إعداد/ ماجد كامل 
تحتفل الكنيسة القبطية الآرثوذكسية يوم 8 بؤونة من الشهر القبطي الموافق 15 يونية من الشهر الميلادي بتذكار تكريس كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالمحمة (مسطرد حاليا ) ويذكر السنكسار القبطي تحت هذا اليوم "في مثل هذا اليوم من سنة 617 للشهداء (901م ) تم تكريس كنيسة القديسة العذراء مريم والدة الإله المعروفة بالمحمة حيث ينبوع الماء الفائض من العين التي فجرها الرب يسوع المسيح في رحلته إلي مصر حيث شرب منها هو والعذراء ويوسف .
 
ونبت في هذا المكان نبات البلسم . وقد بنيت في هذا المكان كنيسة علي أسم القديسة العذراء تم تكريسها في مثل هذا اليوم شفاعتها المقدسة فلتكن معنا .
 
آمين " . ومن المعروف أن كنيسة السيدة العذراء بمسطرد هي أحدي المحطات الهامة التي مرت العائلة المقدسة خلال رحلتها إلي مصر ؛ وحول هذه المحطة يروي لنا نيافة الأنبا غريغوريوس في كتابه الهام عن "دير المحرق :-تاريخه – وصفه – كل مشتملاته " حول محطة مسطرد " نزحت العائلة المقدسة إلي احد ضواحي المنطقة ؛ وهناك وجدوا شجرة فمكثوا عندها أياما ؛ وأنبع الطفل الإلهي  نبع ماء ؛ وهناك أحمته العذراء وغسلت ملابسه ؛ ولذلك سمي هذا المكان بالمحمة أي مكان الاستحمام ؛وتسمي الآن مسطرد ؛وأما في كتب الطقس القبطي فتسمي Bjokem  أو Bimanjokem . وقد بنيت فيما بعد كنيسة في هذا المكان باسم السيدة العذراء في سنة 901 للشهداء (1185 م ) يحتفل بعيد تكريسها في اليوم الثامن من شهر بؤونة القبطي ؛وورد ذكرها أيضا في ذكصولوجية اليوم الرابع والعشرين من شهر بشنس .
 
وقد رجعت العائلة  المقدسة إلي المحمة مرة أخري في طريق عودتها إلي الأراضي المقدسة ؛تقول الذكصولوجية "وعندما عاد ربنا إلي المحمة أنبع نبع ماء وهو لا يزال موجودا إلي هذا اليوم في ذلك المكان يشفي كم من يستعمله ؛فينال بركة العذراء أم مخلصنا وكلية القدسة وبركة الكنيسة التي بنيت علي أسمها ؛وتقول الذكصولوجية الموجودة بمكتبة الفاتيكان تحت يوم الثامن من بؤونة ما ترجمته بالقبطي " وفي عودتهم أقبلوا إلي المحمة ؛وانبع ربنا عين الماء يشفي كل من يستعمله "( المرجع السابق ذكره صفحة 52 – 54 ) .
 
كما كتب عنها الأستاذ الدكتور إسحق عجبان في موسوعته الهامة " رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر " فقال " والمحمة تسمية عربية مشتقة من الفعل  (حم) ومنها استحم أي اغتسل بالماء ؛لأن الطفل يسوع أنبع نبع ماء هناك ؛وأغتسل بمائه .وأقامت العائلة المقدسة هناك في مغارة ؛وكان نبع الماء يشفي كل من يستحم ماءه ؛ثم بنيت كنيسة فيما بعد علي أسم العذراء مريم ؛ ولقد ذكر الدكتور إسحق المراجع التي أعتمد عليها في كلامه عن المحمة  فذكر :- العائلة المقدسة في مسطرد  ونشرته كنيسة العذراء بمسطرد ؛  القاموس الجغرافي لأميلينو ؛ وتاريخ الكنائس والأديرة لأبو المكارم ؛ والقاموس الجغرافي لمحمد رمزي ؛القسم الثاني ؛الجزء الأول ؛ وأخيرا موسوعة Coptic Encyclopedia ,V .4 (E-J) P . 1118 ( لمزيد من التفاصيل ؛ راجع الكتاب المذكور :- الصفحات 190 ؛191 ) . 
 
,و كتب أيضا  عن هذه الكنيسة المؤرخ الشهير أبو المكارم في موسوعته الخالدة "تاريخ الكنائس والأديرة " حيث قال عنها " ثم ينكفون (يتوجهون) الي بيعة السيدة الطاهرة بمنية سرد ويصلون فيها ويقربو ميمر هذا اليوم ويقدسون ويتقربون ويعودون كل منهم الي بيته بسلام ؛ وكذلك في يوم الحادي عشر من طوبة يغطسون ويتقربون في اليوم الحادي عشر منه في كنيسة منية صرد كل سنة ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 25 و26 ) . 
 
