم الأحد صعدنا إلي الطابق الأعلي وأتفقنا مع الخدم أن يتركونا ولا يسمحوا لأحد سوانا بالصعود ؛وسددنا نوافذ القبة ؛ثم نزل أربعة منا وأنا منهم إلي أسفل في الكنيسة ؛وبقي الأربعة الأخرون لمراقبة القبة . وأقترحت علي أصدقائي أن الأمر سيكون أفضل لو أن كل واحد منا ذهب إلي ركن من أركان الكنيسة لمراقبة جزء معين ؛حيث قد يكون لدي شخص ما فانوس سحري أو جهاز ما يعكس الصورة علي القبة . ولكن لم يكن هناك وجود لهذا الشيء بالمرة في الكنسية . وكان البطريرك حاضرا في ذلك اليوم "البطريرك المذكور هو علي الأرجح البابا كيرلس الخامس ( 1874- 1927 ) البطريرك ال112 " وكان هو الذي سيصلي القداس ؛وعلي وجه الدقة في بداية ذلك الجزء من القداس الخاص بالقديسين   ظهرت الرؤية في منتصف القبة . وقد أكون أول من شاهد الرؤية .توقف البطريرك لبضع دقائق ؛وأنحني من كانوا داخل الكنيسة للرؤية ورفعوا أيديهم وهم ينطقون بخشوع بأمنياتهم وصلواتهم . أرسلت في طلب أصدقائي الذين كانوا في الطابق الأعلي فنزلوا علي الفور ورأوا الرؤية التي كانت واضحة وضوح الشمس . ولابد أن أقول أن اعتقادهم بأن الرؤية محض خرافة قد تزعزع منذ ذلك الحين ) " المرجع المذكور ترجمة  أحمد محمود ؛دار الشروق الطبعة الأولي 2008 ؛ص 158 ؛159 "  

ثم يروي التجربة التي حدثت مع والدته منذ عشرين سنة ؛فهي لم تكن  تؤمن بصحة الرؤية ؛وذات ليلة قررت أن تأخذ رداء خاصا بأبنها ووضعته علي نافذة القبة لكي يحجب أي ضؤ من اختراق القبة .ولكن بمجرد بدء القداس الذي كان يصليه البطريرك بنفسه شوهد الرداء وهو يحترق فور ظهور الرؤية ؛وعلي الفور أطفأت أمي النار التي في الرداء وأخذوها بعد ذلك إلي البطريرك حيث روت له قصتها كلها . ولقد أخذ بعض الأشخاص البارزين قطعا من الرداء ومازالو يحتفظون بها حتي اليوم "وقت كتابة الكتاب باللغة الانجليزية عام 1918 "  وأظن أن البطريرك ما زال يحتفظ ببقية الرداء كذلك . "نفس المرجع السابق ص 159 "

ولقد ذكر ليدر في الكتاب أيضا زيارته الشهيرة للقديس العظيم الأنبا أبرآم أسقف الفيوم والجيزة ( 1829- 1914 ) وكتب عنها بالتفصيل في الكتاب حيث قال  ( هو قديس من السماء عند المسلم مثلما هو عند المسيحي ؛ والمسيحيون الذين ينضمون إلي بركته إلي ذلك الجمع اليومي الذي يلتمس عونه الروحي وبركاته يشملون الأقباط واليونانين والروم ولا يقتصر هؤلاء الأخيرون بحال من الأحوال علي الأهالي المصريين . وكانت تروي لي عنه قصص لا يصدقها أحد عن إنكاره لذاته وأصوامه وحكمته الروحية ؛والراحة التي تحدثها الكلمات التي يقولها لمن أصيب في نفسه أو بدنه ؛وعندما يجزل عطفه علي الفقراء الذين يساعدهم من خزانة كانت أشبه بكوار الدقيق الذي لا يفرغ ...... وعندما تحدد موعد لمقابلته ذهبت إليه في الموعد المحدد .ونظرت بحب شديد في وجه هذا القديس المعاصر .وكان من المستحيل الشك في استحقاقه لهذا اللقب ؛إذ جعلت قدرة الروح النقية والجميلة نفسها محسوسة في الحال ؛بقوة تكاد تكون طاغية ؛وكان من المعتاد في كل كنيسة أن يركع الشخص علي ركبتيه كي يباركه الأسقف ؛ولكن الأنبا ابرآم لا يسمح بحال من الأحوال لأحد بأن يركع أمامه ؛وبعد أن أخذ الأسقف الصليب بيده اليمني ؛وأمسكه فوق رأسي ؛تدفقت صلوات وتبركات كنيسته المدهشة باللغة القبطية في أغلبها ؛وبنبرات تنم عن الإخلاص الشديد . ولقد انتشيت من الهمة التي كان ينطق بها الرجل ؛فلم أسمع من قبل صلاة بدت وكأنها تقيم صلة مع عرش النعمة بهذا الأمن الفوري ؛وبدا وكأن الأرض تضاءلت تاركة هذا الرجل يتحدث في الحضرة الجلية للرب نفسه . وكان شكل المباركة شديدة الشرقية حتي أنني طلبت بعد ذلك من كاهن يعرف القبطية والإنجليزية معرفة جيدة أن يفرغها لي ) .( راجع النص بالكامل بالفصل الخاص بالانبا ابرآم في الكتاب المذكور ؛ترجمة أحمد محمود ؛دار الشروق ؛الطبعة الأولي 2008 ؛ الصفحات من 289 – 331 ) .

