بقلم / نجيب محفوظ نجيب.
عندما كان يخلو إلى نفسه. ... لم يكن يخفى مشاعره. ... كان يترك دموعه تنساب لكى تعبر عن حزنه العميق لفقده شريكة أحلامه. ... فهى قد رحلت و تركت له ثلاثة أطفال صغار. ...
 
كان يدرك أنه لا بد و أن تستمر الحياة. ... لهذا تماسك و عقد النية على إستكمال ما قد بدأته زوجته و هو رعاية و تربية الأبناء ....
 
ليس من السهل أن يؤدى أحد الشريكين الدور الذى كان يؤديه الشريك الآخر. ... فالمسؤلية التى كان يتحملها شخصان تصبح حملا ثقيلا عندما يتحملها شخصا واحدا ...
 
و لكنه ليس أمرا مستحيلا. ... فقد تعهد أن يحاول جاهدا  ألا يشعر أحد أبنائه بصعوبة و قساوة فقد الأم. ...
 
كان لديه إبتسامة دائما ترتسم على وجهه تعكس بساطة قلبه. ... لا تزعجه أحلام الأغنياء و رغباتهم فى إمتلاك كل شىء حتى و لو كان هذا على حطام أحلام البسطاء. ...
 
يحمل فى يديه آله التصوير الفوتوغرافى و يرحل باحثا عن مشهد يلتقطه بعينيه التى تتميز بحساسية مرهفة تجاه تفاصيل الحياة التى قد لا تعنى شيئا للإنسان العادى ....
 
لم يكن يعنيه كثيرا أن يصبح مصورا مشهورا. ... أو أن تتصدر صوره الصفحات الأولى من الجرائد الورقية أو المواقع الإلكترونية. ... هو فقط يريد أن يفعل ما يحب. ...
 
عندما كان يصل إلى مسامعه أن أحد الأشخاص يحتاج إلى مصور و لكنه لا يملك أن يدفع له. ... كان يبادر بالذهاب إليه من نفسه ...
فهو يسعى بكل ما يملك من طاقة لإسعاد كل من حوله. ...
 
كان يتميز ببساطة قلبه و بالإبتسامة التى ترتسم دائما على وجهه.
 
لم يكن عمله ينتهى بمجرد التقاط الصور. ... لكنه كان يمتد لساعات طويلة يقضيها فى إجراء تعديلات على الصور التى التقطها لكى تظهر فى النهاية بشكل لائق و بدرجة عالية من الجودة.
 
كان يفعل هذا بحب و شغف ينسيه التعب و الجهد الذى يبذله ... و لهذا أستطاع أن يتجاوز الصعوبات و التحديات التى كانت تعترض طريقه أحيانا لكى تجعله يتراجع محاولة أن تهزمه أو تكسره  ...
 
مرت الأيام و السنوات و هو يقوم بعمله بتفانى من أجل أبناءه. ...
و فى أحد الأيام فأجاه الألم و الوجع الذى لم يستمر طويلا. ...
رحل فى هدوء تاركا ذكرى لا تمحى عن محبته و بساطته و وداعته. ...
و أسئلة كثيرة حائرة عن معنى الحياة و قيمة الوجود و مغزى الرسالة ...