د. مينا ملاك عازر

في اعتقادي أن اكبر خدمة يمكن أن تقدم إلى الدنيا والانسانية والمدنية هي الغاء فترة النوم من حياة الإنسان، فالنوم مثل العلة, اذ أن الإنسان يقضي ثلث حياته في النوم, وما اقصر عمر الإنسان. 
 
الظاهر أني استغرقت في النوم اثناء تفكيري الفلسفي هذا, فانتميت إلى أحد الاحزاب السياسية في الحلم, ثم رأيت نفسي في قاعة عجيبة غريبة, ورأيت رجل يعتلي منصة من نار ويجلس على كرسي ملتهب وبدأ باستجوابي:
 
- ماهي مهنتك؟
اذا سنحت لي الفرصة من السجن ولم أكن مسجوناً فأنا كاتب.
 
-عن ماذا تكتب؟
عن الهواء والماء وعن هذا وذاك, أعني عن امور بسيطة مختلفة 
قال – حسناً ! لقد اقر واعترف المشتبه به أنه يكتب عن الهواء والماء وعن هذا وذاك.
 لكني لم أقل أني كتبت، قلت اني كاتب، وهذا يعني أني سأ كتب.
- ان كنت كتبت أو ستكتب النتيجة واحدة لن تتغير,, المهم انك نويت الكتابة ام لا؟
نعم نويت, لكني كنت سأكتب عن الهواء والماء وقصدي عن أمور بسيطة.
 
 - كتابتك عن شيء مثل الهواء, تعني أنك ستكتب عن تجارة الدولة التي ارباحها كالهواء, وتجارة الدولة تعني وزير التجارة, والوزير جزء من الحكومة
 
صح أم لا؟
صحيح سيدي الوزير هو جزء من الدولة.
 
- ولهذا السبب أنت اذا, وجهت اهانة إلى الدولة هل فعلت هذا أم لا؟
الظاهر أني حقا فعلت هذا.
 
 - لذلك ساحكم عليك بالسجن وبالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عقاباً على ما فعلت, نأتي الآن إلى ما ستكتبه عن الماء.
 لنأتي سيدي.
 
-  ماذا تقصد بأني اكتب عن الماء, ما هو الشيء البسيط الذي يشبه شرب الماء, الخطب والتصريحات السياسية, ومن يلقي الخطب ويصدر هذه التصريحات؟ الوزراء, ومن هم الوزراء؟ هم الحكومة.
 
اذا, المذنب وجه إهانة إلى الشخصية المعنوية للدولة, هل فعلت هذا أم لا؟
 من الواضع أني فعلت هذا.
 -حسناً, اعترف المتهم بالتهمة الموجهة له, واصدر الحكم بالسجن خمس سنوات عقاباً على التهمة الثانية، أصبح مجموع مدة الحكم عشر سنوات, وارجو منك أن تحفظ عدد السنوات.
نأتي الآن للأمور الاخرى, قال المتهم سابقاً أنه يكتب عن هذا وذاك, من هو ذاك؟ دون شك انه يعني المواطن,  والمواطن جزء من هذه الأمة, اذاً المتهم وجه الإهانة إلى هذه الامة, هل فعلت هذا ام لا؟
 لا اعرف, الظاهر أني فعلت هذا.
-  وهذه خمس سنوات اخرى على هذه التهمة، أصبح المجموع  15  سنة.
نعم أصبح  15  سنة.
-  وماذا تكتب غير هذا؟
لا اكتب شيئاً سيدي.
-لا، اكيد تكتب شيء آخر, اعترف ماذا تكتب؟
 اكتب رسائل.
حسناً! لا داعي  للإيضاح, من المؤكد أن المتهم يكتب رسائل لشخص ما, هل فعلت هذ ام لا؟
 =  نعم سيدي فعلت.
-  وخمس سنوات من هنا اصبحت عشرون سنة.
وكم هي عدد سنوات العقاب التي في نيتكم ؟
 - حسناً هذا السؤال يعتبر توجيه إهانة لموظف على رأس عمله، وأنت وجهت هذه الإهانة, هل فعلت هذا ام لا؟
لم افعل سيدي.
-  اعترف.
نعم فعلت.
بعد ذلك بدأ التداول والهمس بين الهيئة.
- همسات مريبة، لكن .... تهامس مرة ثانية، وشوشة  حسناً ....
- تم تثبيت التهم المذكورة على المتهم, ولأن الذنب لايزال قيد التفكير، ولم يرتكبه المتهم بعد, يعني الجريمة لا تزال ناقصة, قررنا بعد التداول تخفيض الحكم من عشرين سنة اشغال شاقة إلى 19  سنة و 362  يوم ونصف، يعني خفض الحكم يومين ونصف, وحكمنا على المتهم بالنفي إلى نار جهنم لمدة عشر سنوات, واذا وافته المنية قبل المدة المقررة، فأن ورثته سيقومون بتكملة مدة العقاب عنه, واذا لم يتأدب ويعدل عن تصرفاته رغم كل هذا, فأننا نحكم عليه بالاتفاق بأن يثبت على خازوق (قطعة خشب مدببة) على جسر الصراط المستقيم. 
وأثناء ما كان الزبانية يجرّوني لتنفيذ الحكم, استيقظت, وأنا غرقان في عرقي.
تمتمت قائلاً خير اللهم اجعله خير, يقولون أن الحلم يكون عكس ما سيحصل في الحقيقة 
صديقي القارئ، هذه قصة قصيرة للساخر عزيز نيسين، أردت أن أنقلها لك حتى تنقلك بعيداً عن أجواء شبه الحظر الذي نعيشه وتدخلك أجواء النوم الذي تريده الحكومة فنهرب من فخ كوفيد.
المختصر المفيد خير اللهم اجعله خير.