( 1894- 1939 م )

إعداد / ماجد كامل
من بين واضعي السنكسار في الكنيسة القبطية ؛ يبرز أسم القمص أرمانيوس حبشي البرماوي ( 1894- 1939 ) . وللأسف الشديد لم اجد مصادر كافية تمدني بمعلومات كافية عنه باستنثناء المقال الوحيد البالغ الأهمية الذي كتبه جناب الأب الورع القس باسيليوس صبحي أستاذ تاريخ الطقوس بالكلية الاكليركية اللاهوتية بالقاهرة ؛ والذي نشر في مجلة الكرازة بتاريخ 20 يوليو 2019 . وتاريخ مولده غير معروف علي وجه الدقة ؛ أكثر من انه ولد خلال عام 1894 م ببلدة حصة برما بمحافظة الغربية. ومال منذ طفولته إلي حياة الرهبنة ؛فتوجه إلي دير السريان العامر ؛حيث ترهب هناك وكان ذلك خلال عام 1915 . وعندما سمع عنه  الأنبا يؤانس مطران البحيرة والمنوفية ( البابا يؤانس التاسع عشر بابا الكنيسة القبطية رقم 113 فيما بعد) ( 1855- 1942 )  . ضمه لمدرسة الرهبان بالاسكندرية ؛ وبعد تخرجه بتفوق عاد مرة  أخري إلي دير السريان ؛ وعمل أمينا لمكتبة الدير ؛ فاهتم بتنظيها وترتيبها  . وخلال عمله في تنظيم مكتبة الدير ؛ اكتشف العديد من كنوز المخطوطات بالدير ( سوف نعود إليها بشيء من التفصيل بعد الانتهاء من عرض سيرة حياته ) .  غير أنه اضطر لترك الدير ؛فنزل إلي طنطا وقام بتدريس اللغة القبطية بجمعية الإرشاد هناك . وخدم بكنائس الاسكندرية ؛ ثم دعاه نيافة الأنبا  أثناسيوس مطران بني سويف الراحل وقائم مقام البطريرك مرتين( 1925- 1962 ) لكي يعمل وكيلا للمطرانية في بني سويف  . ثم أستدعاه البابا يؤانس التاسع عشر لمدينة القاهرة حيث كلفه بالعمل  في تنقيح كتاب السنكسار باالتعاون مع كل  المرحوم جرجس فيلوثاوس عوض ( 1867- 1955 )  ( أنظر صورته مع القمص أرمانيوس حبشي ضمن مجموعة الصور الملحقة بالمقالة ) . والقمص عبد المسيح ميخائيل كاهن كنيسة السيدة العذراء بالفجالة  وصدر تحت أسم " كتاب السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل  والشهداء والقديسين والمستعمل في  الكنيسة القبطية الأرثوذكسية " ( لنا عودة لهذا السنكسار  بشيء من التفصيل بعد الانتهاء من عرض سيرة حياته ) .

ولقد أرهق كثيرا من شدة المجهود الذي بذله في  تحقيق الكتب والمخطوطات؛ كذلك تاليف الكتب .  وأشتد عليه المرض كثيرا . ودخل المشتسفي  القبطي  للعلاج . ومع تدهور حالته الصحية ؛قام شقيقه بنقله إلي مسقط رأسه بطنطا ؛ حتي تنيح هناك عصريوم السبت الموافق 29 يوليو 1939 عن عمر يناهز 45 عاما تقريبا .
  

ولقد اثري المكتبة القبطية بالعديد والعديد من الكتب  والمؤلفات القيمة نذكر منها :

أولا :- المخطوطات والخطابات والكنوز التي اكتشفها بمكتبة دير السريان وقام بتحقيقها ونشرها :-
1- خطاب مؤرخ بتاريخ 4951 ش / 1779 م من المعلم إبراهيم الجوهري إلي الانبا بطرس مطران جرجا واخميم والصعيد الأعلي بخصوص بعض احتياجات دير الأنبا بيشوي .

2- نسختين فريديتين من مخطوط هام  يدعي "سر الثالوث في سر الكهنوت" وهو عبارة عن شرح القداس الإلهي لأحد علماء الكنيسة القبطية في العصور الوسطي .

ثانيا :- الكتب التي قام بتأليفها وتحريرها :-
1- سيرة القديس إيلاري أو القديسة إيلارية أبنة الملك زينون .
2- ملحق صغير بكتاب "وادي النطرون للأمير عمر طوسون بعنوان "تاريخ الأديرة البحرية " للقمص أرمانيوس حبشي البرماوي .
3- أعجوبة نقل  جبل المقطم وتاريخ الانبا أبرآم وسمعان الدباغ وتاريخ دير ابو سيفين .
4- بطل الارثوذكسية العظيم ديسقوروس البطريرك الخامس والعشرين .
5- تحقيق وطبع كتاب سفر  الرؤيا لأبن كاتب قيصر  وتكملة الجزء الذي ينقصه ووضع حواشي  مهمة له مع مقارنة نص السفر  بين الترجمتين القبطية البحيرية والصعيدية والعربية .
6- وضع حواشي مهمة في كتاب البصخة ووضع لكل يوم من  أيام هذا الأسبوع العظيم مقدمة تاريخية موضحا فيها أهم ما ورد  في هذا اليوم من أحداث وقراءات .

