في مثل هذا اليوم 17 يونيو1885م..

سامح جميل.

تمثال الحرية Statue of Liberty (الحرية تنير العالم؛ بالفرنسية: La Liberté éclairant le monde)، هو عمل فني نحتي قامت فرنسا بإهدائه إلي الولايات المتحدة الأمريكية في 28 أكتوبر عام 1886 كهدية تذكارية، بهدف توثيق عري الصداقة بين البلدين بمناسبة الذكري المئوية للثورة الأمريكية (1775-1783).
 
ومنذ ذلك الحين إستقر التمثال بموقعه المطل علي خليج نيويورك بولاية نيويورك الأمريكية ليكون في إستقبال كل زائري البلاد سواء كانوا سائحين أو مهاجرين. قام بتصميمه فريدريك أوگست بارتولدي بينما صمم هيكله الإنشائي گوستاڤ إيفل.
 
في عام 1869 قام فريدريك بارتولدي (بالفرنسية: Frédéric Auguste Bartholdi) بتصميم نموذج مصغر لتمثال يمثل سيدة تحمل مشعلا، وعرضه علي الخديوي إسماعيل ليتم وضع التمثال في مدخل قناة السويس المفتتحة حديثا في 16 نوفمبر من هذا العام، لكن الخديوي إسماعيل إعتذر عن قبول إقتراح بارتولدي نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها هذا المشروع، حيث لم يكن لدي مصر السيولة الازمة لمثل هذا المشروع خاصة بعد تكاليف حفر القناة ثم حفل إفتتاحها.
 
في هذا الوقت، كانت الجمهورية الفرنسية الثالثة (1870-1940) تتملكها فكرة إهداء هدايا تذكارية لدول شقيقة عبر البحار من أجل تأصير أواصل الصداقة بها، لذلك تم التفكير في إهذاء الولايات المتحدة الأمريكية هذا التمثال في ذكري إحتفالها بالذكري المئوية لإعلان الإستقلال، والتي يحين موعدها في 4 يوليو 1876.
 
وبدأت الإستعدادات علي قدم وساق، حيث تم الإتفاق علي أن يتولي الفرنسيون تصميم التمثال بينما يتولي الأمريكيون تصميم القاعدة التي سوف يستقر عليها. من أجل ذلك، بدأت حملة ضخمة في كل من البلدين لإيجاد التمويل اللازم لمثل هذا المشروع الضخم؛ ففي فرنسا كانت الضرائب ووسائل الترفيه التي يستخدمها المواطنون وكذا اليناصيب هي الوسائل التي إستطاعت من خلالها فرنسا توفير مبلغ 2,250,000 فرنك لتمويل التصميم والشحن إلي أميريكا.
يمثل التمثال سيدة تحررت من قيود الإستبداد-التي ألقيت عند إحدي قدميها. تمسك هذه السيدة في يدها اليمني مشعلا يرمز إلي الحرية، بينما تحمل في يدها اليسري كتابا نقش عليه بأحرف رومانية جملة "4 يوليو 1776"، وهو تاريج إعلان الإستقلال الأمريكي، أما علي رأسها فهي ترتدي تاجا مكونا من 7 أسنة تمثل آشعة ترمز إلي البحار السبع أو القارات السبع الموجودة في العالم.
 
يرتكز التمثال علي قاعدة أسمنتية-جرانيتية يبلغ عرضها 47 مترا (154 قدم)، ويبلغ طوله من القدم إلي أعلي المشعل 46 مترا (151 قدم)، بينما يبلغ الطول الكلي بالقاعدة 93 مترا (305 قدم). ويتكون من ألواح نحاسية بسمك 2.5 مم (0.01 إنش) مثبتة إلي الهيكل الحديدي، ويزن إجماليا 125 طنا.
يحيط بالتمثال ككل حائط ذو شكل نجمي (نجمة ذات 10 رؤوس)، وقد تم بناؤه في عام 1812 كجزء من حصن وود (بالإنجليزية: Fort Wood) والذي إستخدم للدفاع عن مدينة نيويورك أثناء الحرب الأهلية الأمريكية (1812-1815).
 
علي الضفة الأخري من المحيط الأطلسي كانت المعارض الفنية وتلك المسرحية وسيلة الأمريكيين لتوفير الأموال لبتاء قاعدة التمثال، وكانت يقود هذه الحملة السيناتور وعمدة نيويورك ويليام إيفارتز - الذي أصبح وزير خارجية الولايات المتحدة فيما بعد - غير أن هذا لم يكن كافيا، مما حدي بجوزيف بوليتزر - صاحب جائزة بوليتزر فيما بعد - أن يقوم بحملة من خلال الجريدة التي كان يصدرها تحت إسم العالم The World، وآتت هذه الحملة ثمارها ونجحت في دفع الأميركيين للتبرع لصالح المشروع. ثم لاحقا تم إختيار موقع المشروع علي جزيرة الحرية التي كانت تعرف حينها بإسم جزيرة بدلو حتي عام 1956.
من ضمن هذه الجهود أيضا ما قامت به الشاعره الأمريكية إيما لازاروس، حيث قامت بتأليف قصيدة تسمي قصيدة التمثال الجديد The New Colossus في 2 نوفمبر 1883، علي أن هذه القصيدة لم تصبح مشهورة إلا بعد ذلك بسنوات كما سوف يأتي لاحقا.
إزاحة الستار عن التمثال في 1886
 
وهكذا، توفرت الأموال الازمة، وقام المعماري الأميريكي ريتشارد موريس هنت بتصميم القاعدة وإنتهي منها في أغسطس من العام 1885 ليتم وضع حجر الأساس في الخامس من هذا تفس الشهر. وبعدها بعام إكتملت أعمال بنائها في 22 إبريل 1886. أما عن الهيكل الإنشائي ، فكان يعمل عليه المهندس الفرنسي يوجيني لو دوك لكنه توفي قبل الإنتهاء من التصميم، فتم تكليف گوستاڤ إيفل ليقوم بإكمال ذلك العمل. وبالفعل قام إيفل بتصميم الهيكل المعدني بحيث يتكون من إطار رئيسي للتمثال يتم تثبيته في إطار ثاني في القاعدة لضمان ثبات التمثال.
 
إنتهت أعمال تصميم التمثال في فرنسا مبكرا في يوليو عام 1884 فتم شحن التمثال علي الباخرة الفرنسية إيزري Isere، حيث وصلت إلي ميناء نيويوك في 17 يونيو 1885. وتم تفكيك التمثال إلي 350 قطعة وضعت في 214 صندوق لتخزينها لحين إنتهاء أعمال بناء القاعدة التي سيوضع عليها والتي إنتهت في وقت لاحق لوصول التمثال.!!
 
وهكذا في 28 أكتوبر 1886 - أي بعد إنتهاء إكتمال بناء قاعدة التمثال 6 أشهر - قام الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند بإفتتاح التمثال في إحتفال كبير، وقد ألقي فيه السيناتور وعمدة نيويورك الذي قاد حملة التبرعات - ويليام إيفارتز - كلمة بهذه المناسبة.