صدمة كبيرة أصابت الوسط الأدبي والثقافي، بسبب الوفاة المفاجئة للكاتب والمدون الشاب أحمد مدحت، صباح أول أمس الثلاثاء، نتيجة مضاعفات حدثت له بسبب إصابته بفيروس كورونا بعد أيام قليلة من اكتشافه المرض ونقل على أثره للمستشفى.

لم يكن الكاتب الراحل له علاقات وطيدة بالوسط الثقافي، ولكنه وصل إلى شريحة كبيرة من القراء عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وكانت له لغة بسيطة سلسة مكنته من وصول متابعيه إلى ما يزيد على ٨٠٠ ألف متابع خلال فترة قصيرة.

جاءت أغلب كتابات مدحت في شكل نصائح حول التعاملات اليومية والتجارب العاطفية، وأهمية الاستغناء وعدم منح الأصدقاء أهمية أكثر من اللازم مما يمكنهم من التسبب في الأذى للشخص.

ومن آخر تدويناته نقرأ: "التجارب بتعلّمنا إن اللي بيبعدوا بيبقوا مختارين ده، شافوا البديل أو مبقاش عندهم استعداد يبذلوا نفس المجهود اللي كانوا بيبذلوه، تحت نفس الضغوط والمواقف البشر بيستحملوا مع ناس تانيين عادي.. طالما الإنسان مش مستغل ولا مؤذي بشكل مرضي، مفيش تصرُّف يستحق صاحبه يتساب عشانه، كلنا بنستحمل بعض وبنشيل بعض، طالما لسه بنحب، لسه مستعدين نتعب شوية عشان المركب تمشي.. إحنا بنصدق الوِحش في نفسنا عشان نديهم أعذار، مع إن الموضوع أحيانًا بيبقى بسيط بدرجة ألمه: إننا متحبناش كفاية".

ويرى النقاد أن مدحت تأثر مثل غيره من الكتاب الشباب بالكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، وكان له بمثابة المثل والقدوة، ومن هنا سلك نفس مسلكه في التعبير عما يجيش في نفوس الشباب من أفكار ومشاعر، وكان ينشر خواطره مؤخرا من خلال هاش تاج يحمل عنوان "12 ودقيقه"، أي بعد منتصف الليل.

وفي عام 2017 أصدر الكاتب أحمد مدحت أشهر أعماله "بسكاليا".

ومن أجواء رواية بسكاليا للكاتب الراحل: "هذه الحكايات لمن اعتادوا السهر ليلا دون سبب واضح فى معظم الأحيان، من يعشقون مرارة القهوة، وصوت فيروز، وعذوبة مواويل أحمد عدوية، دون أن يتفاخروا بهذا فى العلن، لأنها أشياء تخصهم وحدهم، من يهوون التعلق بالأشياء والكتب ومقاطع الموسيقى والصور لأنها لن تتركهم فجأة وترحل كما فعل معهم غيرهم من البشر".

وأضاف: "هذه الحكايات تناسب من يهوون أم كلثوم ولا يعرفون لهذا سببا محددا سوى أنها أم كلثوم أو ربما لأن هذا الشجن الصادق الساكن فى حنجرتها لا يمكن تجاهلهـ حكايات من يقضون الليل بين الامل والذكرى ومن تهتز قلوبا شغفا بصحبة "كيفك انت؟.. ويصاحبون صوت عدوية ومن يشدو يا قلبى صبرك على اللى راح ولا جاشى، هذه حكايات لمن يحلمون قلوبا مثقلة فى صدورهم وعندما تسألهم عن أحوالهم يكتفون بهزة رأس مصحوبة بابتسامة خفيفة ولسان ينطق الحمد لله".

كما أطلق العام الماضي رواية "التئام"، ومن أجوائها نقرأ:
"أتعجب من نفسي، من تفاوت قدرة قلبي على التحمُّل، في بعض الأحيان أبدو قوياً لا يقهرني أي شيء، حتى يتهمني بعض مَن حولي بالشدّة التي تصل للقسوة، ويحسدوني على ثباتي’وفي أحيان أخرى تهزمني لمحة خذلان عابرة، تؤلمني وتزعزع ثقتي في نفسي، تكاد تعصف بي.. أتأرجح بين شدة القوة’ وشدة الضعف، كأن بداخلي شخصين؛ واحد لا يبالي بأفعال البشر واثقاً من نفسه، وآخر تهزمه كلمة قاسية في موقف عابر أو سند انتظره ولم يجده.. بداخلي اثنان يتنازعان، وبينهما أتمزق أنا في المنتصف". ​