7- تحقيق  وطبع كتاب السنكسار بالتعاون مع جرجس فيلوثاوس عوض  وطبعه القمص عبد المسيح ميخائيل  كاهن كنيسة السيدة العذراء بالفجالة  بعنوان " كتاب السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء القديسين  المستعمل في   الكنيسة القبطية الارثوذكسية  ( لمزيد من التفصيل رجع :- القس باسيليوس صبحي ؛ مجلة الكرازة ؛ المقالة السابق ذكرها  ) .

وعن هذا السنكسار وأهميته كتب الراهب " أثناسيوس المقاري " في كتابه  الهام " فهرس كتابات آباء كنيسة الإسكندرية ؛ الكتابات العربية ؛ الجزء الأول " فقال عنه تحت عنوان "سنكسار عبد المسيح ميخائيل وأرمانيوس حبشي البرماوي " فقال عنه " وهو كتاب سنكسار من جزئين ؛طبع في القاهرة ؛الجزء الأول 1935 من (383 صفحة ) ؛ الجزء الثاني 1936 ؛ (304 صفحة ) . وأما التغييرات أو الاختلافات عن النص الأصلي ؛فهي تنحصر في التصحيحات اللغوية  والنحوية . وثمة إضافات في الجزء الثاني ( صفحات 299 – 304 ) وهي قراءات بناءة لأعياد القيامة ؛والصعود ؛ والعنصرة ؛ وتدشين كنيسة السيدة العذراء بجبل قسقام . واعتمدت هذه الطبعة – بحسب ما يقول الناشران – علي ثلاث مخطوطات من البطريركية القبطية ؛ أقدمها يعود إلي سنة 1114 شهداء ( 1379م ) ومخوطيتين من دير البراموس (1779م ؛ 1643 م ) ومخطوط واحد من المتحف القبطي هو :- القاهرة ؛ المتحف القبطي ( طقس 155 / أ ب ج / جراف 102 / سميكة 220- 222 ) . وهذا المخطوط به ترجمة من الأثيوبية ( لمزيد من التفصيل راجع الكتاب السابق ذكره ؛ صفحة 597 ) .

ويضيف الدكتور مارك سوانسون في محاضرة قيمة له بعنوان " الإصدارات المختلفة من النسخ المطبوعة لكتاب السنكسار واختلافها "  ألقاها في المؤتمر السنوي لجمعية الأنبا شنودة وجامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس بتاريخ 19 و20 يوليو 2020  وعن سنكسار القمص عبد المسيح البرماوي  قال " وعلي الرغم  من أن سنكسار 1935 يقدم قائمة بمصادره من المخطوطات ؛ فإن الناشر يقول في المقدمة أنه أخذ منها ما أخذ وترك منها ما ترك في إشارة منه الي عدم إدراجه في نسخته ما أعتبره مبالغات . وأهم المخطوطات التي رجعت إليها طبعة 1935 هي ثلاث مخطوطات بمكتبة الدار البطريركية يرجع أقدمها إلي 1114 للشهداء (1398م ) وكذلك نسختين بدير البراموس أحدهما تخص المعلم إبراهيم الجوهري وتعود لسنة 1496 للشهداء ( 1780م ) وأخري تعود لسنة 1360 ش ( 1644 م ) كذلك تقول مقدمة سنكسار 1935 م أنه أعتمد أيضا علي مخطوطتين بالمتحف القبطي ترقيم مرقس سميكة باشا مؤسس المتحف القبطي ( وهذه هي أقدم مخطوطة علي الإطلاق رجعت إليها طبعة 1935 ) . والمخطوطة الثانية بالمتحف القبطي التي أستعانت بها طبعة 1935 فتعود إلي عام 1350 ش ( 1734م ) وترجع أهميتها إلي أن  مخطوطة عربية تترجم السنكسار الأثيوبي وهي المخطوطة في ثلاثة أجزاء وتظهر أيضا تحت أرقام 220-222 -  MS Lit .155a-c تحمل ترقيم المتحف القبطي في ترقيم مرقس سميكة باشا . كذلك ذكر سنكسار 1935 ضمن مصادره طبعة سنكسار فورجيه الصادرة في بيروت في طبعة 1905 وطبعة سنكسار رينيه باسيه في باريس ( طبعة 1926 م ) . ( شكر خاص للأخ الحبيب الدكتور عصام توني لتفضله بإرسال  ملخص المحاضرة لي علي Messenger ) .