كما كتب أيضا عن احتفالات دير الشهيد العظيم  مارجرجس بميت دمسيس الذي يقام في شهر أغسطس من كل عام ويزوره الناس علي اختلاف ديانتهم وكل الذين تعتريهم أرواح نجسة ( شياطين ) يتوجهون إلي هذا العيد ؛ في ثياب بيضاء ويقوم لكهنة بالصلة ثم تحدث صرخات وبالتدريج يفيق الواحد بعد الآخر وأنه لا يمكن مشاهدة صليب من الدم في نهاية الثوب الأبيض ؛ ويضيف ليدر " لقد شاهدت هذا بنفسي وليس عندي شك في أن أمرا مقدسا يرتبط به ( لمزيد من التفصيل راجع :- رياض سوريال :- المجتمع القبطي في مصر في القرن 19 ؛  مكتبة المحبة ؛ صفحة 245 ) .

كما روي ليدر أيضا قصة البناء المسلم الذي زاره الشهيد مارجرجس في حلم وأخبره أن يترك عمله بالقاهرة ويذهب إلي ببا لإصلاح كنيسته فصدع بالأمر وتوجه إلي ببا وصدق الأقباط قصته وقام بإصلاح الكنيسة ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 243 ) .

وعن العادات الاجتماعية يذكر ليدر عن حزن الأقباط عند حدوث حالة وفاة في الأسرة بقوله " وعندما تأتي النهاية يحدث انفجار مروع من الحزن المرذول ؛نواح ؛تأثر ؛ صراخ النساء لا يكاد يتوقف مما يجعل المنظر مكرا للغاية لدرجة لا يتصورها عقل ؛ فهن يلطمن خدودهن ؛ ينادين الميت أن يقوم الذي سببه رحيله " ( لمزيد من التفاصيل راجع :- رياض سوريال ؛ نفس المرجع السابق ؛ صفحة 251 ) .

أما عن عادات الزواج يذكر ليدر " إن العادة التقليدية وهي أن واجب الآباء أن يزوجوا أولادهم بما يظنونه مناسبا بدون الرجوع  إلي  الأبناء أنفسهم ؛ تسود اليوم باستثناء المدن أو بين الأسر المتعلمة تعليما راقيا أما في الريف فلا تزال العادات الأبوية القديمة سائدة وهي أن الشبان  بلا رأي في هذا الموضوع " ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 238 ) .   

بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-س . ه . ليدر :- أبناء الفراعنة المحدثون دراسة لأخلاق أقباط مصر وعادتهم ؛ ترجمة  أحمد محمود ؛ دار الشروق ؛ 2008 .
2-رياض سوريال :- المجتمع القبطي في مصر في القرن 19 ؛ تقديم نيافة الأنبا غريغوريوس ؛ الدكتور عزيز سوريال عطية ؛ مكتبة المحبة .
3-S . H . Leeder – Wikipedia  
4-S . H . Leeder (Author of Modern Sons of The Pharaohs) – Good reader
5- S . H .Leeder – Modern Sons of the Pharaohs – 1918.