نبيل صموئيل
هناك خيط رفيع يربط بين مسوده قانون للأسره سببت إنزعاجا مجتمعيا كبيرا، لكونه يتمحور حول التعامل مع المرأه كأنثى خلقت لتخدم وتشبع الذكر، وعليها ان تأتمر بأمره، وبين اكتشاف جريمه محاوله هتك عرض لطفله في السادسه من عمرها معذبه بلا مأوي من رجل متعلم ويعمل ومتزوج ولديه أبناء والتي سببت أيضا غضبا وإنزعاجا كبيرا مجتمعيا وإعلاميا

ويمكن أن نربط كل ذلك بالإنحدار الثقافي الذي نعيش فيه نتيجه سيطره الفكر السلفي الماضوي الذي ينظر للمرأه بإعتبارها الأنثى التي خلقت لإشباع وخدمه الذكر، وكل ما يدور من بعض رجال الدين! ومن كل الاديان حول لبس المرأه وانه السبب الرئيسي في تعرضها للتحرش وبالطبع هتك العرض
ورغم المحاولات التي تدور في السجالات الإعلاميه حول نفسيه هذا الرجل الذي حاول هتك عرض الفتاه ذات السادسه من عمرها،  إلا أنه من المؤكد أن التحرش سواء في الشارع او المواصلات او العمل او حتي في البيوت يمارس بكثره وما لا نعرفه أكثر بكثير مما نعرفه، بل وكانت لدينا منذ شهور قليله حالات الإغتصاب الجماعي التي تمت في فندق. ولا نعلم ماذا تم في هذه القضيه بالتحديد.

إن قضيتنا الاساسيه هي تجديد الفكر وليس الخطاب فالخطاب هو نتاجا طبيعيا للفكر وهو الاهم، نعم قضيتنا الأساسيه هي تجديد الفكر الديني، وتنوير العقول وإعاده تربيه الأجيال التي تركت لعقود طويله اسيره الفكر الوهابي السلفي الذي يتم التنصل منه الآن في عقر داره،

تُرك الفكر السلفي ليتغلغل في عقول المصريين وفي المناهج الدراسيه وبالتالي المعلمين والقائمين علي إعداد المناهج، وتُرك لبعض الوعاظ ليلعبوا بعقول الناس ويشجعوهم علي التحرش، وقد سمعت يوما شيخا كبيرا قال إن المرأه السافره تخلت عن رخصتها اي الحجاب فلا تُستأذن لمعاكستها،

إن قضيتنا الاساسيه - بجوار ضبط المتحرشين والمغتصبين وإنزال عقابا سريعا ناجزا قاسيا يردع اخرين - هي إعاده بناء الفكر الذي تلوث، وبناء ثقافتنا لتتحرر من الفكر السلفي الماضوي، ثقافه تُبني علي الإحترام والتقدير وعدم التمييز بين البشر سواء بسبب النوع الإجتماعي أو الطبقي أو الديني او المذهبي او أي تمييز آخر، ثقافه تُبني علي الحريه والتفاعل المجتمعي والمشاركه، والذوق العام وتقدير الجمال والقيم النبيله، وعدم التدخل في شئون الاخرين،

ثقافه تؤكد أن الدين لله والوطن للجميع، ثقافه ترفض التدين المظهري ومحاولات إثبات التدين بالمظاهر الخداعه، فلا السجاده بجوار المكتب، ولا الصلاه في الشوارع، ولا العلامات علي الجبهه، ولا تعليق الصور والايقونات والرموز الدينيه علي إختلافاتها، ولا اي مظهر اخر يدل علي التقوي، فالتدين يختلف تماما عن الإيمان والتقوي،

لنخلع عنا هذا كله الفكر المتخلف المتزمت المظهري، ولنعود بمجتمعا حرا مستنيرا ناهضا.

ولن يأتي ذلك إلا بتكوين كتله حرجه من المهمومين والمنشغلين بالقضيه وبجهود جماعيه منسقه، مستشعره الخطر الداهم، وتدفع نحو التغيير  الثقافي بكافه جوانبه، ومن اهم الخطوات الأخري والضرورية إعاده بناء نظاما تعليميا تربويا صحيحا في مضامينه وليس في اشكاله وادواته فقط.