د. مينا ملاك عازر

لم أتابع التهافت الرمضاني على جذب المشاهد، إلا ثلاث مسلسلات كانوا نجيب زاهي زركش، ولعبة نيوتن، وخلي بالك من زيزي، والحديث عن الثلاثة مستحيل فالأولى بترسيخها قيم الحرية الحقيقية التي لا تتنافى مطلقاً مع عاطفة الأبوة والأمومة تلك العاطفة التي تراجعت اليوم في عقول وقلوب الكثيرين والكثيرات أمام حب الحرية وادعاء التحرر والانطلاق، أمر لا يمكنني الحديث عنه في مقال واحد ولا يمكنهم الحديث عنه في مسلسل واحد، لكن هذا لم يمنعني من الحديث عن روعة الممثلين والتتابع الدرامي الذي شابه بعض البطء الذي حببه لنا الممثلين بأدائهم المتميز.
 
أما الثانية وهي لعبة نيوتن التي أشارت لمسألة طالما أشار إليها الرئيس السيسي وكثيرين معه للأمانة، وهي خطورة الطلاق الشفهي وما قد يتبعه من أزمات يستغلها المستغلون، كما أنه يرصد أمر فتاك وهو عدم قدراتنا على الحوار بعضنا مع بعض، ما أسفر للآسف عن أن توشك الزوجة علي الانهيار بل ربما انهارت، لولا أن العقل والقلب يغلب في النهاية، واشار المسلسل للكثير من المسائل التي سلط عليها السابقون عني في الحديث عنها، لذا فلن أطيل، ولن أستطيع أيضاً الحديث عنها كثيراً لعدم وجود  المساحة المتاحة والتي تعطيها حقها.
 
أما خلي بالك من زيزي، تلك الملحمة الخفيفة التي استطاعت أن تسلط الضوء على علاقة الأب والأم بأبنائهم على مدار الأجيال وخنوع الزوج في بعض الأحيان، ذلك الخنوع الغير مبرر بالنسبة لجبروت بعضهن الآن، وخصوصاً لو كان لديهم احد الاولاد مصاب بمرض ال A D H D   وتسبب خلافات بعض الآباء في تفاقم أزماتهم، كل هذه أمور هامة وخطيرة وتستحق الكتابة عنها، كما أنني إذا ما تحدثت عن عبقرية الممثلين والتتابع الدرامي لن أوفيهم حقهم. 
 
لكن هنا سأكتفي بالإشارة لعبقرية الأستاذة أمينة خليل في تجسيد دور المصابة بالA D H D  والزوجة الحالمة بالإنجاب، والمتأثرة بأفعال تربوية خائبة من أبويها، ما أثر على بيتها وهدمه، لكن وجدت نفسها في النهاية حينما وجدت من أحسن التعامل معها ووجهها.
 
كل هذا كان ضروري لأن أستطيع أن أصل لتلك اللحظة من المقال، حيث أتقدم بخالص الامتنان بالسيد محمد ممدوح العبقري الذي وجدناه يبدع في القيام بدورين يكادا يكونا متعارضين التنفيذ، وإن اتفقا في المنبت العصبي والاندفاعي لكن الكيفية في الاندفاع اختلفت، والمظهر في الحالتين القائمة على الشكل الكلاسيكي والشكل العملي بين مسلسلي لعبة نيوتن وخلي بالك من زيزي لا ينم إلا عن عبقرية فنية هائلة استمتعت به وبتمثيله وبأدائه وبحضوره الطاغي في المسلسلين، أتمنى له المزيد من الإبداع ليزيدني عبق من زمن الفن العظيم، خاصة وأنني شاهدته في دوره في فيلم بنك الحظ ومن قبله في جراند أوتيل ما يعكس عبقرية في تنوع أدواره واتقان القيام بها، غير أن تزامن القيام بدورين متعارضين ومتباينين هكذا يبهرني حقا.
المختصر المفيد كل سنة وأنتم طيبين.