بقلم : د , مجدى شحاته
ربما يتسم كلامى التالى بنغمة  التكرار ، فقد سبق لى الكتابة فى هذا الهم المهم أكثر من مرة لكن الاحداث تستدعى بل تحتم التكرار ، وسأكرر... ولن أمل من التكرار ... لعل يرتدع المتسلطون ويهتدى المنشقون .
 
الهجوم الممنهج الغير مقبول والغير مبرر على رجل الله ، قداسة البابا تاوضروس الثانى بابا المدينة العظمى الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية . 
 مستمر على مواقع (الشر والحقد)  للتواصل الاجتماعى ، وقنوات فضائية مشبوهه من خارج مصر .
 
بداية الهجمة كانت منذ اللحظة الاولى من تولى قداسته المسئو لية . وذلك من خلال حملة تشكيك كاذبة مغرضة  بل مخجلة ومؤسفة على صحة القرعة الهيكلية  والتشكيك فى اختيار السماء لقداسة البابا !! الاختيار الذى تم اثناء القداس الألهى وأمام الذبيحة المقدسة . القرعة التى تمت باشراف الحبر الجليل القائم مقام البابوى الانبا باخوميوس وصاحب النيافة الانبا بولا ، وامام أعين الملايين من كافة أنحاء الارض ، الذين شاهدوا الحدث خلال البث المباشر عبر الاقمار الصناعية . هجوم مبكرمن أول لحظة ، بدون أى مبرر أو سند أو برهان ، بغرض استهداف شخص لم يتسلم المسئولية بعد !! انسان لم يسع أو يطمع فى يوم ما ان يعتلى أى منصب قيادى فى الكنيسة .
 
كل ما نعرفه عنه انه خادم امين  ورجل الله،  يعمل فى هدوء وفى الخفاء بكل صمت وحب وأمانة. جاء قداسة البابا فى وقت حرج وصعب للغاية ، ربما هو الاصعب فى تاريخ مصر الحديث والكنيسة القبطية . جاء فى أعقاب ثورتين متتاليتين ، وتلقى هجوما شرسا من المتطرفين خارج الكنيسة لظهوره مع الرئيس عبد الفتاح السيسي و رموز الدولة يوم 3 يوليو 2013 فى وضع خارطة الطريق لثورة 30 يونيو المجيدة .
 
بعدها ولأول مرة فى تاريخ الكنيسة الحديث ، يقوم المتطرفون بالهجوم على الكاتدرائية الكبرى بالقاهرة ، ثم حرق وتدمير اكثر من مائة كنيسة ومبنى كنسى . وعندما عرض الكونجرس الامريكى مساعدة الكنيسة . رفض البابا أى فكر للاستقواء بالخارج وصرح مؤكدا : " الكنيسة لم تطلب حماية من أحد لأن
 
الاستقواء يكون بالله وحده وليس بالخارج " وقال عبارته الخالدة التى أشاد بها قادة الدول ورؤساء الكنائس فى كافة أنحاء العالم : " وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن " العبارة التى انقذت مصر من الانزلاق فى حرب طائفية ، مؤكدا أن سلامة الوطن فوق كل اعتبار . وبالفعل قامت الدولة باصلاح وتعمير كافة الكنائس المتضررة فى زمن قياسى .
 
وأصبح البابا مُستهدفا من الذين لم يعجبهم دوره الوطنى أثناء الثورة . توالى الهجوم الممنهج وبشدة بعد حادث استشهاد الانبا ابيفانيوس رئيس ديرأنبا مقار ، واصدار أحكام قضائية بحق الراهب السابق أشعياء المقارى والراهب فلتاؤس المقارى حادث مؤسف بكل المقاييس نتيجة تجاوزات قديمة ، والبابا مثل اى فرد لا يحق له التدخل اوالتعليق على أحكام القضاء .
 
