قال محللون ومذكرات بحثية إنه من المتوقع أن يؤثر اتجاه البنك المركزي الأمريكي إلى إنهاء برنامج شراء الأصول ورفع الفائدة خلال الفترة المقبلة سلبا على استثمارات الأجانب في أدوات الدين بالدول الناشئة.

وأشارت التوقعات إلى مصر ستكون من ضمن الدول المتأثرة، ولكن هذه التداعيات لن يكون لها تأثير على أي مستوى آخر سواء حدوث نقص في العملات الأجنبية بالأسواق أو أسعار الصرف.

وأعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) قراره مساء أمس الأربعاء بتثبيت أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية عند ما بين صفر و0.25% بعد اجتماع استمر يومين.

ولكن الاحتياطي الفيدرالي أعلن في بيانه أمس رسميا عن بدء التناقص التدريجي في برنامج شراء الأصول قريبا، وهو ما ألمح إليه رئيس البنك أنه ربما يكون في نوفمبر الشهر بعد المقبل، بالإضافة إلى الإشارة إلى أن البنك أصبح أكثر استعدادا لرفع أسعار الفائدة في وقت أبكر مما كان متوقعا، أي في عام 2022 بدلا من 2023.

ومن المتوقع أن يؤدي رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نزوح مبالغ كبيرة من استثمارات الأجانب من الأسواق الناشئة إلى السوق الأمريكي مع ارتفاع أسعار العائد المتوقع على السندات الأمريكية.

وتوقعت رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، أن تتأثر استثمارات الأجانب في أدوات الدين بالأسواق الناشئة سلبا بتداعيات الرفع المرتقب لأسعار الفائدة الأمريكية واقتراب إنهاء برنامج شراء الأصول.

وقالت رضوى السويفي لمصراوي إنه من المتوقع أن يبدأ ظهور هذه التداعيات على نهاية العام الحالي أو مع أول العام الجديد 2022.

وأضافت أنه من المحتمل أن تنخفض الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية بنسبة 30% من القيمة الحالية لها، ولكن ذلك لن يؤثر بشكل ملحوظ على سعر صرف العملة.

وأكدت رضوى استعداد مصر لمثل هذه التداعيات في الوقت الحالية من خلال امتلاك احتياطي ثانوي من النقد الأجنبي ووجود فائض من الأصول الأجنبية لدى البنوك، كما أن مصر مرت بمثل هذه التجربة مرتين في عامي 2018 و2020 بسلام ودون تأثير ملحوظ.

وكان الدكتور محمد معيط وزير المالية أشار في تصريحات له مؤخرا إلى أن 20 مليار دولار خرجت من استثمارات الأجانب في أدوات الدين عقب جائحة أزمة كورونا.

ولكن الحكومة المصرية استطاعت معالجة تداعيات هذا الخروج من خلال استخدام جزء من احتياطي النقد الأجنبي بالإضافة إلى اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي، وهو ما أدى إلى استقرار أسعار الصرف.

وتؤيد شركة برايم لتداول الأوراق المالية، في مذكرة بحثية لها اليوم الخميس، ما تتوقعه رضوى السويفي بشأن استعداد مصر لمثل هذه التداعيات.

وقالت برايم: "تقف مصر الآن على أساس أقوى مقارنة بالتخفيض الأخير لشراء الأصول بعد التنفيذ الناجح للإصلاح الاقتصادي لعام 2016، بالإضافة إلى ذلك فإن إعادة بناء الاحتياطي من العملات الأجنبية بعد ذروة الجائحة في 2020 هي فكرة جيدة أخرى".

وأضافت: "كما هو الحال بالنسبة لمعظم الأسواق الناشئة، يتمثل القلق من التناقص التدريجي في نشاط تدفقات رأس المال الخارجة، حيث ستهدأ التجارة في فروق أسعار الفائدة بين الدول، وعلى الرغم من ذلك ليس كل الأسواق الناشئة في سلة واحدة".

"علينا أن نتذكر أن الأسواق الناشئة أصبحت الآن غير متجانسة أكثر مما كانت عليه قبل سنوات، وأن المخاطر التي تواجهها من السياسة النقدية المتشددة للولايات المتحدة ليس مجرد نتيجة لعوامل كلاسيكية مثل الديون الخارجية المرتفعة والديون المرتفع بالعملة الأجنبية للقطاع الخاص المحلي"، وفقا لبرايم.

وأضافت برايم: "يمكن أن تلعب عوامل أخرى دورا في ذلك، بما في ذلك المرونة الاقتصادية في وقت جائحة كوفيد 19، ومواقف السياسة الاقتصادية المتوازنة التي عززت القدرة على امتصاص الصدمات والتي جاءت جميعها لصالح مصر".
هل تحتاج مصر لاتخاذ إجراءات تجعلها أكثر استعدادا؟

قالت شركة برايم في مذكرتها إنه من المتوقع أن تحافظ السلطة النقدية في مصر على موقفها النقدي الحالي ثابتا خلال الفترة المتبقية من عام 2021 وعام 2022 بأكمله من أجل مواجهة تداعيات التناقص التدريجي في برنامج شراء الأصول، وذلك في حال إذا ظلت توقعات التضخم ثابتة بشكل جيد حول مستهدف البنك المركزي المصري.

وثبتت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة السابعة على التوالي خلال اجتماعها الأخير يوم الخميس الماضي لتستقر عند 8.25% للإيداع و9.25% للإقراض.

ويأتي ذلك بعد ارتفاع معدلات التضخم السنوية للشهر الرابع على التوالي في أغسطس الماضي ليصل إلى مستوى 6.4% لإجمالي الجمهورية، و5.7% للمدن.

وحدد البنك المركزي مستهدفا لمتوسط معدل التضخم السنوي في الربع الأخير من عام 2022 عند 7% بزيادة أو نقصان 2%.

وقالت برايم إنه من المرجح أن تكون الدولة أكثر نشاط هذا العام وأوائل عام 2022 في الاستفادة من الأسواق الدولية لتلبية احتياجاتها التمويلية المتزايدة بما في ذلك سوق السندات الدولية وسوق الصكوك والسندات الخضراء.

وطرحت مصر، اليوم الخميس، سندات دولارية متعددة الشرائح للمرة الثانية خلال العام الجاري، لمدد تتراوح بين 6 سنوات إلى 30 عامًا.

ووفقا لما نقلته بلومبرج ورويترز، تسعى مصر لجمع نحو 3 مليارات دولار من السندات الدولارية، في الطرح الجديد.

وقالت رضوى السويفي إنه يمكن أيضا إتمام ربط الديون المصرية عبر منصة يوروكلير خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيساعدها في جذب مستثمرين استثمارا طويل الأجل وهو النوع الذي لا يخرج من استثماراته بسهولة وبالتالي خفض التأثر بتداعيات رفع الفائدة الأمريكية نوعا ما.