سحر الجعارة
(بعد أحداث 2011، قلت إن الدولة المصرية أمامها تحديات كثيرة، تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية ودينية وإعلامية).. خذ هذه الحزمة مجتمعة من السيد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» وفسرها بمنطوق كلماته الصادقة العفوية: (هل نجحت الدولة فى تغيير المسار السياسى خلال حكم «ناصر أو السادات»؟، هل المجتمع المصرى بتكوينه وثقافته فى هذا الوقت كان مستعدا لتقبل ذلك بسهولة؟، هل القدرة الاقتصادية المصرية كدولة كانت تستطيع أن تجابه وتعزز من هذا المسار؟، حجم الوطنية والإقليمية كانت تمكنه من تحقيق ذلك؟).. ولنقرأ سويا مفردات التغيير:

لا يمكن أن تحدّث مواطنا يعيش فى العشوائيات «تحت خط الفقر» عن قانون ازدراء الأديان، إنه يحتاج أولًا إلى مسكن آدمى ودخل شهرى و«حياة كريمة». ويستحيل أن تتوقع من «امرأة معيلة» أن تبحث عن إعادة إحياء الهوية المصرية قبل أن توفر لها دخلا ثابتا وغطاء تأمين صحى «100 مليون صحة».

هذه القضايا ليست هامشية.. إنها عصب المجتمع (الذى تنخر فيه جماعات غيّرت ثقافته وشكلت ثقافة التشكك وعدم الثقة).. وما حدث فى مصر من نهضة عمرانية واهتمام بالفئات الأولى بالرعاية يمكن تدريسه.. فهذه البيئة هى الأرض الخصبة لكل أشكال الإرهاب.. هى التى أفرزت لنا التحرش الجنسى والتناحر الطائفى والغش والفساد.. لقد تسلم «السيسى» شبه دولة، كما وصفها، كان يحكمها «ديناصورات الفساد» من الباطن وتكمن بين ثنايا طبقتها المتوسطة «حاملة القيم» أفكار عدائية ضد الوطن مغلفة بالهوس الدينى ومباركة بعض العمائم.

ليس سهلا أن تحدِّث شعبًا عن الوعى الدينى، عن احترام «حرية الاعتقاد وحرية عدم الاعتقاد» وتقول: «لا يتعارض مع غيرتك على دينك»، بعد أن لقنوه أن المسيحى كافر، وأن الكنائس ليست من «بيوت الله».. لقد تسلم الرئيس «السيسى» الوطن والكنائس تُحرق والقساوسة يتعرضون للاغتيال الممنهج، و«داعش» تطرد المسيحيين من بيوتهم فى العريش.. فتجاوز حتى مفهوم المواطنة: (قبل حوالى 3 سنوات تعهد الرئيس فى منتدى شباب العالم بحماية حرية العبادة للا دينى).. لكنه هذه المرة يحدد بشكل قاطع الهدف: (أنا مش مختلف مع «دول».. لكن بشرط أنه يحترم مسارى ولا يتقاطع معى ولا يستهدفنى ولا يفرض فكره على مصر والمجتمع).. تحقق إذًا قدر من الاستقرار الاقتصادى والسياسى يسمح بمحاربة «الفكر المتطرف» بدلًا من محاربة الإرهاب، أما تجهيل «دول»، فلأنهم كُثر، تتراوح أطيافهم «داخل اللون الأسود» من التحريض على الآخر إلى تمويل التنظيمات التكفيرية.

هذا خطاب مختلف يرتفع لأقصى مراتب المساواة الإنسانية، ويجدده الرئيس على هامش إطلاق «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان».. من حقنا ألا نُضطهد لأننا نفكر، ونرفض تسخير الدين لأهواء وبيزنس البعض.. من حقنا ألا نُوصم بالكفر لأننا نعادى تيار الإسلام السياسى وكأننا نسدد من عمرنا ثمن سقوط عصابة الإخوان عن الحكم.. ستبادر لتسأل: (وهل يمكن ذلك دون إلغاء مادة ازدراء الأديان ورفع خانة الديانة من الرقم القومى.. وحضرتك تضع رِجلًا فوق رِجل؟).. قطعًا، لا يمكن.

أعطوا للرئيس قاعدة جماهيرية تطالب بإسقاط هذه المادة المعيبة، وفّروا له الظهير الشعبى ليواجه ملايين السلفيين والمغيبين والمجاذيب، ثم ارفعوا سقف المطالب لتعديل الدستور حتى!.

فى مجتمع لا يوفر الحماية للفتاة «غير المحجبة» ضد التنمر والتحرش، لا تطلق نظرياتك «وأنت مستريح».. وقبل أن تطالب القيادة السياسية بتوحيد التعليم ليكون «مدنيًا» وفّر بيئة حاضنة لهذا القرار.. الإصلاح ليس «قرارا سياديا».. حتى ثورة 30 يونيو نجحت لأنها كانت «شعبية».

رهاننا على شخص الرئيس واستنارته ليس بديلا لصوت الناس الذى يصل الاتحادية عبر مختلف القنوات.. لقد بادر الرئيس بتغيير الواقع بأدواته وصلاحياته «القانون»، ليغير واقعك أنت الذى تعاميت عن رؤيته: «ختان الإناث، التحرش، زواج الصغيرات.. إلخ».. وواجه «الجماعات دول» بتعيين المرأة فى القضاء وتمكينها من مختلف مراكز صنع القرار.. الرئيس ينصت لصوت الناس جيدا ويستجيب.

سوف تستنكر: فلماذا أشير إلى هذه المطالب؟.. لأنى مواطنة فى هذا البلد، أشارك فى خلق «حالة جماهيرية إيجابية» فى الاصطفاف خلف القائد.

Sagaara21@yahoo.com
نقلا عن المصرى اليوم