ان الهجوم المتواصل والمستمر منذ اليوم الاول بعد القرعة الهيكلية ومن بعدها مواقفه الوطنية خلال الثورة ،وحتى الآن ، يؤكد ان المسألة ليست قضية مقتل اسقف الدير أو اصدار احكام قضائية بحق الراهبين ، ولكن المسألة أبعد وأخطرمن ذلك بكثير ... فمن المعروف أن أخطر الحروب ضد الاوطان واسقاط الدول ونشوب حروب طائفية ، يأتى من خلال هدم الرموز الدينية أولا ، خاصة لو كانت رموز وطنية مُحبة ومخلصة للوطن . عملا بمقولة " اضرب الراعى فتتبدد الرعية " . وبكل اسف تلاقى واتحد الرافضون من خارج الكنيسة مع الرافضيين من داخلها  ، فى مساحة  شر مشتركة ، ضد البابا وضد الكنيسة وضد الوطن . بالرغم من كل ذلك استطاع قداسة البابا ، بارشاد الروح القدس ان يتعامل بحس وطنى رفيع ونبل واخلاص، لارساء دعائم قوية ومتينة مع قيادات الدولة ومؤسساتها ومع المجتمع المصرى ككل ، لم تشهد مثلها الكنيسة من قبل .
 
نعم لقد جاءت السماء بقداسة البابا تاوضروس الثانى بغرض احداث تقارب غير مسبوق بين قيادات الدولة والكنيسة القبطية الوطنية .  فى الوقت الذى انزلقت فيه دول مجاورة لمصر الى حروب أهلية وطائفية مدمرة . تحققت انجازات على أرض الواقع تشهدها الكنيسة لأول مره . على سبيل المثال وليس الحصر ... بناء أكبر كاتدرائية قبطية فى الشرق بالعاصمة الادارية ...العالم كله يشهد حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي قداس عيد الميلاد المجيد ، ليكون أول
 
رئيس مصرى يحضر شخصيا لتهنئة الاقباط أعيادهم داخل الكاتدرائية ويلقن المتشددين درسا فى اصول المواطنه ،  وصار تقليدا يتبع كل عام . مواقف البابا الوطنية سمحت بالقضاء نهائياعلى مشكلة الكنائس التى تم بناؤها بدون تراخيص (3730 كنيسة ومبنى) من خلال تشكيل لجنة برئاسة السيد رئيس الوزراء ، لتقنين أوضاع الكنائس واصدار تراخيص رسمية والتغلب على مشكلة ازلية معقدة . أيضا تم اصدار القانون رقم 80 / 2016 بشأن ترميم وبناء الكنائس وملحقاتها والغاء الخط الهميونى الذى تعانى منه الكنيسة منذ العهد العثمانى . فوق كل ذلك أصدر الرئيس السيسي توجيهات صريحة بضرورة بناء كنيسة فى كل مدينة جديدة يتم التخطيط لبنائها دون الحاجة لتقديم طلب من الكنيسة الام بذلك ، وهو الاجراء الاول من نوعه فى تاريخ الدولة المصرية .
 
اما الشاغل الاول لقداسة البابا منذ ان اعتلى الكرسى الرسولى ، يتجه نحو اعادة ترتيب أوراق وأروقة البيت الكنسى من الداخل ، ووضع أساس راسخ وسليم للاصلاح والتنظيم الادارى وان تؤدى الكنيسة دورها من خلال نظام مؤسسى جماعى لا يعتمد على الرأى الفردى والاهواء الشخصية . فضلا عن وقفة حاسمة لضبط الاديرة والحياة الرهبانية تليق بالقديس العظيم الانبا انطونيوس اول من أسس الحياة الرهبانية فى العالم . قائمة الاصلاحات طويلة ومفرحة يعوزنا مساحة المقال لذكرها او التنويه عنها . 
 
 اكتب تلك السطور القليلة ، وليس لى أى أغراض شخصية أو تحقيق أهداف ضيقة . ولكن ناظرا ومتطلعا الى رئيس ايماننا يسوع المسيح له كل المجد ، الذى به ومنه كل الخير والصلاح والمحبة والوحدة ، وليس لى هدفا سواه وحده ، ومجد كنيسة الله ورفعتها وحمايتها من كل سوء ، وسلام ووحدة ونصرة الوطن المفدى الغالى  مصر . " مبارك شعبى مصر " .