محمد ابو قمر
أنا لا أنظر لحادثة إغتصاب الشيخ للطفلة ، او حادثة فتاة الفستان ، أو كلام عبدالله رشدي ، أو افتكاسات الدعاة التلفزيونجية ، أو تصلب رجال الدين في موضوع الطلاق الشفهي ، أو تسلف كثير من أساتذة الجامعات ، أو الانهيار السلوكي والأخلاقي في الشارع ، أو لظاهرة التنمر ، أو التشدد والتطرف والارهاب أو أي مظهر إجتماعي عجائبي آخر ، لا أنظر لتلك الظواهر علي أنها منفصلة عن بعضها ، حين تتأمل في هذه الأشياء سوف تكتشف أنها جميعها منطلقة من أساس واحد ، وأن هناك رابط - وإن كان غير منظور - يربط بينها بحيث يمكن النظر إليها جميعها علي أنها كلها عملية إغتصاب شاملة ، فليس هناك فرق مطلقا بين الاغتصاب الجنسي واغتصاب العقل واغتصاب الإرادة ، ستكتشف أن العوار والترهل والأزمة التفسية التي أصابت الطفلة التي لم يرحمها الشيخ طوال عام كامل هو ذاته العوار والترهل الذي أصاب العقل نتيجة اغتصابه بالفتاوي والخرافات ، وهو ذاته الترهل والعوار الذي يصيب إرادة الناس نتيجة التصلب والتحجر أمام قضايا إنسانية لا تقبل القسمة علي إثنين.

وهكذا يمكننا القول بأن هناك خطاب يتفرع منه الاغتصاب الجنسي ، والاغتصاب العقلي ، واغتصاب الإرادة ، واغتصاب الوعي .
الحوادث متنوعة حتي يخال لك أنها حوادث فردية ، أو حوادث طارئة ، أو شاذة ، كل هذه التوصيفات خادعة ، وهذا الخداع موجود أيضا في ثنايا القاعدة أو الخطاب الذي تتفرع منه هذه الظواهر ، ووجود هذا الخداع ضروري للحيلولة دون إمكانية الربط بين هذه الظواهر ودون كشف الغطاء عن الأسباب الرئيسية للعدوان الجنسي والعدوان علي العقل وتكبيل الإرادة ومصادرة الوعي.

اغتصاب الطفلة ، وحادثة فتاة الفستان ، والانهيار السلوكي والأخلاقي ، والتنمر ، والكراهية ، واحتقار المرأة ، والتطرف والارهاب ، والتخلف ، والجمود والتحجر والتصلب ، ليست سوي محض تنوعات يفرزها شيء واحد.