ولقد ذكر العلامة المقريزي هذه الكنيسة تحت عنوان } كنائس الوجه البحري {   حيث قال " وأما الوجه البحري ففي مية صرد ؛من ضواحي القاهرة : كنيسة السيدة مريم ؛وهي جليلة عندهم " . ( تقي الدين المقريزي :- تاريخ الأقباط ؛دراسة وتحقيق /عبد المجيد دياب ؛دار الفضيلة  ؛صفحة 226 ) . 
كما كتب عنها الرحالة الشهير فانسليب ( 1635- 1679 ) في كتابه "تقرير الحالة الحاضرة لمصر 1671 " حيث قال عنها " خارج القاهرة ومن هذا الجانب ذاته ؛علي بعد نحو أربعة أميال ؛هناك منية صرد } مسطرد{  وهي كذلك قرية حيث نجد كنيسة علي اسم السيدة العذراء ؛وهناك يحتفظون كذلك ببعض تذكارات المسيح سيدنا وأمه الكلية القداسة ؛ وقد مرا بهذا الكان ؛وهما هاربان من هيرودس . كانت هذه الكنيسة قبل مجيء المسيح هيكلا للأوثان ؛التي سقطت علي الأرض لدي وصله . رأيت في الكنيسة نفسها في الحائط حجرين عليهما أشكال هيروغليفية ؛وهناك لدي كذلك صورة عجائبية للسيدة العذراء .......... الخ " ( جوفني ميكليه فانسليب :- تقرير الحالة الحاضرة لمصر 1671 ؛ترجمة وديع عوض ؛تقديم محمد عفيفي ؛المشروع القومي للترجمة ؛ المجلس الأعلي للثقافة ؛ الكتاب رقم 1005 ؛ صفحة 161 ) .
 
كما كتب عنها المتنيح الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر في كتابه "الكنائس والاديرة القدييمة بالوجه البحري والقاهرة وسيناء ؛فقال عنها " تقع هذه الكنيسة في مسطرد علي شاطيء ترعة الاسماعيلية بمنطقة شبرا الخيمة . والكنيسة بها أربعة قباب ثلاثة فوق الهيكل وقبة أمام الهيكل الأوسط . وبها مغارة بها سلمين للصعود والنزول وبها البئر الذي يقال حسب التقليد بشرب العائلة المقدسة منه عند مرورها بهذا المكان " ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 89 ) .
 
ولعل آخر كتاب كتب عنها هو – في حدود معلوماتي – هو كتاب أوتو مينارديسOtto Fredrick August Meinardus  (  1925- 2005   )    ( راجع مقالتي عنه علي صفحة الاقباط متحدون بتاريخ 30 سبتمبر 2019 )  " المسيحية القبطية في ألفي عام " حيث قال عنها " تقع هذه الكنيسة  في قرية مسطرد ؛ التي تبعد عن المطرية بحوالي ثلاثة كيلو مترات .... وتأتي أهمية الكنيسة بسبب تشييدها فوق مغارة يقال أن العائلة المقدسة احتمت بها خلال زيارتها لمصر ؛ كما يوجد بالكنيسة أيضا بئر يقال إن السيدة العذراء قد حمت المسيح الطفل فيها . ويوجد مدخل الكنيسة في السور الشمالي ؛ وفي مواجهة الكنيسة تقريبا توجد سلالم تؤدي إلي المغارة ؛ ويزين المذبح أيقونات وشمعدنات ؛ وهناك سلم آخر يؤدي إلي الجزء الشرقي للكنيسة ؛ وإلي بئر السيدة العذراء ؛ وعند نهايتها توجد المعمودية ....... وتوجد عدة أيقونات معلقة علي الحائط الشمالي ( راجع الفقرة بالكامل في الكتاب السابق ذكره ؛ صفحة 199 و200 ) . 
 
