حمدى رزق

 السيناريوهات الفضائية والإلكترونية بشأن الموقف المصرى تجاه قضية السد الإثيوبى تحلق بعيدًا عن واقعية الدبلوماسية المصرية، التى تتعامل بعقل بارد مع استفزازات النظام الإثيوبى السادر فى غيه بصلف وتعنت سياسى كريه.

لست عليمًا بذات الأمور الرئاسية، ولا أدّعى خبرة بالمفاوضات الدبلوماسية، ولم تتوفر لى.. ولا لغيرى التفاصيل الفنية التخصصية، ولا بشتغل فى «ناسا» وناسى، لذا أفضل الصمت الجميل ثقة فى القيادة المصرية الوطنية، التى ثبت مرارًا وتكرارًا صواب مواقفها فى مجمل القضايا المصيرية، وثقة فى حكمتها فى إدارة ملف القضية، ما أكسبها احترام العواصم الدولية والإفريقية ومجلس الأمن.
 
رسم السيناريوهات المحتملة التى لا تستند إلى معلومات يقينية لا يُحتمل سياسيًا، وربنا رزقنا بطائفة من الخبراء يذهبون خفافًا إلى التخمينات، ويُصدِّرون إحباطًا مضروبًا فى خلاط الخيال المريض.
 
خشية على الروح المعنوية لشعب الصابرين، لا تستقيم وطنيًا السيناريوهات الخيالية مع حرج الأيام المتبقية، وتحدى شروع إثيوبيا فى الملء الثانى، هنيهة صمتًا لله، والأيام حُبلى بالسيناريوهات، وكل الاحتمالات مفتوحة.
 
الغرض مرض، «يوتيوب» يشغى بالعبثيات، التى تهرف بها نفسيات معقدة وموتورة، يدقون طبول الحرب من فنادقهم المكيفة فى منافيهم البعيدة، يرسمون سيناريوهات تحريضية خبيثة، بهدف استنفار القواعد الشعبية بغية إفقادها صوابها الوطنى.
 
سيناريوهات التسخين المفضوحة تصدر عن أفاعٍ تبخ سمًا فى آنية الوطن، تسمم الأجواء، متى كان هؤلاء قلبهم على مصر، ومتى كانوا فى ظهر المصالح الوطنية، ومتى وأين كانوا من موجبات الأمن القومى؟!.
 
بعض الوجوه القبيحة التى تنفخ فى أبواق الحرب نفسها تظهر فى الصورة متشابكة الأيدى مع رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل «ميليس زيناوى»، واضع حجر أساس سد الخراب، وفرحانين قوى ومزأططين بالخيانة فوق الهضبة الإثيوبية، القطنة مابتكدبش.. أقصد الصورة مابتكدبش!.
 
دعوات الحرب لن ترسمكم أبطالًا، ولن تغفر لكم خطاياكم، ولن تغسل وجوهكم الكالحة، والاصطياد فى المياه العكرة لن يزيد غلتكم إلا خسارة، ساقطين فى الحساب الوطنى.
 
عجبًا من العجب العجاب، عاملين فيها خبراء سدود، وآخركم رحلة السد العالى أيام المدرسة الإعدادى، وراسمين أنفسهم جنرالات حرب وكل خبراتهم الميدانية سنة «تجنيد» إلا مَن كان منهم وحيد والديه، ويتحدثون بلغة دبلوماسية والشاطر منهم يادوب عدّى أمام مبنى وزارة الخارجية ساعة العصرية.
 
أقسموا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحين، يتمنطقون بأحزمة ناسفة لنسف جهد وطنى مُقدَّر من وطنيين معتبرين، رجال صدقوا، قضيتهم المصيرية الحفاظ على الحقوق التاريخية فى مياه النهر مستندين إلى ثوابت فى معاهدات، وإلى الحق الذى تسنده القوة.
 
معركة السد توصيفًا معركة القرن مصريًا، معركة كل المصريين إلا مَن كانوا إخوانًا وتابعين، ليست نزهة خلوية فى الفضاء الإلكترونى، أو نهوشهم بطيارات ورق، أو نبعت لهم وفود تشترى لحمة راس، المعركة وجودية، لا مكان للعبثيين والطامحين للعب دور ثورى نورى على حساب المصالح الوطنية.
 
الهدوء المصرى على مستوى القيادة، والثبات الانفعالى على مستوى المفاوضين، والاحتشاد الشعبى فى ظهر الرئيس السيسى، ثقة الشعب لا تخيب، ولم يضيعنا قبلًا، وبالسوابق فى الاتجاهات الاستراتيجية يُعرفون.
 
خلاصة القول، لا تتحدثوا باسم مصر، مصر تتحدث عن نفسها «كم بَغَتْ دولة علىَّ وجارت، ثم زالت وتلك عقبى التعدى»، وفى الأخير، ومن قديم «عِنايَةُ اللَه جُندى».
نقلا عن المصرى اليوم