د. أحمد الخميسي
قامت أمريكا على إبادة أكثر منة مليون هندي أحمر'> مئة مليون هندي أحمر بأحط الوسائل ومنها تسميم آبار المياه، ورسخت من حينه نظاما بيدوقراطيا واصل دوره في إبادة شعوب أخرى، إلا أن أفظع عمليات البيدوقراطية الأمريكية جرت في 6 أغسطس 1945، حين أسقطت أمريكا أول قنبلة نووية على البشر في هيروشيما وبعدها بثلاثة أيام قنبلة أخرى على نجازاكي، وقتل من جراء ذلك نحو ربع مليون انسان بريء.
 
وبعد بنحو ستين عاما، توفي في نوفمبر 2007 في مدينة كولومبوس الطيار بول تيبيس الذي ألقى أول قنبلة ذرية في العالم على الأرض من دون أن يخامره أدنى شعور بالندم، وعلى العكس صرح بقوله : " إنني فخور لأنني نفذت الأوامر بنجاح.. وأنا أنام كل ليلة هادئا لا أشعر بالذنب"! يقتل مئة وخمسين ألفا ثم ينام قرير العين! هكذا لم تقم البيدوقراطية الأمريكية بإبادة شعب آخر فحسب، بل وخلقت داخل بلادها كائنات شوهاء عديمة الضمير مثل المحترم بول تيبيس.
 
وقد أحيت اليابان الذكرى السادسة والسبعين لجريمة هيروشيما بقرع الأجراس، لعل رنينها يحرك الضمائر، أو يسوق أمريكا للاعتذار عن جريمتها، لكن اليابان والعالم كله لم يتلق أي اعتذار يمنع ولو أدبيا تكرار تلك الجريمة، وعلى العكس من ذلك واصلت البيدوقراطية الأمريكية إبادة شعوب أخرى في فلسطين وأفغانستان وفيتنام والعراق وسوريا ويوغسلافيا واستخدمت في ذلك قنابل النابالم وأخطر الأسلحة الكيماوية في فيتنام واليورانيوم المخصب والفوسفور الأبيض في عدوانها على العراق قبل احتلاله سنة 2003. وبينما قدمت اليابان اعتذارا عن دخولها معركة صغيرة في "  بيرل هاربر" رفض الرئيس الأمريكي السابق أوباما تقديم أي اعتذار عن جريمة هيروشيما وبرر ذلك بقوله : " على القادة أن يتخذوا كافة القرارات إبان الحرب"! وقد صرح قادة الغزو الأمريكي الاجرامي للعراق بأنه لم تكن لدي العراق أي أسلحة دمار شامل، لكنهم جميعا رفضوا الاعتذار عن تمزيق العراق وقتل الملايين من أبنائه وهدم دولته، وقد سجل رئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون في كتابه " حياتي وعصرنا" الصادر 2017  قوله إن: " البنتاجون" كان على علم بأن بغداد لا تملك أسلحة الدمار الشامل ولم يبلغنا بذلك.. إننا لم نتلق معلومات خاطئة فحسب بل وضللنا أيضا".
 
وأفرد الرئيس الأمريكي جورج بوش في مذكراته" قرارات مصيرية" فصلا كاملا للحرب على العراق وانتهى فيه بأن " المخابرات فشلت في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق"! أي أن موضوع أسلحة الدمار كان كذبة وذريعة لهيمنة على نفط العراق وهدم دولة عربية لصالح تقوية إسرائيل. ومع تدمير العراق لا تفكر البيدوقراطية الأمريكية في الاعتذار عن جرائمها في هيروشيما والعراق وغيرها، لكنها تطالب بتقديم الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير لمحكمة جنائية دولية لمحاسبته على"ارتكاب جرائم حرب" !! هكذا تتحدث البيدوقراطية الأمريكية التي هاجت وماجت دفاعا عن الحرية حين أجبرت بيلاروسيا في يونيو هذا العام طائرة على الهبوط في مطار مينسك لاعتقال صحفي كان بداخلها، ونسيت البيدوقراطية تماما صمتها التام وتأييدها لما جرى في يوليو 2013 عندما أجبرت الدول الأوربية طائرة الرئيس البوليفي على الهبوط في فيينا لاعتقال " إدوارد سنودان" موظف المخابرات الأمريكية الذي تمرد عليها!