وفي ريبورتاج صحفي جاء بجريدة وطني بتاريخ 29 مايو 2013 للصحفية سناء فاروق بعنوان " العائلة المقدسة في مسطرد المحمة " قامت الصحفية بإجراء حوار صحفي مع جناب الأب الورع القمص عبد المسيح بسيط ابو الخير كاهن الكنيسة حيث قال ان المبني الاساسي للكنيسة من الطراز البيزنطي ويتميز بالحوائط السميكة . ويتكون من صحن الكنيسة الذي يضم في داخله الهياكل الثلاثة والمغارة والبئر والصحن مستطيل الشكل الجزء السفلي قديم وقد تم تجديده بواسطة أولاد سلسبيل في القرن الثاني عشر الميلادي . أما الجزء العلوي فلقد تم تجديده وبنائه في عهد البابا كيرلس الخامس كما جددت الكنيسة من الخارج حديثا في الفترة من 1984 إلي 1987 ؛وأيضا جددت الكنيسة بالكامل في سنة 2000 م في  عهد المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث بمناسبة الاحتفال بمرور 2000 سنة علي ميلاد السيد المسيح ورحلة العائلة المقدسة إلي مصر .
 
ويرجع تاريخ تدشين الكنيسة الي 8 بؤونة /15 يونية سنة 901 للشهداء الموافق 1185 ميلادية ؛ وكانت الكنيسة موجودة قبل ذلك بمئات السنين كما يقول أبو المكارم في القرن الثاني عشر – الجزء 1 حيث دشنها أنبا غبريال أسقف أشمون ومعه جماعة من الأساقفة . وكان من تقليد الآباء البطاركة أن يقيم بها البطريرك بها قداسا يوم 21 طوبة /29 يناير سنويا وهو عيد نياحة السيدة العذراء .
 
ولقد عرضت قناة الغد الفضائية ؛تقريرا تلفزيونيا عن بئر كنيسة السيدة العذراء في مسطرد ؛والتي أصبحت مزارا للآلاف من طالبي بركة السيدة العذراء من المسيحين ؛رغم أن عمرها يصل إلي ألفي 
 
عام . ولقد ذكر نيافة الحبر الجليل  الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة ؛ان تاريخ الكنيسة يعود إلي زيارة العائلة المقدسة عندما كان هيرودس يطاردهم ؛ وفي خط سيرهم وصلوا غلي شجرة المطرية ؛ ووصلوا إلي مسطردن واستخدموا المياه الموجودة في البئر لأنها هي التي كانت موجودة .  ولقد لفت نفس التقرير إلي أن البئر نفسه قيل أنه معجزة فجر نبعها السيد المسيح بنفسه لكي يرتوي  منها مع العائلة المقدسة .
 
بعض مراجع ومصادر المقالة :- 
1- السنكسار القبطي تحت يوم يوم 8 بؤونة .
2- الأنبا غريغوريوس :- الدير المحرق تاريخه ؛وصفه ؛ وكل مشتملاته ؛ بدون ناشر وسنة نشر .
3- إسحق إبراهيم عجبان :- رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر ؛تقديم قداسة البابا تاوضروس الثاني ؛دار نشر أنباء روسيا ؛الطبعة الأولي 2017 ؛ صفحات 190 ؛ 191 .والصور صفحة 192 . 
4- ابو المكارم :-   تاريخ الكنائس والأديرة في القرن "12" بالوجه البحري ؛إعداد الانبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها ؛1999 .
5- تقي الدين المقريزي :- تاريخ الأقباط المعروف بالقول الإبريزي للعلامة المقريزي ؛ دراسة وتحقيق الدكتور عبد المجيد دياب ؛ دار الفضيلة ؛ 1995 .
6- جوفاني ميكليه فنسليبو :- تقرير الحالة الحاضرة لمصر 1671 ؛ترجمة وديع عوض ؛ تقديم محمد عفيفي ؛ المجلس الأعلي للثقافة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم 1995 ؛ 2006 .
7- الأنبا صموئيل :- الكنائس والأديرة القديمة بالوجه البحري والقاهرة وسيناء ؛إصدار معهد الدراسات القبطية بالأنبا رويس بالقاهرة ؛ 1995 .
8-أوتو ميناردس :- المسيحية القبطية في ألفي عام ؛ ترجمة مجدي جرجس ؛ المركز القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم ( 2353 ) ؛ صفحتي 199 و200 . 
9- سناء فاروق :- العائلة المقدسة في مسطرد "المحمة " ؛ريبورتاج مصور ورد في جريدة وطني بتاريخ 29 مايو 2013 .
10- الأقباط متحدون :- بئر كنيسة السيدة العذراء في مسطرد ..... معجزة عمرها 2000 عام ؛ تقرير ورد بتاريخ 11 ابريل 2019  . 
11- شكر خاص لجناب الأب الورع القس يوسف الحومي لتفضله بتصوير الجزء الخاص بمسطرد من كتاب ابو المكارم وارساله لي علي الواتس  فلقدسه خالص الشكر مني .