مؤمن سلام

تقول أغلب الإحصاءات ان نسبة المحجبات في مصر تتراوح بين 80 و 90% من المسلمات، إلا أنني أرى أن نسبة المحجبات في مصر لا تتعدى 2% بأى حال من الأحوال.
 
نعم فأنا عندما أنظر إلى النساء في الشارع المصري بعيون الإخواني مؤمن سلام الذي كان يدعو إلى الحجاب في جامعة الإسكندرية منذ ما يقرب من 30 سنة، وليس العلماني مؤمن سلام، وكيف كنت أروج إلى شروط الحجاب الشرعي
 1ـ أن يكون ساترا لجميع بدنها إلا الوجه والكفين على خلاف في الوجه والكفين .
 2 ـ وألا يكون ضيقا يصف تقاسيم الجسم .
 3 ـ وألا يكون رقيقا يشف عن ما تحته .
 4 ـ وألا يكون يشبه لباس الرجال أو لباس الكافرات أو من اشتهر بالفسوق والعصيان .
 5 ـ وألا يكون لباس شهرة .
 6 ـ وألا يكون مطيبا بالعطور أو البخور عند الخروج.
 
هذه هى شروط الحجاب الشرعي التي كنا نروج له في الجامعة في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، ولم يكن هذا الخطاب موجه إلى غير المحجبات فقط ولكن أيضاً للمحجبات اللاتي لا يتلزمن بهذه الشروط ممن كنا نسميهن "المحجبة البريونية" نسبة لمحلات بريوني التي كانت من أوائل المحلات التي تبيع ملابس المحجبات ولكنها لم تكن تتوافق مع هذه الشروط. 
 
بالإضافة إلى مهاجمة ونقد كريمان حمزة المذيعة المحجبة الوحيدة في مصر في ذلك الوقت والتي كانت تقدم برنامج "الرضا والنور" وقامت بعمل عرض أزياء للمحجبات من أجل تحقيق المعادلة الصعبة "محجبة وشيك"، فقد كان ما تفعله من وجهة نظرنا هو نوع من التدليس والضحك على الدقون، فملابسها لا تمت للحجاب بصلة، فمعادلة محجبة وشيك هى في الأصل غير إسلامية، وعلى أي حال هي معادلة لم تتحقق وأثبتت فشلها تماماً في مصر.
 
أى أن الحجاب الذي كان يسعى له الإسلام السياسي المصري هو فرض الخمار أو النقاب على ستات مصر.
 
إلا أن، هذا الحجاب الشرعي لم يلقى القبول المطلوب من المصريات، ولم يحقق "التارجت" المطلوب، فقد قاومته المصريات، بل مالت المصريات اللاتي اقتنعن بفرضية الحجاب إلى "الحجاب البريوني" وليس الشرعي، فالإنسان بالعموم يُحب التمايز عن غيره ويرفض التنميط والقولبة خاصة في الملابس، لذا راحت المصريات يفرضن حجابهن الخاص بعيداً عن ما يُسمى الحجاب الشرعي.
 
وهنا كان أمام الإسلام السياسي طريقين، إما التمسك بالحجاب الشرعي وبالتالي الفشل في تحقيق الهدف السياسي باظهار السيطرة والتحكم، أو التنازل أمام مقاومة الستات المصريات. 
 
فظهر عمرو خالد عام 2001 ليُمثل هذا التراجع الإسلاموي أمام رفض ستات مصر للحجاب الشرعي، بعد أكثر من 20 سنة من التسويق له. وبدأ الإسلام السياسي في قبول "الحجاب البريوني"، إلا أننا نلاحظ هنا أن ستات مصر الذين التحقوا بقطار الحجاب بعد 2001، لم يتلزمن حتى بالحجاب البريوني، بل رحن يتمادين في نسف شروط الحجاب، فظهر البنطلون بدلاً من الجيبة، ثم أخذ هذا البنطلون يضيق، ثم ظهرت لفات الإشاربات ليظهر معها خصلات من الشعر، وتظهر الرقبة مع لفات "الإسبنش"، ثم ظهرت البادي كارينا تحت الفساتين السواريه، ثم أصبحت البادي كارينا مكون رئيسي من الحجاب المصري اليومي، فأصبحنا نرى مصريات محجبات يرتدين الجينز المقطع وتحته البنطلون السترتش الأسود أو بلون الجسم، وأمام كل هذا ظل الإسلاميين يتراجعون، مُقدمين الفقه السياسي على الفقه الديني.
 
فرأينا من يتكلم على أن من تُغطي جزء من جسمها أفضل ممن تعري كل جسمها، ومن تُظهر خصلة من شعرها أفضل ممن تُظهر كل شعرها، ومن ترتدي الجيبة (وليس الجلباب) خير ممن ترتدي البنطلون، ومن ترتدي القميص الواسع خير ممن ترتدي البدي الضيق، كلام إذا وُزن بميزان الفقه الديني فلا مكان له إلا صفيحة القمامة، ولكن إذا وُزن بميزان الفقه السياسي فانها البرجماتية كما وضعها فلاسفتها.
 
وبهذا أستطيع القول أن الإسلاميين انتصروا سياسياً في معركة الحجاب، ولكن هُزموا دينياً.