كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص 
احتفلت الكنيسة الكاثوليكية بمصر، بعيد تذكار القديسة بيلاجيا التائبة، المولودة في القرن الثالث في انطاكية لوالدين كانا وثنيين محافظين.

سرعان ما أصبحت راقصة شعبية، وممثلة متميزة، الا ان سيرتها كانت على كثير من العهر والفساد، حتى أنها انزلقت إلى هاوية حياة غير أخلاقية، وفقا للمكتب الإعلامي القبطي الكاثوليكي.

بينما كانت بيلاجيا تسير بجوار كنيسة الشهيد جوليان، حيث كان الاسقف نونوس يلقي عظة بليغة اخذت مجامع سامعيه. فراحت تسترق السمع لهذه الكلمات البليغة التي يقولها الاسقف. وبغتة احسّت ( بيلاجيا ) بومضة نور تضيء نفسها المتعبة، فقررت ان تعود لاحقا كي تتعلم المزيد من الاسقف القديس نونوس.

ولما زارته لاحقا للتزود بالتوجيه، قام الاسقف القديس يصف لها تلك العذابات الابدية، إلا بضعة دقائق حتى زالت الغشاوة من عينيها فبدأت تفهم ان كل حياتها كانت تعاش في الخطيئة، وكانت هي في خطر ان تهدر الابدية في اعماق الجحيم !.

ولما بلغت ذورة احتقار سيرتها في الملذات والبذخ والرفاهية، سقطت هذه الغانية على ركبتيها امام الاسقف، وراحت ترجوه بالكلمات التالية وتقول:” ارحمني انا الخاطئة ايها الاب القديس ! عمّدني وعلمني التوبة. انا بحر من الخطايا، ولجة من الهلاك وشبكة وسلاح في يد ابليس “.

فاستجاب الاسقف الصالح بدون تردد، ووعد التائبة بمنحها المعمودية التي شرعت تتوق اليها، ولم يخلف الوعد، فعندما حان الوقت لاقامة السر، تهللت بيلاجيا عندما رأت ان شماسة الكنيسة التقية رومانا ستكون عرابتها.

لقنتها رومانا لاحقا مباديء الحياة المسيحية، اما بيلاجيا التائبة، فراحت تتأمل طويلا وبعمق في باقات خطاياها السالفة وسيرتها الفاسدة، ولم يمض وقت حتى اصبحت نموذجا للتقوى وللاستقامة، وعندما كان ابليس يجربها، كانت تطرده على الفور.

لم ينته الامر مع بيلاجيا عند هذا الحد، بل قامت وجمعت كل ثراوتها الثمينة التي عندها ووضعتها بين يدي الاسقف كي يوزعها هو على المساكين، الذين تحسنت احوالهم بفضل هذه البركة.

انطلقت الى اورشليم مغطاة الرأس، لتبدأ سيرة مختلفة بالكلية، متنكرة بزي راهب تقي يدعى بيلاجيوس، فأقامت في مغارة على مقربة من جبل الزيتون مرتدية ثباب الرجال وعائشة حياة بسيطة قوامها شظف العيش وتكريس القلب، عرفت بيلاجيا في تلك الاسقاع كلها بالراهب الذي لا لحية له، اما امر انوثتها فلم ينكشف الا عند نهاية حياتها.

لم ينس الاسقف نونوس بيلاجيا، وبعد ثلاث سنوات على رحيلها، ارسل يعقوب الشماس الى اورشليم لزيارة صديقه الاخ بيلاجيوس، فعرف يعقوب بقلايتها، فخرجت الى الباب، فحمّل المرأة افضل التمنيات من الاسقف ظانا انها راهب، اما هي فلم تعلن عن هويتها الحقيقية. بل قامت بكل بساطة وشكرته بلطف طالبة منه ان يزورها من جديد بعد حين.

ولدى عودته الى القلاية بعد ايام، وجد يعقوب ان الراهب بيلاجيوس قد رحل. وفقط عند مسح الجسد عرفوا ان الاخ بيلاجيوس كان امرأة !.

رقدت بيلاجيا فى الرب سنة 284م، وكان قبرها على جبل الزيتون.

حياة القديسة بيلاجيا هي شهادة ساطعة على رغبة الله في ان يغفر خطايا جميع الخطأة، مهما كانت عميقة وكثيرة، سيرتها تظهر لنا محبة الله وقبوله لكل البشر بصرف النظر عن سيرتهم قبل اهتدائهم، وأن الغفران الالهي ليس للقلة فقط، بل يعطى مجانا للجميع.