وفي محاضرة بالغة  الأهمية لنيافة الحبر  الجليل الانبا مارتيروس أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد ؛ ألقاها في مؤتمر دولي للقبطيات عقد في أستراليا خلال شهر يوليو 2018  بعنوان " النهضة الرهبانية بأديرة وادي النطرون في عهد البابا يؤانس الثامن عشر ( 1770- 1796 م ) عرض نيافته بحثا قيما للقمص  أرمانيوس حبشي البرماوي  حول تعداد رهبان الأديرة بمنطقة وادي النطرون خلال الفترة من1667 إلي عام 1931 م ؛حيث أورد في عام 1780 م ؛ أن عدد الرهبان بأديرة وادي النطرون الأربعة  قفز فجأة إلي 78 راهبا بالمقارنة بالمائة سنة السابقة ؛ حيث كان العدد يتراوح ما بين 10 و14 راهبا  فقط ؛ وهذا يجعلنا نبحث عن الأسباب الحقيقية في فقر هذا العدد سنة 1780 م ؛ ونبحث في أسباب الانتعاش للحياة الرهبانية في منطقة وادي النطرون في هذه الفترة بعد  أن تهدمت الأديرة وقل عدد الرهبان فيها كثيرا جدا في الثلاثة قرون السابقة ويذكر أن هذه الفترة تقع في حبرية البابا الأسكندري يؤانس الثامن عشر ( 1770- 1796 م ) . وكان حال الكنيسة كما هو المعتاد في الازمنة السابقة تتألم من جور الحكام والاضهادات المتوالية  الكثيرة ؛ ومن المعلوم أنه قد بدأت الدولة العثمانية بقيادة السلطان  سليم الأول حملة علي البلاد العربية ؛ فأحتل سوريا ( 1516 م ) ومصر ( 1517 م ) ولكن هذا الجيش القوي  ما لبث أن فسدت دخيلته ؛ واضمحلت سلطة الأتراك في مصر ؛ وعادت الكلمة للماليك ؛ ولكن أخلاقهم انحطت إلي أسفل درك . وفي منتصف القرن الثامن عشر استطاع زعماء مصر ؛وبقية الأمراء من الشراكسة  أن يستردوا نوعا من الاستقلال المحلي ؛وأن يبسطوا حكمهم الفعلي علي مصر ؛ وأن يجعلوا الدولة العثماني أسمية رمزية فقط ؛ومن الأسباب التي أدت  إلي الانتعاش الملحوظ في الحياة الرهبانية في وادي النطرون دور الآباء البطاركة حيث قاموا بدور كبير في إعادة التعمير للحياة الرهبانية ؛ وكان من أهم أولياتهم الرعوية خاصة رعاية الأديرة الأربعة في وادي النطرون ؛ وقد أدي ذلك إلي استقرار الحياة الرهبانية هناك ؛ ومن ثم تزايد رغبة الشباب للترهب . ( لمزيد من التفصيل راجع :- جريدة البوابة :-مؤتمر دولي يكشف ولع العالم بمصر القبطية " بتاريخ 19 يوليو 2018 ) .

بعض المراجع  والمصادر التي أعتمدنا عليها في كتابة المقالة :-
1- القس باسيلوس صبحي :_ الذكري الثمانين لنياحة القمص أرمانيوس حبشي البرماوي ( + 1939 ) ؛ مجلة الكرازة   بتاريخ يوم الجمعة 26 يوليو 2019 ؛ السنة 47 – العدد 29 و30 . صفحة 15 .( والشكر هنا واجب ولازم لجناب الأب الورع القس باسيليوس صبحي لتفضله بإرسال صورة من المقالة إلي وإرسالها علي ال Messenger  ) .

2- الراهب القس أثناسيوس المقاري :- فهرس كتابات آباء كنيسة الإسكندرية ؛الكتابات العربية ؛ الجزء الأول ؛ يناير 2012 ؛ صفحة ( 597 ) .
3- جريدة البوبة نيوز :- مؤتمر دولي بأستراليا يكشف ولع العالم بمصر القبطية ؛بتاريخ 19 يوليو 2018 .

4-  مارك سوانسون :- محاضرة له بعنوان "الإصدارت المختلفة من النسخ المطبوعة لكتاب السنكسار واختلافها ( شكر خاص للأخ الحبيب الدكتور عصام توني لتفضله بإرسال ملخص المحاضرة لي علي Messenger .

5- مريم فاروق :- الأنبا مارتيروس يتحدث عن  النهضة الرهبانية بأديرة وادي النطرون بمؤتمر الدراسات القبطية بملبورن ؛جريدة وطني ؛ 16 يوليو 2018 .

6- شكر خاص للأخ الحبيب الأستاذ نبيل فاروق مدير مكتبة جمعية الاثار القبطية لتفضله بعمل مونتاج لصورة السنكسار المنشورة في المقالة وإرسالها لي علي Messenger .