بقلم - أشرف ونيس 
* هو مخلوق بل كائن بل كائن حي بل بشر بل إنسان ، و هكذا شرع الله ازلاً ان يخلق زمنًا و حين نطق بكلمة قدرته كان الخلق موجوداً ، تنوعت أصل الانواع ليكون البشر هو قمة ذلك الخلق و تاج تلك الخليقة ، تجمعت كما تفرقت أصناف تلك البشر و تشعبت ، إهتدت صفاتهم و طبائعهم  كلٍ فى طريقه و طريقته ، كلٍ فى دربه و ما رست اليه نفسه .

فحين إجتمعت  منهم الصفات البهيمية بمثيلتها من الصفات كانوا فى ذلك اقرب الى الطبيعة الحيوانية '> الطبيعة الحيوانية منها الى الآدمية ، جمعوا فيها العقل مع التوحش ، الفطنة مع الهمجية ، الفراسة مع الافتراس .... فصاروا وحوشا عاقلة او قل عقولاً متوحشة ، لا تبغى سوى الدمار و الهدم و الهلاك فكانوا أهلاً لذلك !!!

وحين التصق رقى السجايا مع جميل الاحساس قابعين فى ذلك بمحيط من الخير المفعم بالجمال و الممتزج بقدر هائلاً من الحق .... كان هذا هو الإنسان فى كل ما تحمله الكلمة من سناء المعانى و صفاء المقاصد و نقاء الاتجاه .... ، الإنسان كما خلقه الله لا كما شكله محيطه و بيئته ... حين علا فيها صوت الشر عن غيره من الاصوات .... .

كانت هذه المشاعر المتأنسة بل الانسان الشاعر هى الكيان الحاوى لكل مظاهر الحياة فى رقى مظهرها و أشكالها ، الوجود فى اجلى تموضع و قيام و تمظهر له .... احتوى على الحياة الكائنة و الكينونة الحية فكان هو الكائن الحى و الإنسان الموجود الذى احتوى بداخله على أسمى قيم الوجود .

استشرقت روحه و استقطبت من أرجاء كونه وقودا روحيا و ايهاما نفسيا مرتكنا الى بعضا من قوى الطبيعة و مظاهرها كالشمس و القمر و البحر و السماء ..... ليرسى و يرسخ الى واحدة من أسرار الكون اللامرئية و الغير خاضعة للعلوم الطبيعية فكان هو ( الالهام ) ، ذلك العنصر و تلك الملَكة التى لا تعترف بالمادة و لا تقر بتحكمها و أحكامها ، لا تعتقد فى قيودها ولا تصادق عليها بأى حال من الأحوال ، تختار احدهم من البشر  فتستجذب من أذهانه شتات الحروف و تشرذم الكلمات و مروراٌ بهما بمراكز العاطفة لديه فإذ به تأخذه الدهشة ليجد نفسه كاتبا رغم انفه و انف الجميع !!!!

* يكتب من التعابير و يعبر من الكلمات ما تعجز عنه اكثر العقول ذكاءً ، و أكبرهم علما ..... ، يصحبه إلهامه الى دروب و طرقات ، الى أعماق و أغوار ، فتمسك أصابعه بإحدى الأقلام فاذ به يتفاجأ بما لم يكن فى التوقع أو الحسبان !!!

* يستجلب فى كتاباته أرجاء من الفرح  لكيانه ، و مزيدا من السعادة لداخله ، وأنماطا من السرور لباطنه و كل اعضاءه ، وحين ينتشى يعكس انتشاءه على غيره ممن يتطلعون الى ما يسطِّره و يبدره من افكار و أحرف و كلمات !!!

* يستحضر من العدم كوناً ، و من التلاشى رسوخاً ، كما انه يخلق من الفناء خلودً و استمرارً و بقاءً ، فيبقى ما يطرحه من عصارة لافكاره وجودا ازليا ، وابدا وجوديا ، يندثر و يموت الجميع بينما تظل هى على قيدا من الحياة !!!

* يتفرد بوحدته بعيدا عن الكل ، كما يستفرد بعزلته جانبا عن الجميع ، فيها يناجى اصوات الصمت فتحدثه ، يخاطب همسات السكينة فتخاطبه ، كما يغازل موسيقى الهدوء فتتبسم له !!!

* قرينه قلم ، و روحه ورق ، و نفسه كتاب ، يتفاعل معهم و يتفاعلوا معه فيتغلغل كل منهم فى الاخر .... فيتربع بذلك على عرش الكون ملكا متوجا ، تمسى الفكرة  عرشه ، و الكلمة صولجانه ، و حروفه و نقاطه دعماً لحكمه إرساءً و رسوخاً و ثباتاً !!!

* وسط تشقق ارضنا يقف هو راويا مرويا ، عاطيا معطاءً ، يقابل جدوبة الحياة مقدما زاداً و شبع و إكتفاء ، تنهل الظمأى من نهر سباحته فتغدو حياتهم زهور و ورودا و أغصان  !!!

* إنه الكاتب الشاعر ، و الشاعر الذى يستشعر إحساس الكلمة فيكتب ليبدع ..... ، رحيقه عبير ، لمساته بلسم ، رثاءه شفاء ، غيابه حضور ، تواجده ضياء ، كما أن  سكونه الهادئ هو عيد و فرح و احتفاء .... الكاتب !!!