محمد ابو قمر
 وأنا عيل صغير في سنة تانية ابتدائي كنت متعود دايما وأنا راجع أمشي في شارع العباسي أكبر شارع تجاري في الدينة لأني كنت بحب أمشي في الزحمة وأتفرج علي الناس وهي بتشتري وبتفاصل ، أو هما بيتخانقوا أو بيزعقوا لبعض ، فجأة لقيت زحمة كبيرة ورجالة كتير متكومين ومشدودين تقريبا بيتفرجوا علي حاجه ، حشرت نفسي في وسط الزحمة علشان أشوف إيه إللي شادد انتباهم كده ، لقيت واحد واقف وقدامه ترابيزة وبيلعب عليها التلات ورقات والناس عمالة تحط فلوس علي الورقة المفترض إنها الصورة لكن كانوا دايما بيطلعوا غلطانين والرجل بتاع التلات ورقات هو إللي بياخد الفلوس كلها.

كنت مبهور بخفة إيد الراجل بتاع التلات ورقات وحرفنته وإزاي بيقدر يخدع كل الشنبات دي ويكسب منها الفلوس ، كل مرة الناس تحط فلوسها علي الورقة وهما متأكدين إن دي هي الصورة وأنا كمان أبقي متأكد إنها هي الصورة ، لكن برضه تطلع غلط والراجل اللعيب يكوش علي الفلوس كلها .

في المرة الأخيرة واحد جه يحط الفلوس علي الورقة قام واحد صاحبه ماسك إيده وقاله : كفاية بقي هاتخسر كل الفلوس إللي إحنا جايين نعمل بها مصالح ، مكنتش أعرف ساعتها إن من ضمن إللي واقفين رجالة مع الراجل بتاع التلات ورقات لحمايته لأن فجأة واحد منهم راح ماسك في خناق الشخص إللي منع صاحبه من إنه يحط الفلوس علي الورقة وقاله : سيبه يلعب ..بتمنعه ليه؟ ، واندهشت أنا لما قاله : سيبه يلعب يا أخي كل مهنة ولها مغفلينها.

الكلمة لزقت في دماغي ( كل مهنة ولها مغفلينها ) ، ولحد دلوقتي كل شوية افتكرها : ( كل مهنة ولها مغفلينها ).

دلوقتي معدش حد بيلعب التلات ورقات ، اللعبة اتطورت وخدت أشكال كتيرة ، وبتاع التلات ورقات بقي بتاع حاجة تانية أكثر إغراء وأكثر جاذبية والربح فيها لا يتوقف فقط علي المال وإنما يصل إلي حد مصادرة عقل الزبون وضميره ووجدانه وأخلاقه واللعيب المحترف فيها يتمكن من السيطرة علي كيان من يبتلعوا خدعته وعلي حياته بالكامل ويشل حركته ويجعله تابع ودلدول فاقد القيمة بل فاقد حتي معرفته بنفسه.

لعبة التلات ورقات بشكلها الجديد من الممكن جدا أن يصل ربحها مش بس السيطرة علي الزبون وإنما السيطرة علي الوطن.
بتاع التلات ورقات تحول إلي بتاع ( ....... ).